تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تهويـــد فلســطين وســـرقـة التــــاريخ

شؤون سياسية
الأربعاء 30-9-2009م
نبيل محمود السهلي

اهتمت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 بالآثار الفلسطينية الدالة على عروبة فلسطين وهويتها الحقيقية، وقد تم تشكيل لجان من علماء الآثار الاسرائيليين بغية البحث الأركيولوجي في كافة أماكن فلسطين التي أنشئت عليها اسرائيل في أيار من عام 1948،

وكان الهدف من وراء ذلك تزوير التاريخ عبر تزوير الآثار الفلسطينية وإعطاء صبغة يهودية لها، ولم تسلم الأوابد التاريخية في المدن الفلسطينية الرئيسية مثل: (عكا ويافا والقدس وطبريا) من الاجراءات الاسرائيلية لجهة تهويدها عبر تزوير الكتابات على جدران تلك الأوابد، وعلى سبيل المثال لا الحصر تم تزوير الكتابات التاريخية داخل قلعة قرية صفورية التي تعتبر أكبر قرى الجليل الفلسطيني ولم تسلم الأزياء الفلسطينية سواء تلك المتعلقة بلباس المرأة أوالرجل على حد سواء من عمليات السرقة والتزوير.‏

حيث شاركت اسرائيل بمعارض دولية في دول أوروبية مختلفة وعرضت فيها أزياء فلسطينية على أنها أزياء اسرائيلية، وذلك رغم أنها جزء من هوية الشعب الفلسطيني، حيث لمنطقة الجليل خاصية ولكل منطقة ميزة تمتاز بها عن المناطق الأخرى سواء بالحبكة أو الرسومات التي تطبعها بطابعها الخاص.‏

ولم تتوقف السلطات الاسرائيلية بعد احتلالها للضفة والقطاع في عام 1967 عن سياساتها الرامية إلى سرقة الآثار الفلسطينية ومحاولات تهويدها على طريق تهويد الزمان والمكان في نهاية المطاف.‏

وفي هذا السياق تشير الدراسات المتخصصة بالآثار الفلسطينية إلى أن الآثار في الضفة الفلسطينية تتعرض منذ عام 1967 لمزيد من عمليات السرقة والبيع من قبل إسرائيل، وقد تفاقمت تلك الظاهرة بعد انطلاقة انتفاضة الأقصى في نهاية شهر أيلول من عام 2000 وأشارت دائرة الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية إلى تعرّض مايزيد عن 500 موقع أثري وأكثر من 1500 معلم أثري فرعي للسرقة والتدمير من قبل لصوص الآثار والاحتلال الاسرائيلي إلى جانب تعرض عدد من مراكز القرى التاريخية لأعمال التدمير الكلي أو الجزئي، كما أكدت تلك الدائرة أن الآثار والتراث الفلسطيني يواجهان مخاطر كبيرة نتيجة استفحال ظاهرة السرقة والاتجار، وهو مايهدد باستنزاف الموارد الثقافية والاقتصادية لفلسطين، وتشير الدراسات الفلسطينية إلى أن من أسباب هذه الوضعية انهيار نظام الحماية في المناطق الفلسطينية بفعل السيطرة الاسرائيلية عليها، وبالتالي وقوعها تحت إدارة الاحتلال المباشرة، هذا فضلاً عن أعمال التدمير التي يقوم بها جيش الاحتلال لمواقع التراث الثقافي كما جرى في القدس ونابلس والخليل وبيت لحم وغيرها من المواقع الأثرية في المدن والقرى الفلسطينية المختلفة.‏

وتبعاً لذلك تعتبر عملية التصدي لتوسع وانتشار ظاهرة سرقة الآثار والاعتداء على المواقع الأثرية الفلسطينية من أكبر التحديات التي تواجه الفلسطينيين للحفاظ على إرثهم الحضاري المهدد للتهويد وفق سياسات اسرائيلية مبرمجة، بالتهويد، الأمر الذي يتطلب نشر وعي ثقافي مجتمعي فلسطيني من خلال إعلانات وندوات علمية وتوعوية في كافة المراحل الدراسية لمواجهة التحدي الاسرائيلي الجديد القديم، كما يتطلب الأمر توفير الإمكانيات المادية والمعنوية لدائرة الآثار في السلطة الوطنية الفلسطينية وإقرار قانون برنامج وطني عاجل لمواجهة هذه الظاهرة خصوصاً من خلال برامج التوعية والتثقيف والتربية والتنسيق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لمكافحة هذه الظاهرة، ومن المفيد نشر دراسات عربية وفلسطينية بلغات أجنبية مختلفة لشرح المخاطر الاسرائيلية التي تهدد الآثار الفلسطينية الدالة على الهوية العربية للمدن والقرى الفلسطينية.‏

ويشار إلى أن الباحثين الفلسطينيين في مجال التاريخ يؤكدون أن الآثار الفلسطينية تشكل ثروة كبيرة وتمثل في ذات الوقت جزءاً هاماً من الاقتصاد الوطني الفلسطيني وخاصة أن أساسها التنوع الحضاري الذي يعود إلى أكثر من 200 ألف سنة خلت.‏

وفي هذا الإطار تشير الدراسات أيضاً إلى وجود أكثر من 3300 موقع أثري في الضفة الغربية وثمة عدد من الباحثين يؤكدون أنه في كل نصف كيلو متر من مساحة فلسطين يوجد موقع أثري ذو دلالة على الهوية الحقيقية لفلسطين.‏

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى الآثار المدمرة للجدار الاسرائيلي على مستقبل الآثار والأوابد الفلسطينية حيث ستؤدي عملية الاستمرار في بناء الجدار العازل في عمق أراضي الضفة الغربية سيؤدي في نهاية المطاف إلى ضم أكثر من خمسين في المائة من مساحة الضفة الفلسطينية، من جهة، كما سيضم مايزيد عن 270 موقعاً أثرياً رئيسياً من جهة أخرى، هذا فضلاً عن 2000 معلم أثري وتاريخي إلى جانب عشرات المواقع الأثرية والأوابد التاريخية التي تم تدميرها في مسار بناء جدار الفصل العنصري خلال المراحل السابقة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية