لقد قتلت وإلى الأبد الخوف، وروح الهزيمة في عقولنا وقلوبنا.. نعم.. إن أعظم ما يمكن أن يحصل عليه الفرد أو الأمة هو عدم الخوف... لا بمعنى الجرأة الجسدية فحسب، بل بمعنى غياب الخوف من العقل.
ما نعرفه أن حكام «إسرائيل» عقب عدوان حزيران عام 1967 اعتقدوا أنه لن تقوم للعرب قائمة قبل نصف قرن من الزمان على الأقل، ونذكر قول وزير الحرب الإسرائيلي موشيه دايان عندما دنست قدماه تراب الجولان، يومها سئل عن حدود «إسرائيل» فأجاب بصلف وغرور وعنجهية جوابه الشهير: حدود «إسرائيل» حيثما يصل حذاء الجندي الإسرائيلي.
أمام هذا الصلف وأمام تهرب حكام تل أبيب من تنفيذ القرارات الدولية، وفي مقدمتها القراران 242 و338 اللذان يطالبان «إسرائيل» بالانسحاب الفوري من جميع الأراضي المحتلة التي احتلت بقوة العدوان في حزيران 1967..
أمام كل ذلك كان لابد من ضربة توقظ الإسرائيليين من حلمهم الوردي الذي رسموه لأنفسهم على خديعة نصر حزيران، وبالتالي إيقاظ العالم الذي ظهر ما بين عامي 1967 و 1973 وكأنه سلّم بالأمر الواقع وما يعنيه ذلك من مخاطر على العلاقات في الساحة الدولية عندما تقوم أي دولة في العالم تشعر أنها تمتلك القوة التي تمكنها من احتلال أراضي الدول الأخرى بالعدوان على تلك الدول.
لقد سقطت خرافات الوهم، واهتزت العقائد الأساسية والعسكرية لإسرائيل، ودحضت المزاعم الزائفة القائلة بتفوق «إسرائيل» على العرب، ينقل صحفي إسرائيلي يدعى «زيفا ياديف» عقب الحرب عن امرأة إسرائيلية قولها: «طوال سنوات كان المحللون العسكريون والمعلقون والاختصاصيون والقادة والجنرالات المتقاعدون يؤكدون لي باستمرار أننا نتمتع بعمق استراتيجي وبتفوق عسكري ساحق، وطوال أعوام خلت، كان هؤلاء يقولون: إن الجندي العربي ضعيف وهياب، وإن الزمن يعمل لمصلحتنا وإن جميع الصواريخ التي يملكها العرب صدئة، وإن القوات العربية لا تجيد استعمال الأسلحة الحديثة، وإنه إذا ما استعرت نيران الحرب فستكون قصيرة وخاطفة ولن تستغرق أكثر من تسعين دقيقة، ولكن أخذ هؤلاء القادة فجأة يصرحون بأشياء مختلفة تماماً عما قالوه في السابق.
يقول بنحاس سابير وزير المالية الصهيوني آنذاك: «كان بيننا وبين النهاية خطوة واحدة»، فسقط الغرور الذي أخذ من قادة الكيان مبلغه، وتهاوت نظرية الأمن المزعوم التي صيغت في أعقاب نكسة حزيران، وتصدع ركناها الأساسيان: الحدود الآمنة، والقوة العسكرية المتفوقة، ولم تكن الانعكاسات العميقة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي بأقل أثراً.
لقد كانت حرب تشرين التحريرية وقفة عز قومية لا تنسى، وكانت - ولا تزال - عنواناً من عناوين حروب الحرية والاستقلال على مر العصور والدهور.. و لا نعتقد أنه من التكرار القول: إن قائد تلك الحرب الخالد حافظ الأسد أدرك وببعد نظر ثاقب، ورؤية مستقبلية لا تخطئ أن القوة هي الطريق إلى السلام العادل والشامل، وهي السبيل الوحيد أمام العرب لاستعادة كرامتهم وثقتهم بأنفسهم قبل استعادة الأرض والحقوق.
كما ليس تكراراً القول: إن الرئيس الخالد كان رجل سياسة من طراز نادر، فهو قاد سورية والعرب إلى الحرب عندما كان الأمر يتطلب أن تكون الحرب... وقاد سورية والعرب إلى طريق السياسة والسلام عندما أضحت الظروف الدولية تقتضي من العرب التوجه إلى الطريق السلمي عبر مفاوضات مؤتمر مدريد وهو في كل مواقفه وسياساته إنما كان يعمل من أجل أمته قبل سورية، ومن أجل قضية العرب المركزية فلسطين، قبل الجولان السوري المحتل.
وإذا كنا في هذه العجالة نستعيد بعض نسائم تشرين 1973، فإننا لابد أن نشير إلى أن هذه الروح ساكنة فينا أبداً ، وأن الخط النضالي الذي رسمه القائد الخالد حافظ الأسد هو نفسه الذي تسير عليه سورية الحضارة والتاريخ اليوم مع قائدها الرئيس بشار الأسد.. لنجدد ذكرى تشرين وروحها ونعمل على استكمال أهدافها التي رسمها القائد الخالد، ويتابع مشوارها السيد الرئيس بشار الأسد مخلصاً لهذه الأمة العظيمة، عاملاً من أجل استعادة الأرض والحقوق وصنع السلام العادل والشامل الذي ينهي حالة العدوان التي لا تزال تهيمن على منطقتنا العربية بفعل السياسة العدوانية والإرهابية التي تنتهجها «إسرائيل» اليوم بقيادة صقور حزب العمل... في حكومة «وحدة وطنية»!
أكدت للعرب والعالم أنه لا توجد كلمة سلام في القاموس الإسرائيلي... وأن اللغة الوحيدة التي يتقنها الإسرائيليون هي لغة الإرهاب ولا نقول لغة الحرب والعدوان فقط.
لنتذكر تلك الأيام بكل الخشوع والإكبار، ولنترحم على صانع تلك الحرب وقائدها، ولنعاهد القائد بشار الأسد على المضي معه وحوله من أجل انتصارات جديدة وغدٍ أفضل ورخاء وعمل وأمل.