تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدروع الصاروخية..هل هي رهانات مقبولة؟

لوفيغارو
ترجمة
الأثنين 9-7-2012
ترجمة: سهيلة حمامة

الدفاع المضاد للصواريخ يوازي في أهميته «حرب النجوم» بحسب مفهوم رونالد ريغان، رئيس أميركا سابقاً، أي الدرع المستقبلي وغير الواقعي، المخصص للتصدي لأي هجوم نووي شامل... في ذلك الوقت، عارضت فرنسا بشدة الدرع الصاروخي تحسباً من أن يفضي هذا المشروع بالاتحاد السوفييتي إلى تعزيز قدراته الدفاعية الذاتية، ما يعرقل قوة الردع الفرنسية، ويرغم فرنسا على مزيد من الإنفاق في سبيل تعزيز مصداقيتها...

رغم ذلك، سارعت فرنسا، في قمة الناتو، التي انعقدت في شيكاغو، مؤخراً لتأييد ودعم مشروع الدفاع عن أراضي الحلفاء...ثمة أمور كثيرة تغيرت خلال ثلاثين سنة الماضية..فالدفاع المضاد للصواريخ أصبح أمراً واقعاً في أميركا وإسرائيل واليابان كذلك.. روسيا مازالت تحتفظ بدرعها، ويسعى الغرب بالمقابل لتدارك أي هجوم روسي شامل فضلاً عن بحثه المضني عن كل السبل الممكنة للحفاظ على أمن أراضي الحلفاء من أي تهديد يأتي من دول شرق أوسطية، الأمر الذي يدفع بقادته للتحفظ والتردد حين يقتضي الواقع الدفع بفرنسا لحماية مصالحها في المنطقة أو التدخل بها بموجب تفويض أو تصريح...‏

وبطبيعة الحال تتوجه أهداف فرنسا في صون حرياتنا وأعمالنا وضمان خطواتنا، نحن الشعب الفرنسي وكذلك تعقيد حسابات خصومنا ولكن، هذه المشاريع لن تفضي إلى قلب المعطيات رأساً على عقب في كل الأحوال...‏

إن التطرق لمسألة الخطورة المتعلقة بـ« سباق التسلح» لا ينطوي على أهمية قصوى، ولن تتأثر بالتالي مصداقية«الردع» الروسي وإن في الطور الأخير من تحقيقه والمتوقع له عام 2010 وفي الأساس، تبدو معارضة موسكو للمشروع إياه أنها ترتدي طابعاً سياسياً لاغير...‏

ومن المؤكد أن فرنسا تحوز قوة ردع نووية علماً أنها عاجزة عن التصدي لجميع الأخطار المحتملة.. المهم في الأمر تبني وجهات نظر الأعداء أو الخصوم في حال الحديث عن «الردع» وفي المقابل، ينبغي تدارك الأمر والأخذ بالاعتبار فرضية الازدراء بالقرار الفرنسي القاضي بضرورة حماية مصالح فرنسا الحيوية.. كما إن فرنسا بوسعها الانطلاق من مبدأ كون القوى الإقليمية سوف تستوعب بالتمام منطق الحكومة الفرنسية الخاص بـ«الردع» وأن بوسعها مشاركة هذه القوى بالعقلانية الذاتية الخاصة بها.. وبناء على ذلك، تم اجماع فرنسي حول فكرة تقول إن الدفاع المضاد للصواريخ تحديداً قد يشكل عنصراً مكملاً ومفيداً للردع..وقد حصلت فرنسا، في قمة «الناتو» إياها على ضمانات مكتوبة هي: أولاً، الدفاع المضاد للصواريخ لن يكون بديلاً عن الردع..‏

ثانياً، سوف يخضع التزامها وانخراطها في المشروع إياه لمراقبة سياسية صارمة...‏

ثالثاً، سوف يتم ضبط التكاليف والتحكم بها...‏

رابعاً، لن يشكل المشروع تهديداً لروسيا، ولن يتوقف الحوار مع موسكو في كل الأحوال...‏

خامساً، التزامها التام والمستمر في هذه القضايا تحت مظلة الناتو، سوف يمنحها ثقلاً ووزناً أكبر مما كان عليه الأمر سابقاً..‏

على أن الأمر يقتضي من فرنسا كل الحرص على تنفيذ هذه الشروط الخمسة على المدى الطويل، وضمان تماسك المشروع رغم التهديدات المحتملة، وذلك بالحفاظ على العلاقة القائمة بين التكلفة والمكاسب الهامة..‏

الجدير ذكره أن مساهمة الحلفاء المالية من أجل دعم نظام القيادة والمراقبة بلغت أكثر من 200مليون دولار.. قد يكون المبلغ معقولاً ولكن تكلفة الطائرات المعترضة والمحملة بالرادارات والرؤوس النووية، الواقعة على عاتق أميركا تقدر بنحو عدة مليارات بالنسبة للأوروبيين الطامحين لحيازتها.. ومع ذلك مافتئت النتائج غير مرضية بشكل تام نتيجة الخطر المحدق بالفقاعات المالية والعجز شبه التام عن تجنبه خصوصاً وأن الكونغرس الأميركي يمارس ضغوطات شديدة ومكثفة على الأوروبيين بهدف تعزيز وتوسيع مساهماتهم...‏

وفي نهاية المطاف ينبغي علينا، نحن الشعب الفرنسي، أن نحرص على عدم ترك أميركا تتمتع لوحدها بميزات المشروع.. ولعل الاستثمارات الأوروبية في مجال الرقابة والاستكشاف على نحو خاص سيكون مثمراً ومفيداً...‏

وهنا يتحتم على حكومتنا المثابرة في إظهار مزيد من الحذر والتيقظ الدائمين لكي لاتؤثر طبيعة التزام الأوروبيين في مشروع الدفاع المضاد للصواريخ على استقلالها الاستراتيجي الذاتي، وهذا الأمر سوف يشكل مفارقة عندما تهرع أميركا لفك ارتباطها بالقارة العجوز، وتشجيع شركائها على تحمل مزيد من الأعباء والمسؤوليات....!!‏

 بقلم: برونو تورتريه - أستاذ علوم جيوسياسية‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية