على صخرة صمود المقاومين الأبطال فكان النصر الثاني في التاريخ العربي المعاصر بعد انتصار حرب تشرين التحريرية في السادس من تشرين الأول عام 1973م ما جعل الكثيرين في العالم يتساءلون عن سر قوة المقاومة والعوامل التي مكنتها من الانتصار. والتي يأتي في مقدمها:
انتصارها على الذات من خلال توفر القيادة الحكيمة والشجاعة المسلحة بالعقيدة الصادقة والبصيرة النافذة والرؤية الواضحة لمجريات الصراع في المنطقة فلم تقع في العمى السياسي الذي وقع فيه الآخرون حيث آمنت بأن كل اللقاءات السياسية والمؤتمرات والقرارات الدولية لم تستطع أن تخرج العدو المحتل من لبنان فكان قرار المقاومة بالتصدي للعدو لاسترجاع الأرض المغتصبة .
لقد كان يوم 25 أيار من عام 2000 بداية تحول في تاريخ العرب المعاصر ومفصلاً هاماً ترك آثاره على ملامح الصراع في المنطقة وأسس لتحولات كبيرة سيكون لها اثر هام على ملامح المنطقة ومستقبل شعوبها حيث غير موازين القوى في المنطقة ومفاهيم الأمن للدول ووضع الكيان العنصري الصهيوني في وضع جديد أصبح مثار تساؤل بعدما كان من المستحيل التفكير بمناقشة قوته الأسطورية وبأن جيشه لا يقهر , فكان الانتصار العظيم بركاناً أذهل العالم و هز التفكير السياسي والاستراتيجي ما جعل الكثير من المعاهد الاستراتيجية تعيد دراسة مفاهيم الأمن والقوة في العالم حيث استطاعت المقاومة الوطنية اللبنانية البطلة بقيادة حزب الله العتيد والمدعوم من سورية العروبة والثورة الإسلامية في إيران أن تلحق الهزيمة بالجيش الصهيوني الارهابي المدجج بأعتى الأسلحة والتكنولوجيا العالمية وأثبتت أن إرادة الإنسان المؤمن بحقه أقوى من كل آلة الحرب المدمرة , هذا الواقع الجديد يمكننا من القول: أن يوم 25 أيار من عام 2001 هو بداية الانتصار العربي وبداية هزيمة المشروع الاستعماري الجديد .
لقد اعتاد الكيان الصهيوني أن يكون هو المنتصر وهو الذي يحدد ساعة الصفر في كل حروبه وغزواته وهو الذي يحدد بداية ونهاية الحرب إلا انه منذ عام 2000 تغير الحال وأصبح يحسب لكل تفكير بالعدوان ألف حساب, لقد أعاد انتصار المقاومة الاعتبار للحقيقة الأزلية بأن المقاومة تستطيع كما كانت عبر التاريخ المعاصر تحقيق استقلال الشعوب وتحرير الأرض وان تصون الحقوق.
لقد تعرض الكيان الصهيوني لهزة عنيفة جعلته يعيد حساباته وظن أنه تجاوزها من خلال ما احدث من شرخ في الصف العربي حيث استطاع أن يخرج معظم الحكومات في الوطن العربي من خيار ودعم المقاومة , بل يجعلهم يتخلون عن المقدسات وفلسطين , هذا الوضع جعله يزداد غطرسة ففكر باستعادة هيبته المهشمة و تحقيق حلمه بالخروج من عار الهزيمة فقام بعدوانه على لبنان في تموز 2006م , الذي حضر له جيدا بالتعاون مع الامبريالية الأمريكية والقوى الاستعمارية والقوى العميلة في الوطن العربي ولبنان لكن المقاومة البطلة انتصرت مرة أخرى وانهزم الأعداء وقويت المقاومة واشتد عودها فاجتمعت قوى الشر العالمية للبحث عن مخرج من الهزيمة والثأر للكيان العنصري الصهيوني لتدمير القوى المقاومة في المنطقة والمتمثلة بسورية وحزب الله والقوى الفلسطينية وإيران وبعض القوى الوطنية والقومية في الساحة العربية فبدأت المؤامرة على سورية باتهامها بقتل رفيق الحريري ثم حاولوا اتهام حزب الله لتلويث سمعته دولياً وكذلك إيران باتهامها بتصنيع السلاح النووي واتهامات أخرى إلا أنهم باؤوا بالفشل فحركوا خلاياهم النائمة في سورية ومستوطناتهم التي زرعوها في الوطن العربي وخاصة في دويلات الخليج العربي والجماعات الظلامية التي ربوها في مراكز مخابراتهم ليكونوا أدوات رخيصة للنيل من سورية وشعبها وجيشها البطل الذي ألحق الهزائم بهذا الكيان الصهيوني وكان وما زال يقف حجر عثرة في طريق السيطرة على الأمة العربية كل ذلك لتحقيق مشروعهم التقسيمي الجديد الذي يهدف لقيام الدويلات الرخوة في المنطقة تحقيقاً لأمن الكيان الصهيوني والمصالح الامبريالية .
إن استهداف سورية اليوم هو استهداف للمقاومة العربية وتدمير للفكر المقاوم ونشر لحالة الاستلاب والخنوع في الساحة العربية وتسليم الوطن العربي لأصحاب الفكر التكفيري المتخلف الذين أعلنوا قبولهم بالمشروع الصهيوني
على أي حال إن قوى المقاومة التي انتصرت في عام 2000 و2006 مازالت قوية وقادرة ويقف خلفها معظم أبناء الشعب العربي والقوى الخيرة والمحبة للعدل والسلام في العالم . وإن المقاومة تزداد تماسكاً وستبقى سورية قلعتها وكما انتصرت في الماضي ستنتصر اليوم وفي المستقبل وستبقى سورية قلعة المقاومة العربية وستبقى المقاومة في لبنان وفلسطين وكل أرجاء الوطن العربي قوية راسخة وستزداد قوة وانتشاراً لأنها خيار الأمة وخيار الأمة لا بد منتصر .