ذاكَ الصيفْ
أدعو الخالقَ أن
يُكْرِمَني هذا
الضيفْ
كي أفرشَ تحت
التوتةِ.. قرب
الزيتونة .. بين دوالي
الكرمةِ أقداحي
ثمّ الضيفُ
يجرُّ الضيفْ
أبدأُ من كأس نديمي
أسكبُ فيها من روحي
وأقولُ: لنسمعَ كم في
الكونِ من الأسرارْ
إصغِ لقلبكَ وقتَ المَغربِ
حينَ تهمُّ الشمسُ بهدهدةِ
الكونِ لتهجعَ كلُّ طيورِ الريفِ
وتصعدُ سلّمها الأقمارْ
إصغِ لكرّامٍ حينَ يجوبُ الكرمةَ
وقتَ قطافٍ في الأسحارْ
إصغِ بعيدَ نيامِ الخلقْ
لسراجِ الدير السهرانْ
كيف يكفكفُ دمعةَ
مريمهِ الثكلى
ثمّ يحاولُ أن يخلعَ
من كفّ يسوعَ المسمارْ
إصغِ يا صاحِ لموجة بحرٍ
لصفير النورس..
للشطآنْ
إصغِ بعيدَ نيامِ الخلقْ
لرمالِ الصحراءِ إذا سطعَتْ
أقمارُ الشرقْ
أصغِ ملياً يا صاحِ
فما في الجبّة غيرُ الرعد
وغيرُ البرقْ
إصغِ الــ ..
لم أكملْ
ألقى ضيفي وجهه في
كفّيه.. بكى
لم أجدِ الدمعَ تقطّرَ
ساحَ دما
ناجيتُ الخالقَ في هلعٍ:
ضيفي... ضيفي يا ربّاهْ
ردَّ السابحُ في قبّتهِ
آهٍ... آآآآآآآآآه
أحنى ضيفي كالراهبِ قامتَهُ
رفعَ الكأسَ العاشرَ
في هدأة ليلٍ رقراقْ
أمعنَ في عينيَّ طويلاً
أسكرهُ الحزنُ الغائرُ
في الأعماقْ
نشربُ.. نشربُ
والقمرُ الأبيضُ بينَ الفينة والأخرى
يتوسّعُ أو يتدلّى..
يقرأُ ما في الكأسِ ويصفنُ
ثمّ يحلّقُ في عينيه
إلى الآفاقْ.