فور اعلان نتائج استطلاعات الرأي لدى الخروح من مكاتب التصويت حيث حقق الحزب الاشتراكي المعارض في اليونان بزعامة جورج باباندريو فوزا ساحقا على منافسه حزب الديمقراطية الجديد بزعامة رئيس الوزراء كوستاس كرامنلس . وحصل الحزب الاشتراكي بعد فرز 90٪ من الاصوات على أكثر من 43٪ مقابل 35٪ لحزب الديمقراطية الجديد. وقال باباندريو امام انصاره بعد فوز حزبه بأغلبية 160 مقعدا من اصل 300 نقف متحدين لمواجهة المسؤولية الكبرى الممثلة في تغيير بلادنا الى دولة للعدالة و التضامن و الانسانية و التنمية الخضراء . كما دعا باباندريو الى بذل المزيد من الجهد الوطني لتوضع البلاد على مسار الانتعاش و التنمية و الابداع مشيرا الى ان المشكلات في البلاد تحتاج الى عمل دؤوب داعيا الى طي صفحة الماضي . هذا وسيواجه الاشتراكيون قضايا هامة تتمثل في نسبة البطالة المرتفعة والعجز في الميزانية و الهجرة غير الشرعية ونظام الضمان الاجتماعي . ووعد باباندريو بخطة لحفز الاقتصاد حجمها ثلاثة مليارات يورو على اساس فرض ضرائب على الاغنياء و مساعدة الفقراء . من جهته هنأ كوستاس كرامنلس الزعيم الاشتراكي بعد ان اعترف بالهزيمة وقدم استقالته من رئاسة الحزب المحافظ مضيفا انه يتحمل المسؤولية عن الهزيمة وسيبدأ اجراءات انتخاب رئيس جديد للحزب . و خسر كرامنليس تأييد العديد من الناخبين عقب سلسلة الفضائح الحالية التي اثرت على الحكومة في ظل مزاعم الفساد التي أدت لاندلاع اسوأ موجات شغب تشهدها اليونان منذ عقود.
وبابانديو هو حفيد جورج باباندريو (الكبير) أحد كبار السياسيين الاشتراكيين اليونانيين، وأول رئيس للحكومة اليونانية بعد الحرب العالمية الثانية.
ووالده هو أندرياس باباندريو الذي ترأس الحكومة ثلاث مرات وعرف بمواقفه المناوئة لواشنطن، ونجح في جذب اليونان خارج حلف الأطلسي وجعلها أحد البلدان في حركة عدم الانحياز في زمن الحرب الباردة.
وقد نجح جورج باباندريو خلال الفترة الأخيرة بعد هزيمة حزبه مرتين في انتخابات 2004 و2007، في اقناع الناخبين بخطته الرامية إلى اعادة الحيوية إلى الأسواق خلال 100 يوم والتي استلهم فيها استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كما تعهد بالتفاوض من اجل التوصل إلى اتفاق جديد مع المفوضية الأوروبية. وباباندريو، عالم الاجتماع بحكم دراسته، معروف بمواقفه لدعم الأقلية المسلمة التي كانت مهمشة والتي تتركز اساسا في شمال اليونان عندما كان وزيرا للخارجية. وبعد ان كان متهما بالتساهل مع واشنطن، عاد خصومه للاعتراف بحنكته السياسية وقدرته كوزير للخارجية قبل عقد من الزمان، بعد ان نجح في رأب الصدع الذي كان قائما مع الخصم التقليدي لليونان أي تركيا. فبعد خمس سنوات فقط من المواجهة التي كادت أن تؤدي إلى صدام عسكري بين اليونان وتركيا بسبب عدد من الجزر غير المأهولة في بحر إيجه، تمكن باباندريو من التوصل إلى حل سلمي مع نظيره التركي في ضوء التوجه اليوناني الجديد إلى تأييد مطلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ورغم ما يقال عن خطابه المعتدل إلا أنه مقاتل شديد المراس. وقبل عامين مني باباندريو بأسوأ هزيمة سياسية يواجهها حزبه الاشتراكي أمام الحكومة المحافظة في الانتخابات العامة التي جاءت في ضوء مقتل 77 شخصا بفعل حرائق الغابات التي انتشرت في أرجاء واسعة من اليونان. وقد أدى هذا الفشل إلى حملة شديدة من الهجوم عليه حتى من جانب الصحف المتعاطفة أو تلك المحسوبة على تيار الاشتراكيين. ولكنه عاد ففاز باقتراع على الزعامة في حزبه، وتمكن من دعم موقفه وقاد الحزب للفوز في انتخابات البرلمان الاوروبي التي أجريت في حزيران الماضي متفوقا على منافسه كرامنليس.
يعقد الجميع حاليا الآمال عليه في اخراج اليونان من الأزمة الاقتصادية الحالية.