تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السودان بعد التقسيم .... إلى أين؟

شؤون سياسية
الأربعاء 4-7-2012
هيثم عدرة

معطيات ومؤشرات كثيرة تظهر بين الفترة والأخرى تفرزها الحالة التي رسمت مستقبل السودان منذ اللحظات التي استدعت سلسلة عقوبات بحق الرئيس البشير والشعب السوداني وصولا إلى تقسيم السودان بحيث أصبح دولتين,وبعدها لتبدأ سلسلة المناوشات بين الدولتين كل فترة والتي انتهت بنزاعات على أكثر من صعيد منها موضوع النفط والذي شكل عاملاً مهماً في الأزمة الأخيرة بينهما .

مايجري الآن في السودان وصفه الرئيس البشير بأنه ليسى ربيعا عربيا , فالمظاهرات التي بدأت تتصاعد تعطي مؤشرات ودلائل على أن المخطط لن يقف على تفتيت السودان وإنما يتجاوز ذلك عبر إنهاء مقومات الدولة ومؤسساتها عبر إشاعة الفوضى كما جرى في الدول العربية الأخرى ,ليبيا .تونس , اليمن ….الخ .‏

هذه الحالة تؤكد على المخطط الامريكي الغربي في الشرق الأوسط وأفريقيا بدأت تتضح معالمه من خلال إيجاد صيغ وتفاعلات على الأرض تجعل المخططات المراد تنفيذها تتبلور أكثر فأكثر .‏

علينا أن نعود بالذاكرة بضع سنوات ونستعرض ماتم في السودان وكيف تم تهيئة الأمور للوصول إلى التقسيم وإعلان دولة الجنوب , وكيف تصاعد شكل العقوبات على السودان قبل إعلان دولة الجنوب والتي طالت جميع مقومات الحياة , وكانت حجة الولايات المتحدة الأمريكية دائما الديمقراطية والحرية وحق الجنوب تقرير مصيره وكان ماكان وتم إعلان دولة الجنوب , ولكن هذا الأمر لم يشف غليل الغرب ما جعل الأمور مفتوحة على احتمالات عديدة وفي مقدمتها تزايد الاضطرابات في الشمال لزعزعة الاستقرار من جهة والنيل من حكم البشير من جهة أخرى لتتضح طبيعة المخططات المعدة مسبقا والمبرمجة وفق أجندات حددت في أروقة البيت الأبيض .‏

برأي المراقبين إن حدة الاضطرابات الشعبية تزداد حدتها في السودان ضد خطط الحكومة بخصوص سياسة التقشف والبشير يقول انه لاتراجع عن هذه الخطط بسبب الأوضاع الاقتصادية , وهذا مايجعل الاحتمالات كثيرة ومتعددة من استغلال هذا الواقع لتفجير الأوضاع والتي سيكون لها انعكاسات سلبية على جميع تفاصيل الحياة بالمجمل , إضافة إلى أن الأزمة المسلحة الجديدة بين السودانيين الشمالي والجنوبي والتي تتمحور حول المناطق المتنازع عليها وتقاسم العائدات النفطية سيكون كل ذلك له تأثيره المباشر وغير المباشر على مايحصل في السودان ويبدو أن الخلاف بين الخرطوم وجوبا أعمق وأوسع أو هكذا يراد له أن يكون , وهذا بالطبع يعود ضبطه إلى أطراف خارجية تعتبر لاعباً رئيسياً كالولايات المتحدة والصين والاتحاد الإفريقي .‏

إن استيلاء قوات جنوب السودان سابقا على منطقة هيجيليج الحدودية , الغنية بالنفط والعائدة لجمهوريات السودان , وما عقب ذلك من تصعيد مسلح بين الشمال والجنوب أوصلت الأمور إلى حافة حرب كبرى جديدة , هذه الحالة تتأكد من خلال البيانات الشديدة اللهجة التي تطلقه الخرطوم بشأن ضرورة إسقاط حكومة جوبا وبشأن الطابع العدائي الملازم لجنوب السودان, وقد شطب تصاعد المواجهات المسلحة محاولات التفاوض لحل الخلافات الإقليمية ومشكلة اقتسام العائدات النفطية بين الدولتين السودانيتين, وما يعقد الأوضاع أكثر دعاوى الطرفين في تأييد جماعات المعارضة سواء في الشمال أو الجنوب .‏

إن ماتقوم به دولة جنوب السودان لحل مشكلاته الإقليمية والبترولية عن طريق استخدام القوة يبعث للدهشة إن لم نقل أكثر, ذلك لأن جيش الجنوب الأقل تجهيزا والأضعف إعدادا من المستبعد أن يحقق بقواه الخاصة نصرا حربيا على الشمال , ثم إن استمرار المواجهات الحربية يعقد الوضع الاقتصادي المعقد أصلا في كلا البلدين , ويرى بعض المحللين أن رئيس جنوب السودان يمكن أن يكون قد تلقى تعهدا بالدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي هي المهندس الرئيسي لتقسيم السودان ,وهذا يفسر طبيعة المخططات الأمريكية في هذه البلدان الإفريقية وماذا تريد منها؟.‏

فعلى الرغم من استنكار واشنطن ولندن لاحتلال منطقة هيجليج من قبل قوات الجنوب فإن السلطات في جوبا واثقة من أن الغرب لن يمارس ضغطا جديا عليها,الأمر الذي يحول دون العمل على الصعيد الدولي , من خلال مجلس الأمن مثلا لوقف العمليات القتالية في حال تجددها , وهذا بالطبع مرهون بجملة أمور أهمها الوضع الدولي المعقد والذي أنهى أحادية القطب الواحد في العالم وهذا يجعل المخططات الغربية والأمريكية غير مهيأة للنجاح .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية