على الرغم من أهمية ما جرى خلال هذه القمة خاصةً فيما يتعلق بالقضية السورية ، حيث تم التأكيد خلالها على اللاءات الروسية الثلاثة المعروفة تجاه حل الأزمة السورية ، كما وضح الرئيس الروسي السيد « فلاديمير بوتين » في مؤتمره الصحفي عن وجود نقاط توافق بين الطرفين حول أسلوب حل الأزمة السورية وفق الطرق السلمية ، لكن السؤال الهام الذي يفرض ذاته فوراً هو : هل ستوقف الولايات المتحدة الأمريكية حربها التي تشنها بالوكالة عبر مجموعات إرهابية منظمة ومدربة أمريكياً على الدولة السورية بمكوناتها الرسمية والشعبية ؟
أم سيتم تمديد الاستمرار بتجميد اتخاذ قرار صريح من الجانب الأمريكي لحين انتهاء الانتخابات الأمريكية القادمة ؟ وأين موقع مؤسسات التحريض والفبركة العربية في هذه التسوية ؟
في النتيجة لقد تأكد للإدارة الأمريكية وفق معطيات دقيقة وبعد أكثر من أربعة عشر شهراً مضت من حربها على سورية ، بأنه من المستحيل تحقيق نصر للإرهاب وداعميه في سورية ، وبالتالي خوض أي مغامرة عسكرية أطلسية لاحقة على سورية سيكون مصيرها الفشل الذريع على الأرض ، بل ليس كذلك فحسب وإن النار السورية إن تم إشعالها ستلتهم الهياكل الكرتونية التي تحميها أمريكا وتعتمد عليها في تسديد فواتير تدمير منابع القوة العربية في أي بلد عربي يُشكل خطر على مستقبل إسرائيل ومصير المصالح الأمريكية في المنطقة ، وستغرق الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في القارة العجوز أكثر من أي وقت مضى في أزمات مالية جديدة قد تؤدي إلى إنهاء التحالفات التي تُعطي لأمريكا مكانتها الدولية كقوة عظمى ، وهذا ما بدا واضحاً في التحذيرات الجدية التي أطلقها الإعلام الأمريكي من انجرار القوة العظمى إلى نفق الأزمة الاقتصادية الأوروبية الذي يستحيل الخروج منه بسلامة .
الحكومة السورية وقيادتها السياسة تعتمد في سياستها العامة على استخدام مبدأ قوة المنطق في مواجهة الأزمة ، حيث إنها لم تترك باباً أو نافذة تقود إلى طريق الحل السلمي وتحقيق متطلبات الشعب السوري عبر تنفيذ أجندة الإصلاحات وتحديث آليات عمل المؤسسات العامة بكل مفاصلها إلا واعتمدته ، لوقف منطق القوة التي تستخدمها مجموعة أعداء سورية في حربهم القذرة على الشعب السوري ، حيث لم يوفروا أي جهد لتخريب سورية من الداخل على مبدأ « إن القلاع المحصنة لن تُهدم إلا من الداخل » ولذلك استنفروا كل مايمتلكونه من إمكانيات إعلامية وعسكرية واتصالات وغيرها من الأسلحة التي تُستخدم في المعارك الحديثة إضافة إلى محاولة فرض حصار اقتصادي على سورية ، متجاهلين بأن الشعب السوري استطاع الصمود عبر التاريخ في مواجهة أشرس الأعداء وحقق انتصارات نوعية على قوى استعمارية كبرى متسلحاً بمناعته الذاتية ووحدته الوطنية من جهة ، ومساندة قوى الخير والعدل في العالم التي تربطه بسورية علاقة وطيدة ورؤية مشتركة لبناء عالم خالٍ من الظلم والاستعباد من جهة أخرى، في الوقت الذي تسود فيه نظرية التآمر والاستغلال وسلب الشعوب الفقيرة مقدراتها الطبيعية في المعسكر الغربي الامبريالي .
إن الفشل الذي حصدته الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها في المنطقة ليس نصراً لسورية وقيادتها فحسب ، بل هو انتصار كبير لقوى الحق والعدل في العالم، وتعميم لسياسة الممانعة والمقاومة التي أثبتت نجاحها في حماية حقوق الشعوب الفقيرة ومنع القوى الاستعمارية من الافراط في طموحاتها العنصرية للسيطرة على العالم .
Email:m.a.mustafa@mail.sy