تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفكر النسوي ورؤاه المتباينة في محاولة تغيير العالم

ملحق ثقافي
29/9/2009
روزا ياسين حسن

في منتصف العام 2006 افتتح عمدة باريس «ديلانويه» جسراً جديداً على نهر السين، أطلق عليه اسم: «سيمون دو بوفوار»،

في محاولة لتخليد تلك الفيلسوفة والكاتبة الفرنسية القديرة. لكن تسمية ذلك الجسر أرّخت ربما لعمل دلالي كانت حركة التاريخ تقوم به، وهو الاعتراف بكون «سيمون دوبوفوار» ومثيلاتها من المفكرات النسويات، الأقل شهرة ولكن لسن الأقل أهمية، قد استطعن أن يزحزحن ثبات المجتمعات الذكورية وكن بمثابة الجسر الواصل بين ضفاف الأجيال النسوية المختلفة فكرياً وفلسفياً، أو الجسر الطافي على الموجات النسوية المتعاقبة التي تختلف وتتقاطع وتتقابل لكن تبقى حرية المرأة هي هاجسها ومحركها الأول والأساسي.‏

إعادة الاعتبار للمصطلح‏

على الرغم من أن النسوية كفكر فلسفي بدأت بالانتشار في العالم أجمع منذ ما يقرب القرن إلا أن تصادياتها العربية مازالت خجلة حتى اليوم. ففي الوقت الذي مازال النقاد العرب يناقشون فيه وجوب تكريس مصطلح الأدب النسائي أو عدم تكريسه وصلت الحركة النسوية الأوروبية والأميركية، ومؤخراً الحركة النسوية الملونة، إلى مناطق نعجز للأسف عن استيعابها أو التكهن بها. وربما كان رفض النسوية، كمصطلح بالدرجة الأولى، يتأتى من عموم النظرة الدونية إلى أي مصطلح يختصّ بالمرأة، تلك النظرة التي جعلت من البعض يجفل من التصنيف ولا يسعى إلى معرفة التباين بين المصطلحات. وربما كانت هذه النظرة هي التي أدت إلى حصر التفكير في مصطلح النسوية باعتباره إهانة ذكورية موجهة إلى النساء. فتضمر لفظة النسائي في الخطاب العربي معنى الدفاع عن الأنا الأنثوية، باعتبارها ذاتاً لها هويتها المجتمعية والإنسانية. فيواجه «النسائي» الرجل لا بصفته الإنسانية بل كآخر هو تاريخياً قامع ومتسلّط. كما يمكن أن تعبر ردة الفعل العنيفة تجاه مصطلح النسوية إلى خوف من احتمال خلخلة النظام الذكوري السائد منذ آلاف السنين، فالعلاقات التراتبية بين الجنسين وصلت بعد كل ذلك الزمن إلى قناعات راسخة في لاوعي الأفراد رجالاً كانوا أم نساء.‏

يمكننا القول بداية إنه لا وجود لنسوية واحدة يمكن لجميع النسويات والنسويين تبنيها، بل هناك نسويات مختلفة تندرج ضمن مدارس وتيارات وأجيال وموجات سأتحدث عنها جارياً، ولكل منها موئلها الثقافي والاجتماعي وحتى الفكري المغاير. وتحويل اللاوعي الخاص بتراتبية العلاقة بين الرجل والمرأة، والذي تحدثت عنه آنفاً، إلى وعي ثم تفكيكه للتخلّص منه هو ما تحاول النسوية فعله. وهي كمصطلح لا تعني بالتأكيد التعصب الأعمى والشوفيني للنساء، بل تعني بالعموم إعادة الاعتبار لكل ما يتعلق بالهامش عرقياً وأثنياً وطائفياً وثقافياً وجنسانياً بالتأكيد، وبما أن النساء هن من أكثر الهوامش اضطهاداً فقد كن من أول الهوامش حاجة للإنصاف. وعلى الرغم مما أُخذ على الحركة النسوية في بداياتها من هيمنة النساء على عضويتها إلا أنها عادت اليوم لتصحيح ذلك، وبعد مدة ربما أضحى عدد النسويين من الرجال في العالم يقارب عدد النسويات، فلم يعد اعتناق الفكر النسوي مقتصراً على النساء فحسب لأن تحرير النساء يعني بالضرورة تحرير الرجال من أدوار القمع والهيمنة والصور النمطية التي تمّ زجهم فيها على طول الزمن. أما الجهد الفكري الذي بذلته الحركات النسوية، وما تزال تبذله، في تحالفها مع الحركات والتيارات الاجتماعية والسياسية والثقافية الباحثة عن التغيير فيصبّ في كونها حركة ثورية تغييرية تهدف إلى تغيير النظرة المكرسة للمرأة تاريخياً. وإذا حاولنا أن نستعيد التعريف الأكاديمي للنسوية فهي: منظومة فكرية أو مسلكية مدافعة عن حقوق النساء وداعية إلى توسيع حقوقهن. وقد عملت النسوية الكندية «لويز تزبان» على تعريف النسوية باعتبارها انتزاع وعي فردي في البداية ومن ثم وعي جمعي تتبعه ثورة ضد موازين القوى الجنسية والتهميش الكامل للنساء في لحظات تاريخية معينة.‏

تعاقب الأجيال النسوية‏

وفي الحديث عن التصنيفات النسوية، إن صح التعبير، فلطالما حاول فلاسفة وفيلسوفات الفكر النسوي أن يميزوا بين مصطلحين هما: الأجيال النسوية والموجات النسوية، فهما مصطلحان يفيدان تحقيبين مختلفين على الرغم من كونهما يرمزان لمعنى الترتيب والتصنيف لعمل التيارات النسوية التي هي اليوم من أهم التيارات الفكرية الفلسفية في العالم الغربي، لها انشقاقاتها ومساجلاتها وتاريخها وفلاسفتها كأي حركات فلسفية أخرى.‏

يمكننا القول بداية إن الفكرة النسوية المتبلورة بدأت مع الجيل الثاني من المشتغلات بالحركة النسوية من مبدأ المساواة، وكان الهادي لها نظرية «سيمون دوبوفوار» التي كانت أشبه بمنارة لها: (لا يأتي المرء إلى العالم كامرأة، بل يجعلون منا كذلك) وذلك في كتابها: الجنس الآخر 1949. إثر الحرب العالمية الثانية بدأت مجموعة من النساء الأوروبيات الباحثات والناشطات، اللواتي سمين اصطلاحاً بالجيل الثاني من فيلسوفات الحركة النسوية، بلعب دور مهم في التحليل والنقد النسوي وفي انتقاد القوانين الظالمة بحق النساء. وقد أدى استخدام مقولة الجنوسة (الجندر) إلى انبثاق اتجاهين، الأول هو اتجاه «سيمون دوبوفوار» ذاته القائم على عدم التمييز الجنساني بين الرجل والمرأة وعلى تماثلهما ومساواتهما الكاملة. كانت المرأة في نظر ذلك الجيل كائناً كالرجل لا تختلف عنه إلا بالتربية الاجتماعية التي جعلتها تتصرف كالنساء وتشعر مثلهن. وحتى لو اختلفت مع هذه الفكرة فلا يمكنني أبداً نسيان ريادتها في بناء مفهوم حرية المرأة أولاً، ثم دلالاتها في كشف الفرق بين النسائي (كمصطلح اجتماعي جنساني) والأنثوي (كمصطلح بيولوجي) والنسوي (كمصطلح ثقافي)، والاختلاف بين الحقيقة البيولوجية لكل من الذكر والأنثى والحقيقة الاجتماعية الطارئة باعتبارهما رجلاً وامرأة. ومن هنا ساهم هذا الرأي بخلق مفهوم الجندر (النوع الاجتماعي) الذي كانت دو بوفوار من أهم المنظرات له. هذه الفكرة المكرسة تجد تصادياتها في جيل كامل من المشتغلات بشأن المرأة في الغرب في الأربعينيات وحتى السبعينيات من القرن الفائت، ولا يبدو لي أن ما كتبته الألمانية «أورزولا شوي»، في كتابها: أصل الفروق بين الجنسين 1977، كان مجرد تصادٍ لتيارات النسوية الاشتراكية، ذلك أن جملتها الواضحة: (الناس كائنات اجتماعية، بيولوجياهم ذريعة لتعيين هويتهم الجنسية، فالناس المؤنثون بيولوجياً يتربون كنساء والمذكرون بيولوجياً يتربون كرجال) كانت تمثل كنه الفكر النسوي لذلك الجيل الثاني بغض النظر عن الإيديولوجيات الحاملة لكل تيار نسوي فيه. ويمكننا أن نلاحظ أن تلك الأفكار مازالت تتمتع بتصاديات عربية هائلة لها حتى اليوم، وأعتقد أن السبب هو الحامل الإيديولوجي والسياسي والاجتماعي، على وجه الخصوص، الذي يجعل نشاط النساء العربيات في العموم، وفي ظل التخلف الذي ترزح فيه مجتمعاتهن، ينتمي إلى بدايات عمل الجيل النسوي الثاني.‏

أما الاتجاه الآخر الذي انبثق عن الحركة النسوية بعد الحرب العالمية الثانية فيرى أن هناك ماهية لكل جنس، وأن العوامل البيولوجية مؤثرة بالدرجة الأولى على الطبيعة البشرية، وكانت ما تزال مقولاتهم قليلة الصدى في ذلك الوقت، سموا فيما بعد بالجيل الثالث من الحركة النسوية. من أهم فيلسوفاته «جوليا كريستيفا» التي لها ريادة العمل على تفكيك الخطاب النصي الذكوري ومن ثم حذت حذوها كل من «إلين شوولتر» و»هيلين سيكسو» وغيرهما. عمل ذلك الجيل الثالث من الحركة النسوية على تعميق مفهوم الاختلاف بين الذكر والأنثى ومحاولة تعميق هذا الاختلاف شرط الندية بينهما وانتفاء التراتبية، وطالب بفرص متساوية للمرأة والرجل مع الإصرار، وتوالي الإصرار، على تفرد الطبيعة الأنثوية للمرأة والمختلفة عن الطبيعة الذكورية للرجل. كما عمل الجيل الثالث على نقد منظومة التضاد الثنائية (أبيض- أسود، ليل- نهار) وبنية التفكير البطريركي التي تقوم على التعارض والتراتب وليس على الندية والاختلاف والتنوع والتلون. على الرغم من انتمائي إلى أفكار الجيل الثالث إلا أنها وصلت باعتقادي إلى طريق شبه مسدود ومغلق كنظرية، وكان لا بد من تطويرات متلاحقة لها حتى لا تقع في ذلك الفخ. ومن ذلك نشوء حركات نسوية جديدة في الهامش تحاول تطوير أو تعديل حركات المركز القديمة وهذا ما سأتحدث به تالياً.‏

الموجات النسوية العالمية‏

استكمالاً للتصنيف فقد عملت «سارة غامبل» في كتابها: «النسوية وما بعد النسوية» على تسليط الضوء على الموجات النسوية العالمية، حيث شكلت موجة الجندر (الذي سميته قبلاً الجيل النسوي الثاني) الموجة النسوية الأولى والتي حقّقت حصول النساء إلى حقّ التصويت الانتخابيّ. وموجة الاختلاف (الجيل الثالث) الموجة النسوية الثانية، وهي نسوية السبعينات التي عكست خبرات النساء البيض اللواتي ينتمين إلى الشرائح العليا من الطبقة الوسطى في سعيهن لتمكين المرأة الاقتصادي والسياسي. بيد أن الفكرة النسوية، التي راحت تنضج أبعادها في النصف الثاني من القرن العشرين، أتت بداية كثورة مضادة للنظرية كما قلت، مضادة للمطلق والسلطات والمغلق والثابت، وعمل كلّ تنظير نسويّ في مختلف المجالات، الإبداعية والسياسية والاجتماعية والقانونية، تحت ظلّ تلك المسلّمة النسوية القائلة بأنّها فكرة مضادّة لجمود النظرية. لكنّ مرور الزمن قاد الفكر النسويّ ربما إلى المطب الذي انقادت إليه معظم الأفكار والتيارات والمعتقدات الثورية عبر التاريخ، أي قادها للتحول إلى ما يشبه نظرية مغلقة تحاكم كل من يخرج عنها. لذلك كان على الموجة النسوية الأخيرة، تلك التي تتلخص في الحركة النسوية الملوّنة التي خرجت كردّة فعل على المركزية النسوية البيضاء، أن تقلب أداءها وتغيّر من أدواتها تغييراً جذرياً، بل حتى أن تتعاطى مع الكثير من المسلّمات النسوية باعتبارها أفكاراً قابلة للنقاش والاختلاف معها. فانبثقت موجة نسوية جديدة سميت: الموجة الثالثة، راحت تزدهر في أواسط الثمانينيات وما زالت تزدهر حتى اليوم، تألفت من مجموعة حركات وجماعات نسوية أخذت أفكارها من تجارب نسويات العالم الثالث. وقد رأت تلك الموجة أن تحرر النساء الثالثيات لا يعني تقليدهن لتجارب الآخرين، بل أن تكون حركاتهن النسوية نابعة من معتقداتهن الخاصة، وإلى حد كبير تقاليدهن وعاداتهن، مع الإصرار على خلخلة تلك التقاليد والمعتقدات المسيطرة. فأعادت الموجة الثالثة ربط العمل النسوي مع العمل السياسي، وحاولت الوقوف في وجه المظالم الاجتماعية الواقعة على المرأة بدون تطرف، كما حاولت خلخلة الفكرة الثابتة للموجة الثانية بأن الفروق بين الجنسين فروقاً أصلية في طبيعتها، وتمّ التركيز على المناطق المشتركة بين العرق والجندر، بمعنى آخر تم التركيز على أهمية العوامل البيولوجية المميزة بين الرجل والمرأة والعوامل الاجتماعية كذلك في تكريس صور نمطية لكل منهما. هذه الموجة ركزت أيضاً على العمل النسائي الميداني، وإبداعياً ركزت على العمل الوثائقي وعلى نبش قصص النساء وما إلى ذلك. ويمكن اعتبار مصطلح «ما بعد النسوية» تعبيراً قريباً نوعاً ما من المشروع النظري والفكري الذي رافق إطلاق الموجة النسوية الثالثة، على الرغم من رفض الكثير من تياراتها النسوية لهذه التسمية. وقد كانت «حركة النساء السوداوات» من أهم تيارات تلك الموجة النسوية. وتعرّف «سارة غامبل» هذا المصطلح بأنه نسق معرفي تعددي مكرس لإبطال أنماط التفكير التي ترمي إلى العمومية. وترى كل من «ليزلي هايوود» و»جينفر دريك» منظرتي الموجة الثالثة أن الاختلاف الأساسي بين الموجة الثالثة والموجة الثانية هو أنّ النسويات في الموجة الثالثة لا يجدن بأساً من التناقض، لأنّهنّ نشأن وسط بنيات نسوية متنافسة فأصبحن يقبلن التعددية كأمر مسلّم به.‏

التيارات النسوية منذ السبعينيات وحتى اليوم‏

بعيداً عن التصنيف المرحلي العام الذي أفادت به الأجيال والموجات النسوية فقد كان هناك العديد من التيارات النسوية المختلفة التي تفيد معنى التعدد الفكري وتباين وجهات النظر، خصوصاً فيما يخص الأسباب التي أدت إلى تهميش المرأة واستضعافها. ويفيد اختلاف تلك التيارات أيضاً اختلاف الحلول والاستراتيجيات لمواجهة تهميش النساء. ولغاية سبعينيات القرن العشرين كانت الحركات النسوية تتكثف بطريقة ما في ثلاثة تيارات أساسية الليبرالية، والاشتراكية (الماركسية)، والمتطرفة (الراديكالية). باستعراض مقتضب وسريع فإن النسوية الليبرالية نشأت كامتداد لفكر الثورة الفرنسية الليبرالي، حيث مبدأ المساواة والحرية هو الأساس، وكذلك المطالبة بحقوق للمرأة مساوية لحقوق الرجل في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وهذا التيار يؤمن بقدرة النظام الرأسمالي على تحقيق الكمال للحياة الإنسانية. أما تيار النسوية الاشتراكية فيعتقد بارتباط ظهور الملكيات الخاصة في التاريخ مع قمع المرأة، فتوريث الملكيات الخاصة عمل على زجّ العلاقات الإنسانية ضمن مؤسسات اجتماعية وعلى توزيع المهام اعتماداً على أساس التمييز الجنسي. فأضحى الرجل مالكاً والمرأة تابعة مملوكة. ويرى هذا التيار أن نظام العمل الرأسمالي يعتمد على ثنائية الرجل العامل: المنتج والمرأة: الأعمال المنزلية المجانية التي لا تعتبر من ضمن الإنتاج، حيث اعتمدت ذلك التيار على مقولة «إنجلز» بأن قيام الرأسمالية والملكية الخاصة أكبر هزيمة للجنس النسائي. لكن التيار النسوي الاشتراكي اقتصر في تفسيراته على البعد الطبقي، وأصر على عدم اعتبار الفعل النسوي قائماً بحد ذاته كفعل له أثره، بحجة عدم تشتيت القوى خارج ميدان الصراع الطبقي. لكن بعد التغيرات التي أصابت العالم وانهيار المنظومة الاشتراكية انشق التيار إلى اتجاهين الأول سمي بـ «النسوية الشعبية» الذي ربطت العمل من أجل المساواة بين الجنسين بالعمل ضد الفقر والعنصرية والقضايا الإنسانية الأخرى في العالم، وتيار سمي بـ «الأجر مقابل العمل المنزلي» عملت ناشطاته على كشف حجم الإنتاج غير المعترف به في الاقتصاد وهو العمل الاستغلالي الذي زجّت النساء مجاناً فيه (تدبير المنزل والولادة وتربية الأطفال...). أما التيار النسوي الثالث وهو «النسوية المتطرفة» فقد حاول أن يرمم النواقص التي رآها في التيارين السابقين حين أكد على أن الفكر البطريركي الذكوري الذي عمّ مناطق العالم وثقافته هو الأساس في التمييز بين الرجال والنساء وهو مستقل عن التمييز الطبقي. ومن بين أعمال هذا التيار محاولات استعادة النساء لحقهن في ملك أجسادهن وإعادة الاعتبار لثقافة خاصة بهن إلى حد الانفصال عن الرجال والعيش في مجتمعات نسائية مستقلة.‏

بعد السبعينيات بدأ التنظير للفكر المثلي عبر تيار جديد سمي «تيار النسويات المثليات» رأى بأن التمييز بين الرجل والمرأة يتبلور بشكل أساسي في العلاقات الجنسية بينهما، ولمحاربة هذا التمييز ينبغي اجتثاث الجذر وهو العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة وخلق علاقات مثلية يكون الطرفان فيها متساويين.‏

من أجل تغيير العالم‏

بعد المرور السريع على بعض الاختلافات النسوية للموجات والأجيال والتيارات ربما أمكنني القول إن النسوية، بمعناها الفلسفي والفكري وتطبيقاتها الإبداعية والاجتماعية والسياسية، لم تعد ضرورية فيما يخصّ تحرر النساء فحسب بل هي ضرورية لتغيير وجهات نظر العالم في كل ما حدث له ابتداء من الظلم الواقع على شرائح وطبقات وشعوب كاملة وصولاً إلى الخراب الذي يسير إليه. بالتالي تأتي ضرورة النسوية لتغيير العالم جذرياً، ومن ذلك خلخلة الفكر الذكوري المسيطر الذي دمّر البيئة الطبيعية وعمل على توسيع الفوارق المعيشية بين الأفراد والشعوب، كما عمل على ازدياد الحروب والويلات التي جرها الإنسان على بني جنسه في محاولاته للهيمنة على الأرض. فمنذ عقد الثمانينيات دخلت التيارات النسوية خضم الكوارث البيئية، وظهر تيار نسوي بيئي ارتفعت شعبيته في دول العالم الثالث. تتلخص مقولته في أن المرأة تشبه الطبيعة وتتعرض للاستغلال والعنف ذاته الذي تتعرض له الطبيعة ومواردها، وثقافة السلام المعادية للرأسمالية والتي تقدس الطبيعة والشعوب هي وحدها التي تستطيع إلغاء الاستغلال والتمييز اللذين تتعرض نساء العالم وطبيعتها له. هذه الثقافة النسوية الجديدة برؤاها الجديدة تسعى لخلق عالم أكثر رحابة وسلاماً وقبولاً للآخر والأهم أكثر رأفة بالتعامل مع الطبيعة التي أعطت النساء سرها الكبير في الخلق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية