هكذا لخص السيد عبد الله الدردري الرؤية الحكومية للشراكة السورية الأوروبية وذلك في ندوة أقامها مشروع التحديث القطاعي والمؤسساتي ISMF في جامعة تشرين بمحافظة اللاذقية بعنوان (التحديات الواقعية للشراكة السورية-الأوروبية)
فسورية -كما قال- ستوقع الاتفاقية عاجلاً أم آجلاً رغم أن الظروف السياسية الإقليمية والدولية المحيطة بنا لا تعطي مؤشرات إيجابية إننا سنوقعها بين ليلة وضحاها لكن في كل الأحوال لا عودة عن النص الموقع بالأحرف الأولى ولا مجال لإعادة التفاوض حول النص الموقع في بروكسل.
(لدينا مكنة طراز 1960 وأفكار طراز 2006 ونوايا طراز 2010)
هكذا لخص السيد عبد الله الدردري الرؤية الحكومية للشراكة السورية الأوروبية وذلك في ندوة أقامها مشروع التحديث القطاعي والمؤسساتي ISMF في جامعة تشرين بمحافظة اللاذقية بعنوان (التحديات الواقعية للشراكة السورية-الأوروبية) فسورية -كما قال- ستوقع الاتفاقية عاجلاً أم آجلاً رغم أن الظروف السياسية الإقليمية والدولية المحيطة بنا لا تعطي مؤشرات إيجابية إننا سنوقعها بين ليلة وضحاها لكن في كل الأحوال لا عودة عن النص الموقع بالأحرف الأولى ولا مجال لإعادة التفاوض حول النص الموقع في بروكسل.
وأكد الدردري أن هناك مصلحة بين سورية والاتحاد الأوروبي لتوقيع الاتفاقية وتنفيذها,فنحن لا نعيش اليوم عالم توازن القوى وحسب بل عالم توازن المصالح,لأنه لا مجال للمقارنة بيننا وبين أوروبا في مجال القوى,وبالتالي ليس لنا فرصة,أما في مجال توازن المصالح فنجد أن هناك توازناً كبيراً,إذ تشكل التجارة مع الاتحاد الأوروبي أكثر من 50% من إجمالي تجارة سورية وتشكل التكنولوجيا الأوروبية معظم القاعدة الصناعية والتقانية المتوفرة اليوم في سورية مضيفاً أن توقيع الاتفاقية هو في مصلحة سورية وأن ما يمكن أن يحصل لنا من الاندماج في الاقتصاد العالمي هو أقل بكثير من خطورة الانعزال عنه رغم كل سلبيات عولمة التجارة وآثارها السلبية المحتملة والقائمة والمحققة.
الشراكة وضرورة الإصلاح
لعل النقطة الأهم التي طرحها الدردري هي ضرورة إنجاز الإصلاحات التي تتطلبها الشراكة سواء وقعنا اتفاقيتها أم لم نوقعها مشيراً أن هذه الإصلاحات,بإصلاح القوانين والأنظمة والسياسات والمؤسسات والهياكل والنظم والكوادر البشرية هي ضرورية لنا بالشراكة, مقتبساً قول رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أوردغان أنه حتى لو لم تنضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي,تحت شعار الانضمام أنجزت كل الإصلاحات التي رأت فيها مصلحتها,ونوه الدردري إلى أنه لا يرى ضيراً في اتباع الاستراتيجية نفسها.
ويبدو من خلال ما تحدث به الدردري أن الإصلاحات الحكومية مرتبطة بالخطة الخمسية العاشرة المتوقع إقرارها بداية الشهر القادم خلال اجتماع المجلس الأعلى للتخطيط مشيراً إلى أن هناك خطط تنمية متكاملة لكل محافظة وكل إقليم,وقد أعدت هذه الخطط بالتنسيق بين فعاليات كل محافظة وهيئة تخطيط الدولة.
وأوضح الدردري أن سورية تضع لأول مرة سياساتها الاقتصادية بأسلوب المحاكاة اعتماداً على نموذج رياضي وأنه تم القيام بعشرات عمليات المحاكاة لمعدلات النمو الاقتصادي باستخدام النماذج الرياضية,وتبين أن كل السيناريوهات المعتمدة على مصادر النمو التقليدية أو ما يسمى القطاع الحقيقي (زراعة-صناعة-نقل-خدمات..الخ).
غير قادرة على تحقيق معدلات نمو ضرورية وهي أكثر من 7% لذلك لا بد من الاستعانة باقتصاد المعرفة لتحقيق القفزات المطلوبة إلا أن هذا الاقتصاد يتطلب إضافة إلى نقل التقانة وتوطينها تغيراً في المفاهيم الاجتماعية أي أن الانتقال من اقتصاد الريع إلى اقتصاد القيمة المضافة المبني على المعرفة هو نقلة اجتماعية فكرية قبل أن يكون نقلة تخطيطية اقتصادية.
تحديات الانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي
أشار الدردري إلى أن أخطر مشكلات التنمية التي نعاني منها تتمثل في عدم مراكمة خبرات التنمية وعدم السير فيها برؤى واضحة والاكتفاء بإدارة الأمور يوماً بيوم ومعالجة بعض المشكلات الآنية دون رؤية استراتيجية واضحة,لذلك لا بد من معالجة الهم اليومي بوجود رؤية واضحة إلى الأمام مؤكداً أن التحدي الأساسي يتمثل في كيفية تجاوز حالة الاحتكار في الاقتصاد الوطني للوصول إلى حالة تنافسية تؤدي إلى انخفاض السعر وتحسين النوعية لصالح المنتج والمستهلك وبالتالي الانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي لأن المشكلة تكمن في أننا لا ننتقل من سوق اقتصادي اشتراكي إلى اقتصاد حر,بل ننتقل الآن من اقتصاد سوق مشوه احتكاري أو ليغاري إلى اقتصاد سوق اجتماعي,وبذلك نصحح واقعاً غير مقبول بالنسبة لآليات عمل اقتصاد السوق لأننا نعيش نصف حالة اقتصاد سوق فلا نحصل على ثمار اقتصاد سوق تنافسي اجتماعي ولا نحصل على ثمار اقتصاد اشتراكي مخطط مركزياً,ولهذا يجب التقدم إلى الأمام نحو اقتصاد سوق اجتماعي تنافسي.
ثقافة الشراكة:
التجارب العملية والمخاوف
حاولت الندوة تقديم حالتين عمليتين,واحدة في قطاع الصناعة تحت عنوان تحديات تواجهها الصناعة المحلية جراء فتح السوق, والثاني في قطاع الزراعة بعنوان خبرات في مجال تصدير حاصلات زراعية إلى أوروبا والبلدان العربية,إلا أن الحالة الأولى وقعت في مطب التعميم, حتى إن الباحث سمير سعيفان تدخل أكثر من مرة لاستيضاح أثر فتح الأسواق على صناعة الأدوات المنزلية سواء في السوق الداخلية أو الخارجية من حيث الكلفة والجودة والتنافسية وتكرر الأمر في الحالة الثانية بشكل معاكس إذ أفرط المحاضر في التفاصيل التقنية الدقيقة المتخصصة,ما يؤكد أن ثقافة السوق المفتوحة والتنافسية لم تتبلور بعد حتى لدى العاملين في سياقها وأن هذه الثقافة ما زالت بحاجة إلى مزيد من التجربة العملية ليتمكن المشاركون فيها من صياغة تجربتهم بشكل واضح.
أما الحضور,فقد بادروا إلى الإفصاح عن مخاوفهم بشكل تساؤلات ومداخلات ولعل ذلك يعود إلى النقص الكبير في قاعدة المعلومات لديهم حول اتفاقية الشراكة والآثار المحتملة لها.
د.رضوان عمار:عضو هيئة تدريسية في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين تحدث عن آثار الشراكة على السياسات المالية والضريبية وأبدى تخوفه من تخفيض الرسوم الجمركية وتأثير ذلك على واردات الخزينة وإمكانية انعكاس ذلك سلباً على المواطن من خلال ضريبة المبيعات لتعويض النقص الحاصل كما أبدى تخوفه من نزوح القطع الأجنبي الذي نشكو من قلته أصلاً وذلك من خلال دخول السلع ولا سيما في المرحلة الأولى,وتساءل إن كانت هناك دراسات أو توقعات إحصائية تتعلق بالاستثمارات المتوقعة وما إذا كان بمقدور هذه الاستثمارات تغطية الانخفاض الحاصل في مصادر إيرادات الخزينة.
أما د.لطيف زيود من كلية الاقتصاد فتساءل عن إمكانية تحرير قوة العمل باعتبارها سلعة أسوة بالسلع الأخرى.
بينما أثار د.يوسف محمود مدرس في كلية الاقتصاد موضوع اللاتكافؤ بين الاقتصاد السوري والاقتصاد الأوروبي,ولا سيما أن القطاع العام يعاني خسائر متفاقمة متسائلاً عن كيفية إصلاح هذا القطاع وهو في مثل هذه الحالة.
وتساءل د.ابراهيم صقر إن كانت مفاوضات الشراكة أخذت بعين الاعتبار العجز الحاصل في التجارة الثقافية بين سورية والاتحاد الأوروبي فسورية ليس لديها إلا عدداً محدوداً من الزراعات القابلة للتصدير,وفي عام 2000 كانت 73% من صادراتنا إلى الاتحاد الأوروبي من القطن بينما وارداتنا المصنعة في هذا المجال 83%,واستوضح عن دور كل من القطاعين العام والخاص في التخفيف من الآثار السلبية للشراكة وكيفية ردم الفجوة بينهما ليؤديا الدور المنتظر لهما.
في حين استفهم موفق غزال عضو مجلس محافظة اللاذقية عن دور غرف الزراعة والتجارة في تأمين الحاصلات الزراعية السورية لتتمكن من منافسة المنتجات الأجنبية موضحاً أن هناك تجاراً,بعضهم من تركيا,يأتون إلى سورية ويشترون المنتجات الزراعية منها ويصدرونها إلى دول شرق أوروبا على أنها منتج تركي,وتساءل عن دور الدولة في الحفاظ على حقوق المزارع السوري إزاء هؤلاء التجار.
الشراكة:واقع معقد وخطر التبسيط
وأشار الباحث سمير سعيفان إلى أن ما يطرحه البعض من تساؤلات حول مصلحة أوروبا في هذه الشراكة وهل جاءت لتستعمرنا مرة أخرى إنما ينم عن مخاوف,فالأمر ليس بهذه البساطة وأوروبا لها مصالح ولولا ذلك لما سعت إليها ولما أنفقت,ومصالح أوروبا معلنة وليست خفية,لها مصلحة في توسيع أسواقنا ورفع القدرة الشرائية لها حتى تستطيع تصدير الكثير من صناعاتها ذات العمالة الكثيفة,وأوروبا تريد أن تكون مصادر هذه المنتجات من بلدان ترتبط بها باتفاقيات مختلفة لأن أحد مصادر القلق الرئيسية لأوروبا هي الهجرة إليها وخاصة الهجرة غير الشرعية,وبالتالي لها مصلحة في تنمية هذه المناطق وتثبيت سكانها لتخفيف ضغط الهجرة,وأيضاً لأوروبا مصلحة في الشراكة لأنها تسعى إلى أن تكون قطباً دولياً كبيراً,ولا سيما أن الصراعات عبر العالم هي الآن بين كتل اقتصادية سياسية وهي الآن قطب تجاري وتسعى إلى تعزيز دورها وارتباطها مع محيطها,وقد عززته مع أوروبا الشرقية وتعززه الآن مع المتوسط.
وتناول سعيفان مسألة تصدير العمالة إلى أوروبا بأنها ليست ولن تكون هدفاً لنا لأننا نحتاج إلى عمالتنا مؤكداً أن أوروبا حررت السلع ورأس المال ولم تحرر العمالة وفي ذلك شيء من عدم التوازن حسب المفاهيم الكلاسيكية للاقتصاد,لكن علينا التعايش معه.
ونوه سعيفان إلى أن الشراكة وما تتطلبه من انفتاح وعملية إصلاح اقتصادي ليست مسألة صح أو خطأ فلا يمكن لسورية أن تستمر بالأنماط القديمة نفسها لأن الزمن تغير ولا بد من البحث في خيارات جديدة,والأمر يشبه شخصاً أمامه خيار الذهاب إلى السوق ليفتح متجراً ويعمل فيه رغم كل المتناقضات والمخاطر والتعقيدات والفرص أو أن يبقى في بيته عاطلاً عن العمل.
أما أ.عطية الهنيدي فأشار في محاضرته تحديات الجانب الزراعي في اتفاقية الشراكة إلى آلية تعامل الاتحاد الأوروبي مع تحرير تجارة الحاصلات الزراعية,منوهاً إلى أن الجانب الأوروبي يلغي فعلاً الرسوم الجمركية,لكنه يفرض رسوماً أخرى على المنتج الزراعي في حال كان سعره أخفض من سعر نظيره الأوروبي,وهذا يعني بشكل أو بآخر أنه يفرض حماية على المنتجات الزراعية ويلغي إمكانية أو جدوى دعمها من قبل الدولة وبالتالي يحد سلفاً من قدرتها التنافسية.