تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الجامعة العربية ..للمّ الشمل أم للتآمر والتحريض ؟

شؤون سياسية
الأثنين 9-7-2012
د. عيسى الشمّاس

في سابقة لا مثيل لها في تاريخ الجامعة العربية ، أن تصبح هذه الجامعة مأوىً للمجموعات المتمردة أو المعارضة ، التي تسعى إلى تقويض نظام وطني في دولة عربية عضو مؤسّس وأساسي في هذه الجامعة ،

تنفيذاً لأوامر خارجية معادية لهذا النظام لأنّه لا يستجيب إلى مصالح دول وأجندات مشاريعها التي تتعارض مع المصالح الوطنية والقوميّة . فبعد اجتماعات القمم العربية لبحث المشكلات والتحديات التي تواجه الأمة العربية والاتفاق على الحلول المناسبة لها ، انحدرت الجامعة إلى أدنى مستوى لها لتحتضن عصابات مأجورة من الذين يسعون إلى تدمير أوطانهم لخدمة مشاريع أجنبية.‏

وضمن هذالسياق، استضافت الجامعة جماعات ما يسمّى (المعارضة السورية ) التي عقدت اجتماعاتها على مدى يومي ( 2و3 / 7/2012 ) برعاية مشبوهة من بعض ممثلي الجامعة من المشايخ والأمراء ( الأعراب ) ، المطعمين بجرعة لقاح ثلاثية الأبعاد ( الرجعية ، العثمانية ، الاستعمارية ) ، ليكونوا عوناً لتلك المعارضة المنفّذة لأبعاد المؤامرة التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في سورية ، من خلال الإمعان في سفك الدماء السورية البريئة وتخريب مؤسّسات الدولة والمجتمع .‏

فلم تكتفِ (الجامعة)، التي لم يبقَ من عروبتها إلاّ الاسم الذي كاد أن يتبرّأ منها ، بما قامت به ضدّ سورية ، من خلال تجميد عضوية سورية في الجامعة ، واستصدار قرارات متتالية من المقاطعة الاقتصادية والسياسية ، إلى التحريض ودعم العصابات الإرهابية المسلّحة ضد الشعب السوري الوطني ، حتى تمادت في مواقفها التآمرية المكشوفة إلى حدّ احتضان جماعات المعارضة / المتمرّدة / الرافضة لأي حلّ وطني سلمي ، ودعوتها إلى عقد اجتماع موسّع تحت مظلّة هذه الجامعة ، متجاهلة وجود الدولة السورية ، بنظامها وشعبها الذي عبّر عن استنكارها لكلّ ما صدر عن تلك الجامعة من مواقف وقرارات جائرة بحقّه ، سواء في متطلبات حياته اليوميّة أم في أمنه واستقراره .‏

فبدلاً من أن تكون الجامعة العربية عامل توحيد جهود السوريين مع دولتهم من أجل المصالحة الوطنية الشاملة ، واجتياز الأزمة بمسؤولية وطنية يتحمّلها الجميع ، أصبحت طرفاً أساسيّاً ، إلى جانب المعارضة الرافضة، في مواجهة الدولة السورية ، بعدما ارتهنت إلى مشايخ النفط وأصحاب الدولار ، حيث تتلقّى الأوامر والتوجيهات من غرف عملياتهم ، حتى أصبحت عامل تأزيم للوضع السوري يعقّد إيجاد الحل المناسب في الإطار العربي الذي كانت سورية ترغب في تفعيله منذ بداية الأحداث المؤلمة .‏

لقد برز ( نبيل العربي ) الأمين غير المؤتمن على ميثاق هذه الجامعة ومهمّاتها العربية ، وكأنّه زعيم المعارضة ضد (النظام السوري ) ، يتحدّث باسمها ، ويتبنّى مطالبها في تغيير هذا النظام الذي يصفه بأوصاف تعبّر عن مدى ارتباط هذا ( العربي ) بمشروع المؤامرة على سورية، وتورّطه في التعامل مع الجهات التحريضيّة داخل الجامعة وخارجها ، حيث أخذ موقع ( سعود الفيصل ) الذي كان تغيّبه عن هذا الاجتماع مستغرباً ، وهو ثالث الأثافي مع (حمد وأوغلو)، في رسم محاور كلّ اجتماع وتبادل الأدوار الكيدية والتحريضيّة ضدّ الدولة السورية .‏

تبارى المتحدّثون الداعون لهذا الاجتماع، في الكذب والتضليل والافتراء على الدولة السورية ، من خلال المواقف المزيّفة والتحريض المكشوف المعادي لمصلحة الشعب السوري ، وحسبهم أنّهم حريصون على سورية وشعبها ، وهم في الحقيقة يعقدون حلقة جديدة في سلسلة المؤامرة على سورية ، من خلال الوقوف العلني والصريح إلى جانب المعارضة وحثّها على توحيد صفوفها لتتمكّن من تنفيذ ما تؤمر به ، ولا سيّما بعدما منيت بخيبة أمل كبيرة من نتائج اجتماع ( جنيف ) في نهاية حزيران الماضي حول الوضع في سورية .‏

ولكنّ هذه المعارضة المشتّتة ،المتنافرة في طبيعتها ومصالحها ، المتعارضة في أساليب تفكيرها وعملها، أظهرت خلافاتها العقائدية وخلفياتها السياسيّة والاجتماعيّة ، ولم تتّفق إلاّ على دعم العنف والإرهاب وعصابات الجيش الحرّ للاستمرار في التخريب وللمزيد من سفك الدماء السورية ؛ تراشقوا التهم والشتائم ، تشابكوا بالأيدي وغيرها ، انسحب بعضهم واحتجّ بعضهم ، ولم يستطيعوا الاتفاق على ما أسموه (وثيقة العهد ) وأي عهد يصل إلى حدّ الاختلاف على مضمون العبارات الأساسيّة في هذه الوثيقة ، ولا سيّما أوهامهم حول تغيير النظام، هل يتمّ من خلال ( إسقاط النظام أم تنحي النظام ) ، أمّا شكل الدولة السورية التي يحلمون واهمين أنّهم سيصلون إليها، هل هي (دولة مدنية أم دولة علمانية) ،وكأنّ الدولة السورية الوطنية القائمة ، هي دولة ملكية أو إماراتية مستبدّة، كما عند بعض أسيادهم من الأعراب ،أو هي دولة رجعية ذات طابع عنصري أو ديني متطرّف كما هي الحال عند بعضهم الآخر . وهذا كلّه يعبّر عن نوايا حاقدة ، ومصالح فئوية لا علاقة لها بالمصالح السورية الوطنية .‏

فالدولة السورية قوية بمؤسساتها الوطنية في مواجهة كلّ أشكال التآمر، والنظام الوطني باقٍ بإرادة شعبيّة صلبة ؛ وليكتبوا من وثائق ما يشاؤون، ويتّخذوا من قرارات كما يريدون ؛ وستبقى الوثيقة الأصلية هي الوثيقة المكتوبة بدماء الشهداء الأبرار من أبناء الوطن الشرفاء ، الوثيقة التي تعبّر عن عمق الانتماء الوطني والتمسّك بالوحدة الوطنيّة ؛ وسيبقى القرار الوطني الحرّ هو قرار الشعب السوري الأصيل الذي ينبذ الخونة والمتآمرين ويحبط أي مخطّط يستهدف المساس بسيادة الوطن وتمسك وحدته الوطنية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية