وكذلك دعم قرار الشعب الفلسطيني الحرّ بضرورة حل النزاع مع حكومة إسرائيل، وامتد لأكثر من ستين عاماً و وذلك بمشاركة الأسرة الدولية ودول أوروبا قاطبة ....السفراء الفرنسيون سابقاً لم يتوانوا عن توجيه رسالة مفتوحة للرئيس ساركوزي في آذار 2010 بهذا الشأن ، وهم يشعرون بالرضى ، في هذه الآونة نظراً للأهمية القصوى المعطاة لهذه المسألة الشائكة والمزمنة والتي لا تنفك تؤثر سلباً على علاقات فرنسا وأوروبا مع دول العالم العربي والإسلامي ،وتعمل على عرقلة تنسيق الجهود وتحقيق تعاون مشترك بين الدول المتشاطئة، الواقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط ....
ويتبدى لهؤلاء الدبلوماسيين بأن مبادرة بلادهم مبررة تماماً في ظل الوضع المأساوي والطريق المسدود الذي يعترض مصير الشعب الفلسطيني المعذب ... وفي حال تم الإجماع في ذلك اليوم المنشود حول ضرورة قيام دولة فلسطينية ، فإن شيئاً من هذا القبيل لن يتحقق بحسب القانون الدولي ، ومن المؤكد ، حينئذ، أن تلجأ فرنسا إلى طريق جانبي لانتزاع الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية من هيئة الأمم المتحدة ...لكن هذا الطرح لا يلبي الانتظار الشرعي للشعب الفلسطيني ... ولن يغير شيئاً من الوضع على أرض الواقع حيث تمضي الحكومة الإسرائيلية في بناء المزيد من المستوطنات على أراضيه لتنسف بذلك كل إمكانية للتماسك المنطقي لمقومات الدولة الفلسطينية المستقبلية ...ومن جهة أخرى ، يمكننا القول إن عزم «إسرائيل»ضم القدس الشرقية مع سيطرتها على الأماكن المقدسة وإجلاء السكان العرب منها إنما يساهم بالتأكيد في إفراغ التصور المشترك للعاصمة المستقبلية لكلا الدولتين من جوهره... وفي النهاية وبصريح العبارة ،فإن استمرارها في حصار غزة وبناء جدار الفصل العنصري إنما يدل على تمردهاورفضها التام الامتثال للقانون الدولي ... ومن خلال العجز الواضح للرباعية الدولية المكونة من أميركا ، بريطانيا ، فرنسا والأمم المتحدة ، يتضح أن نيل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني غير ممكن بناءً على علاقة هذه القوى على أرض الواقع انطلاقاً من اتفاقها المشترك حول إطلاق عملية السلام دونما توقف ، ليس بسبب أن الرأي العام الفلسطيني في حالة عداء لتسويةٍ تقوم على نهج واقعي ، بل لكون الحكومة الإسرائيلية الرافضة وضع حدّ للاستيطان لا تملك في الواقع عرضاً سياسياً منطقياً لتسخيره من أجل إنجاح المفاوضات ... وعلى هذا النحو نلقي على الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تجميد عملية السلام في ضوء استغلالها للوضع الراهن في العالم العربي ، وإمعانها في تعميق خططها الاستيطانية لا سيما في الضفة الغربية ....إذاً ، يمكننا القول إن الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية جار على قدم وساق مع التزامه ممارسة الاضطهاد والإذلال ... وهنا لا يسعنا إلا أن نتساءل عن الرأي العام العربي ، وصمته المريب ؟! وعن دعم القوى الصاعدة الساعية أبداً لإثبات وتأكيد دورها في المشهد الدولي ؟
فرنسا التي تسعى لدعم حركات التحرر في العالم لا يمكن لها أن تبقى في حالة عدم اكتراث في ظل الظروف الراهنة ، وكما تعودنا على تمسكها بالاعتراف بحقوق هذا الشعب في تقرير مصيره وبناء دولته السيادية المستقلة ، وينبغي لها كذلك أن تتصرف باسم القيم التاريخية الممثلة بالحرية والعدالة والمساواة للشعوب وأن تفرض في نهاية الأمر مبدأ احترام حقوق الشعب الفلسطيني الممزق....
ينبغي إذاً توجيه إنذار شديد اللهجة للحكومة الإسرائيلية حيال نتائج تمردها على القانون الدولي ، وبالتالي تأذي علاقاتها مع فرنسا وأوروبا والمجتمع الدولي، بل وعلى أمنها ومستقبلها القومي أي فرنسا ، الأثير جداً على قلوب شعبها...
بقلم : أيف أوبين دي لاميسوزير سفير فرنسي سابق