تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دعــوة إلى الـــحب

آراء
الأربعاء 30-9-2009م
حنان درويش

هل قرأت طاغور؟

سألتني ابنتي وهي تمد لي يدها بمجموعة أشعار شاعر الهند العظيم فأعادني سؤالها سنوات بعيدة إلى الوراء يوم كنت في مثل سنها، وربما أصغر حيث عرفني أبي على هذا الشاعر‏

الذي كان معجباً به جداً ونقل لي عدوى إعجابه ومازلت أذكر أنني كنت أعتبر كتاباته أصدق وأبسط من الشعر بل لعله هو الشعر نفسه, فلأنفاسه عبق الطبيعة ولروحه رفيف نسماتها ولحروفه شفافية سرها وقد لازمني ذلك الإعجاب زمناً حتى بعد أن تجاوزت مرحلة التأثر المبكر التي كنت أعيشها مع أبناء وبنات جيلي وأذكر أنني نقلت على ورقة صغيرة كلمات له خبأتها مع أوراق كثيرة اصفرت مع مرور الأيام، وعندما سألتني ابنتي هذا السؤال ولمحت في عينيها بريقاً لمع يوماً في عيني نهضت أفتش بين أوراق الماضي المنسي عن تلك الكلمات حتى وجدتها ورحت أقرأ حواراً معيناً:‏

آمن بالحب ولو كان مصدراً للألم ولاتغلق قلبك .‏

لا.. لاياصاحبي ، إن كلماتك مبهمة وليس في ميسوري فهمها .ياحبيبي ..لم يخلق القلب إلا ليهب نفسه مع دمعة وأغنية .‏

لا..لاياصاحبي إن كلماتك مبهمة وليس في ميسوري فهمها .‏

إن الفرحة وانية كقطرة الندى لكن الحزن عنيف عنيد، دع الحب المعنى يستيقظ في عينيك.‏

لا.. لاياصاحبي ، إن كلماتك مبهمة وليس في ميسوري فهمها .‏

إن براعم اللوتس تؤثر أن تتفتح في أشعة الشمس ثم تموت على أن تحيا براعم مغلقة في شتاء أبدي غائم .‏

لا..لاياصاحبي إن كلماتك مبهمة وليس في ميسوري فهمها، وماإن انتهيت من القراءة حتى لمحت أسئلة تترقرق في عيني ابنتي:‏

آه ياأمي.. أين ذلك العصر الذي عاش فيه طاغور؟‏

بل أين تلك المشاعر الراقية؟ وأين نجد مثل ذلك الحب وذلك الوفاء في هذا العصر؟‏

وكأنها بسؤالها لامست في قلبي جرحاً قديماً جديداً، فكم سألت سؤالها ولاأزال وكم عذبني التشتت بين ماقرأت لبوشكين وجبران وطاغور وبين مرارة الواقع!..قلت:‏

سعيدة.. أنا بما أسمع ، من المفرح أن يهتم جيل اليوم بذلك الأدب الخالد، يحسه ويحياه بكل اختلاجات مشاعره، من المؤكد أن واقع طاغور أو جبران لم يكن أفضل من الآن فالشر ملازم للنفس البشرية منذ بدء الخلق لكن أمثال هؤلاء اخترعوا لأنفسهم عوالمهم الخاصة عاشوها وعبروا عنها بالكلمة الصادقة التي ستبقى تؤثر في نفس القارئ طالما أراد هو ذلك قد يؤلمنا الواقع يؤلمنا كثيراً وقد نبحث عبثاً عن فيء نستظل به وعن وفاء أو بعض وفاء نلجأ إليه لكن يكفي أن تحيا بأعماقنا مثل تلك العوالم المدهشة والأحاسيس الجياشة، فكل شيء إلى فناء ماعدا الحب هو وحده الباقي بحزنه ومعاناته وألمه فحاشى أن ينتهي لأن معناه انتهاء الوجود.‏

ابتسمت ابنتي وعانقت كتابها بلهفة وقبل أن تغادرني قالت:‏

أتسمحين يا أمي أن أحتفظ بهذه الورقة.؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية