تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميركا وإسرائيل .. تدوير الزوايا من جديد..!

دمشق-سانا
الصفحة الأولى
الأربعاء 30-9-2009م
كتب المحرر السياسي

تجهد إسرائيل في السر والعلن للتخفيف من تبعات التقرير الدولي حول انتهاكاتها لحقوق الإنسان في عدوانها الأخير على غزة،

وما فشلت به تحاول الولايات المتحدة الأميركية أن تعوضه من خلال تدوير الزوايا علها تكون أكثر مقدرة على تجنب تداعيات بدأت بالبروز تباعا منذ أن أطلق غولد ستون تقريره، هذا على الأقل ما يمكن استشفافه من كلمة مساعد وزير الخارجية الأميركية أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حين طالب إسرائيل بإجراء «تحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبتها أثناء العدوان على غزة ».‏

وبالتوازي بدأت بحملة من السمسرة السياسية والمقايضة لكي تقوم السلطة الفلسطينية بسحب الشكوى المرفوعة ضد المسؤولين الإسرائيليين عن المجزرة، وهي حملة تتنوع فيها أساليب الترغيب والترهيب وتتعدد أنماط العروض والوعود وصولا إلى صيغ من المداورة السياسية الهادفة إلى تقويض الجهود المبذولة في المنظمات الدولية، بحيث لا تكون سابقة يمكن البناء عليها لاحقا.‏

ما يجب التركيز عليه أن ما اقترفته إسرائيل في غزة لم يكن الجريمة الوحيدة التي يمكن أن تحاسب عليها، ولا هي الخرق الوحيد لحقوق الإنسان، وبالتالي إن ما سجل عن غزة يمكن أن يعاد تسجيله في أكثر من موقع، وما اقترفته لا يموت بالتقادم، على الأقل في الوجدان الجمعي للشعوب والأمم.‏

قد لا تكون القضية في حدود ومساحة القدرة على تدوير الزوايا، وإلى أي حد تنجح في إزاحة مواضع الاشتباك السياسي القائمة بين إٍسرائيل والمنظمات الدولية، والتي ستصل في مرحلة لاحقة مهما طال الزمن إلى قاعات المحاكم، وربما أبعد من ذلك بكثير، لكنها في التحول الذي تحمله بالمعيار السياسي، حين ظلت إسرائيل على مدى أكثر من ستين عاما تقترف الجريمة تلو الأخرى، دون أن تتمكن المنظمات الحقوقية الإنسانية من أن تطول المسؤولين عنها.‏

والأهم أن الولايات المتحدة الأميركية التي حمت إسرائيل على مدى السنوات الماضية تبدو اليوم الرافعة السياسية لعملية تدوير الزوايا تلك، مع فارق وحيد أن سلطتها تبدو أقل بكثير مما هو متاح لها في مجلس الأمن، وبالتالي هذا قد يكون مخرجا لحالة الشلل التي حكمت أي محاولة للاقتصاص من المسؤولين عن الجرائم الإسرائيلية.‏

اللافت ان تهافت عروض الترغيب والترهيب الإسرائيلية بالتوازي مع المحاولات الأميركية في تدوير الزوايا، يعكس قلقا واضحا من التداعيات المحتملة، وخشية فعلية من أن يكون جميع القادة الإسرائيليين عسكريين ومدنيين تحت طائلة المساءلة الدولية، وعرضة للملاحقة القضائية أينما حلوا أو ذهبوا، وهو ما عبر عنه جنرال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، رغم دفاعه المستميت عن ممارسات جنوده ومبررات أوامره ومحاولته الإيحاء بأن ما جرى كان تصرفاً فردياً من بعض الجنود وتمت معاقبتهم عليه !!‏

لا أحد يساوره الشك بأن الطلب الأميركي لا يندرج في إطار الخضوع للتقرير الدولي، بقدر ما هو لحماية إسرائيل كما فعلت مرارا، ولو تطلب الأمر كثر الزوايا لا تدويرها، وإن تبدو المحاولة فاشلة وغير مجدية على الأقل في الوقت الراهن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية