تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفغـانستـان ...الــــداء هـــو الــــدواء

جون افريك
ترجمة
الأربعاء 30-9-2009م
ترجمة: دلال ابراهيم

بما أن رياح الحرب في افغانستان تجري عكس ما تشتهي سفن الدول الغربية هل في انعقاد قمة قبيل نهاية العام الجاري بداية الحل؟

في الحقيقة تعتبر مطالبة كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا في عقد مؤتمر دولي حول افغانستان قبيل نهاية العام الحالي بمثابة صفارة انذار والجدير مباركة مبادرتهم تلك التي تنبئ عن خطورة الوضع.‏

حيث ادرك الاوروبيون، وعلى غرارهم الاميركيون شيئا فشيئا أن الحرب ضد طالبان لا تجري كما كان متوقعا لها. وخسائرهم فيها سواء البشرية أم المادية ترسم خطا منحيا نازلا. ولاسيما وقد بدأ الرأي العام الغربي يتحرك ويطالب بتحديد جدول زمنى للانسحاب. ورغم اطلاق بعض التصريحات المثيرة للتفاؤل على غرار تصريحات الامين العام لحلف الناتو انديريس فوغ رازموسن، إلا أن الحقيقة تقول إن ليس ثمة بارقة أمل في آخر هذا النفق، لقد تحولت الحرب فيها إلى شرك قاتل. ويخشى أن تسدد هذه الحرب ضربة مؤلمة إلى جيوش واقتصاد الدول التي تورطت بها.‏

وكذلك تعرض للخطر مستقبل التحالف الأطلسي وولاية الرئيس الاميركي باراك اوباما. فضلا عن أنها تعتبر حرباً تدميرية وتخريبية بالنسبة لافغانستان. ويمكن أن يشكل قصف طائرات الناتو في الرابع من شهر ايلول المنصرم لصهاريج نفط في مدينة قندوز وسقوط اكثر من مئة قتيل انعطافة في هذا الصراع. الأمر الذي أثار سخط كافة الشعب الافغاني.‏

هذا وتبرز هذه الحرب الفشل الذريع لتكتيك التحالف الاطلسي على الارض وضعف الاستراتيجية العسكرية المتبعة.‏

وللغرابة ، لايزال الغرب يلجأ الى الوسائل العسكرية في حربة مع طالبان في وقت يقر معظم المسؤولين السياسيين، وعلى رأسهم الرئيس اوباما أن الحل ليس عسكريا وحسب، ومن أصل 100 ألف جندي من الدول الغربية هناك 68 ألف جندي اميركي، ومن الممكن استدعاء المزيد من أجل تعزيز القوات الموجودة. ومنذ عام 2001 استنزفت هذه الحرب من الميزانية الاميركية مايقدر بـ 220 مليار دولار. وفي تلك الحاله نتساءل ما العمل؟‏

أحد الاحجار الاساسية في تلك اللوحة المعقدة هي وضع مقاتلي قبائل الباشتون، هؤلاء المتمسكون باستقلالهم بقدر معاناتهم من الفقر فهم يعيشون في جبال جردة وعرة وفي اودية تربط جنوب افغانستان بشمال غرب باكستان عبر خط دوران، ذلك الذي رسمه البريطانيون في نهاية العقد التاسع عشر.‏

ولمعرفة المزيد عن هذا الخط، أعيد ما قرأته في مقال بقلم بيان عمراني ونشرته مجلة الشؤون الاسيوية النصف شهرية في عددها لشهر تموز المنصرم.‏

وحسب ما يورده الكاتب، لايملك الباشتون الافغان والباكستانيون مؤسسات سياسية مشتركة، وإنما تحكمهم أعراف وتقاليد قبلية، وهو ما يطلق عليه اسم الباشتون والي. وبنوده هي التالية:‏

الميلماستيا، وهذا يفرض على الباشتون تأمين الضيافة والحماية لكل شخص من الطرفين أيا كان هو. النانواتي. وتلك تفرض تأمين الملجأ لكل فار ملاحق، حتى ولو كان عدواً، وإخفاءه.‏

البادال- الفانديتا. أي لكل ضحية عملية سطو أو هجوم أو قتل حق الانتقام، ويمكن من خلال اتفاق يتم ضمن اطار مجلس قبلي- الجرجا- دفع فدية دم أو هبة فتاة من عائلة الجاني الى عائلة المجني عليه، والتي بدورها تصبح عبدة أو يتزوجها أحد أفراد العائلة.‏

ويعتبر أي إخلال ببنود هذه الواجبات القبلية بالنسبة للباشتون وصمة عار وتدنيساً للشرف. ويفضل الموت على أن يسلم ضيفه المطلوب، ومن هنا نفهم جيدا طبيعة العلاقات التي تربط الباشتون بأعضاء القاعدة المحتمين بغطاء حمايتهم.‏

وفي عام 1839 احتلت بريطانيا افغانستان، ونصبوا ملكاً ألعوبة على العرش هناك، وكانوا يسعون الى إقامة منطقة فاصلة لوقف تقدم الروس، منافسيهم الأخطر في منطقة آسيا الوسطى. ولكن عجز هذا الملك عن الحفاظ على السلطة، وعندما شرع الجنود البريطانيون في الانسحاب، أبيدوا جميعا.‏

وأرسل البريطانيون في العام 1857 و1881 مالايقل عن 23 حملة عسكرية إلى الجبال الافغانية ، من أجل منع العشائر القبلية من الاغارة على سكان الوديان، ولكن عبثا كانت محاولتهم، وفي عام 1893 قرروا فصل افغانستان عن الهند البريطانية برسم حدود بينهما، هي خط دوران الآن، وطوله 1180كم، ليقسم القرى والقبائل والعائلات الى قسمين. ومع أنه خط مصطنع، لكنه مازال قائما، ومثيرا للقلاقل وعدم الاستقرار.‏

وفي أعوام الثمانينات سمحت الباكستان للمجاهدين باستخدام المناطق القبلية للانطلاق في هجومهم على القوات السوفييتية في افغانستان وكذلك تدريب طالبان فوق اراضيها، دون أن يخطر في بالهم أن هؤلاء سيتحولون إلى متشددين يعارضون النظام في كابول كما هو في اسلام اباد.‏

وتناصب القبائل الباشتونية العداء المستحكم لكل ما يمكن أن يغير من طريقة عيشهم، رغم فقرهم وتخلفهم إلا أنهم مقاتلون أشداء يحسب لهم، وفي سياق مقالته يورد عمراني بعض الارقام البائسة حول أوضاع المناطق القبلية، حيث 57٪ من سكانه لاتؤمن لهم مياه صالحة للشرب و17٪ منهم 3٪ من النساء يعرفون القراءة والكتابة وهناك طبيب واحد لكل 7670 مواطنا.‏

ويوصي عمراني باعتماد مشاريع شاملة للمنطقة تشمل افغانستان والباكستان والهند وايران ودول آسيا الوسطى ولكن لا الولايات المتحدة ولابريطانيا ولا أي دولة عضو في الناتو في واردها هكذا مشاريع (ينبغي، كما كتب عمراني ، إقامة تعاون فيما بين افغانستان والباكستان ومساعدة القوى الاقليمية لهم ونزع سلاح المناطق القبلية، واطلاق الاستثمارات على طرفي الحدود، وينبغي أن يشكل إنشاء منطقة تبادل حر هدفا على المدى البعيد).‏

ولكن لا يتعلل بالاوهام يقول (يمكن أن يتحقق كل هذا في المستقبل القريب) وطالبان لن تنخرط في أي عملية من هذا النوع طالما أن القوات الاجنبية لم تنسحب عن اراضيها.‏

يجب على المؤتمر الدولي عن افغانستان الاقرار بتهدئة مع طالبان وانهاء العمليات العسكرية وطرح أسس حل للمشكلات الحقيقية لإحدى اكثر المناطق في العالم أهمالاً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية