تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إشباع حاجات الطفل .. ضرورة تائهة بين جهل الأهل وتجاهلهم

مجتمع
الثلاثاء 3-7-2012
لقاء : فردوس دياب

تعتبر مرحلة الطفولة المبكرة من مراحل التحولات النوعية في حياة الفرد وكل خبرة فيها هي جزء مؤثر في بناء معالم شخصيته وتكوينها ، وهذا يتطلب حذراً شديداً في اختيار أفضل السبل لإشباع حاجات الطفل ،

وبالتالي فإن كل جهد لا يوجه بصورة سليمة في هذا المجال سينعكس بآثاره البعيدة المدى على مستقبل الطفل وصحته النفسية .‏

حالة طبيعية ..‏

الباحثة التربوية ميرنا منصور ( ماجستير في رياض الأطفال ) أكدت أن وجود الحاجة والسعي إلى إشباعها يعتبر حالة طبيعية لدى كل إنسان حيث يتدرج في إشباع حاجاته، وكلما نجح في تحقيق إحداها ركز طاقاته تلقائياً للارتقاء بمستوى هذه الحاجات، ذلك ان الإشباع ضروري لنمو الطفل بصورة سليمة وتحقيق شعور الثقة بالنفس والقدرة على الإنجاز.‏

وبينت منصور ان أهم الحاجات التي يحتاجها الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة حاجته إلى الحب، التي تبدأ عنده منذ ولادته كونه يعتمد على أمه في كل شيء مما يولد لديه شعوراً عميقاً بالثقة بنفسه ، وتصبح حاجته الى الحب والحنان حاجة دائمة لا يتقبل فقدانها بسهولة وإذا حدث وشعر بفقدانها فإن النتيجة هي خلل في صحته النفسية ، مضيفة انه لكي نساعد الطفل في الحصول على حاجته من الحب والحنان لابد من اخباره باستمرار بأنه شخص محبوب ومرغوب فيه و أنه موضع فخر واعتزاز لوالديه و معلمته لان ذلك يؤدي الى ترك آثارها الإيجابية على شخصيته في المستقبل بالإضافة للنظر إلى الطفل بنظرات مليئة بالحب مع ابتسامة خفيفة أثناء أدائه عملاً مطلوب منه ولتكن مكافأته عند انجازه معانقته وتقبيله بحنان، ذلك ان ردود الأفعال هذه لا ينساها الطفل طوال حياته كما يجب ان لا نتجاهل أهمية قراءة قصة للطفل قبل النوم بين حين وآخر أو تغطيته بغطائه كل ليلة حتى بعد استغراقه في النوم لان مثل هذه السلوكيات تحمل للطفل الكثير من المشاعر الدافئة كما ان الطفل بحاجة أن نتواصل معه باستمرار فنشاركه اللعب بين حين و آخر، و نقدم له يد العون في الحفلات والرحلات الخاصة به .‏

التقدير الاجتماعي ..‏

وأكدت منصور على حاجة الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة الى التقدير الاجتماعي ذلك انه من الضروري جدا أن يشعر في هذه المرحلة بأنه موضع تقدير وقبول واعتراف من الآخرين، وبأنه مرغوب فيه وهذا يساعده على القيام بدوره الاجتماعي بصورة صحيحة، تتناسب مع سنه وتتلاءم مع العادات والتقاليد السائدة في مجتمعه ، مضيفة ان الطفل يعبر عن حاجته للتقدير الاجتماعي من خلال الرغبة في تحصيل المدح والانتباه من الآخرين، و الحصول على المركز والمكانة العالية مع الأقران وفي مناسبات عديدة يفصح مثل هذا الطفل عن رغبته في أن يتعاون معه الآخرون بشكل أفضل، وقد يصر على أداء أعمال للغير و الطفل الذي يرغب في التقدير الاجتماعي قد يبدو وكأنه ينزوي في قوقعة وبنفس الوقت لايسمح لنفسه بأن يزاح جانباً لكي يأخذ غيره مكانه وعندما نقول لطفل : « إنك ما زلت صغيراً جداً » فإننا بذلك قد نزيد من حاجته للتقدير من الآخرين .‏

وأشارت منصور الى انه بالإمكان أيضا مساعدة الطفل في الحصول على التقدير الاجتماعي من خلال التحدث معه بكلمات تحمل في طياتها الاحترام والثقة وعدم إحراج الطفل بالتوبيخ أو توجيه النقد له أمام الكبار لان ذلك سيزعزع ثقته بإمكاناته ويسبب له شعوراً بالخجل والانطواء بالإضافة الى ان الحديث عن انجازات الطفل بفخر وسعادة أمام الأقرباء والأصدقاء ،سيكسبه تقديراً عالياً لذاته، وإحساسا كبيراً بمكانته بالنسبة للآخرين وكذلك إخبار الطفل من وقت لآخر بأنه شخص مهم بالنسبة للآخرين، وأن غيابه عن رفاقه سيترك فراغاً بالنسبة لهم و يجعلهم يفتقدونه كما يجب احترام خصوصية الطفل والاستجابة لتصرفاته بصبر وتفهم و تقديم المديح للطفل والثناء عليه عندما يشارك ببعض المهام ويقوم بواجباته .‏

الإحساس بالانتماء ..‏

وأوضحت منصور انه لكي يشعر الطفل بالرضا عن حياته يحتاج لبعض الإحساس بالانتماء حتى يشعر بأنه مرغوب فيه وهذا يؤدي الى ولادة إحساس لديه بالعلاقة و بأنه جزء من المجموعة ، كما ان شعوره بالعزلة ينتهي به أحياناً الى إحساس عميق بعدم الأمان ، مشيرة الى انه بإمكان المربين ان يعززوا حاجة الطفل للانتماء عندما يغيب يوماً أو يومين عن الروضة أو المدرسة حيث يجب على المعلمة أن تشعر طفلها بافتقاده وذلك بالسؤال عليه أو الاتصال به أو ان يكتب كل طفل في الصف رسالة قصيرة للطفل يسألون فيها عن صحة زميلهم إذا كان مريضاً، وعند عودته يرحبون بعودته ويبدون له أنهم مسرورون لعودته وأنهم افتقدوه في غيبته، ويجعل الزملاء يساعدونه في كل ما فاته من دروس كما انه بإمكان المعلمة أن تشعر الطفل الذي يتواجد لديه إحساس بالنبذ بأنها تحبه وتشاركه دائماً عاداته اليومية ،فتسير معه في الشارع أو إلى منزله أثناء أو تجلس بقربه في باص الروضة وإذا حضر طفل جديد للصف يمكن للمعلمة أن تقدمه للأطفال الآخرين، وتساعده على إحساسه بأنه ليس غريباً، ومن ثم يشعر الطفل باعتباره لذاته ويساعد على الإحساس بأنه ينتمي إلى جماعة الروضة أو المدرسة، ويجعله يرغب في أن ينتمي إلى هذه المجموعات الجديدة كما أن سؤال المعلمة لأطفالها عما يرغبون أن يكونوه عندما يكبرون، تدل على الاهتمام بهم وإن كان على المدى البعيد‏

تحقيق الذات ..‏

كما نوهت منصور الى ان حاجة الطفل الى تقدير الذات تبدأ في الظهور منذ الاشهر الأولى من حياة الطفل حينما يبدأ في عمل الأشياء وتكون هذه الأعمال عظيمة بالنسبة للوالدين، هذا إضافة الى أهمية وضع مناهج تربوية للأطفال الصغار تحترم قدراتهم ورغباتهم وميولهم كما يجب ألا يعمل الآباء دائماً على الإلحاح في مراجعة الأطفال لمعرفة ما إذا كانوا قد أدوا واجباتهم المنزلية وقراءاتهم وإذا كانوا يتكلمون عندما يجب أن يتكلموا وعندما يلاحظ الأطفال مثل هذه الشكوك من المربين فإنه يقل احترامهم لذاتهم ويجب ألا يعملوا على التقليل من شأن الطفل بل مهمتهم أن يبنوا احتراماً داخلياً للذات لدى الطفل وأيضا يجب ألا يجعل الآباء والمربون الأيام والأسابيع تمر دون إعطاء الأطفال فرصة امتداح أعمالهم والإصغاء لامتداحها، فإذا لم يهيئوا لذلك تولد لدى الأطفال الانطباع أن العمل الذي يؤدونه من أجل الأب أو الأم أو المعلمة، وليس من أجل نموهم الخاص .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية