تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قوى العدوان.. حلول أم انحلال؟

شؤون سياسية
الأربعاء 4-7-2012
بقلم: د. أحمد الحاج علي

هل استقرت هذه القاعدة الوافدة على جناح التحولات في السياسة العالمية و في الاصطفافات القائمة والتبدلات المحتملة، والقاعدة تقول إن سورية هي المعادل للعالم كله، ومافي ذلك من تبجح أو ادعاء ذاتي،

فالعالم يفصح عن هذه الفكرة بصورة عملية و آخر تطبيقات هذه الحقيقة ما يحدث الآن في ما سموه مؤتمر جنيف الخاص بالقضية السورية، إن الأشياء تدل على منطقها و المواقف تنتمي لمصادرها، فليكن هذا المؤتمر ولتكن سورية مادته في النيات المتناقضة و هدفه في الاعتبارات المتلاطمة فالمهم بل الأهم هو أن نستشعر تلك الميزة ونخرجها من الظن إلى اليقين ومن الاحتمال إلى الوجود المتكامل.‏

إن العالم كله يجتمع على سورية و على الحدث السوري وإذا أردنا سلامة المنطق و موضوعية التعبير لقلنا إن سورية حركت العالم كله لكي يفصح عن مكنوناته و لكي يختبر رؤيته وأولوياته و من حقنا أن نستخرج من هذا المعنى كل الأبعاد التي تشكل الحالة العالمية الجديدة وتستقطب محاور العالم على سورية و على ما يجري فيها و على ما سوف تؤول إليه المعركة الكبرى في هذا العصر، والمعنى الأول هو أن سورية عظيمة راسخة إلى هذه الدرجة على مستوى العالم كله وقد كذب أولئك الذين كانوا يقولون بأن سورية لا تعرف إلى على الخارطة الجغرافية، والمعنى الثاني هو أن سورية مؤثرة و شاغلة للدنيا ومالئة للسياسات و الاستراتيجيات منذ التاريخ الأول و منذ التاريخ الوسيط و منذ المسيحية و الاسلام و منذ عهود الاستعمار الظلامي عبر التتار والمغول والصليبيين و العثمانيين و منذ إطلالات الموجات القاتمة للاستعمار الغربي الحديث تطبيقاً لسايكس بيكو وسان ريمو.‏

وتوضح مضمون هذه القوة السورية و معيارها عبر الغزو الصهيوني الغربي لفلسطين و كانت سورية حامية قوانين الصراع مع العدو الصهيوني و كانت سورية موكب الثبات على المبادىء وموكباً لا ينقطع و لا يتوقف من الشهادة والشهداء، ألم يذكر العرب و العالم تلك المقولة بأن سورية لفلسطين كما هي فلسطين لسورية و بأن الجولان ليس على حدودنا الغربية الجنوبية بل هو في قلب سورية و المسافة بين الجولان و القدس هي ذاتها المسافة بين الجولان و دمشق و الطريق سالكة بالمعنى القيمي و العسكري و السياسي حتى هذه اللحظة و لم يعد جسر بنات يعقوب يصلح أن يكون حداً فاصلاً بالمعنى الجغرافي و السياسي ما بين سورية وفلسطين ذهاباًو إياباً، وندرك الآن المعنى السامي و الراسخ لمقولة الرئيس بشار الأسد في مقابلته مع التلفزيون الإيراني بأن الأحداث العميقة القائمة عمقت في أصولها وتطوراتها جذور العلاقة و التبني للمقاومة و إبقاء فلسطين كل فلسطين هذه المرة من البحر إلى النهر مقوماً فوق العادة لطبيعة الموقف السوري و السلوك السوري و الخيارات السورية المكلفة.‏

وأما المعنى الثالث فهو المتصل بطاقة الرد على العدوان و الأعداء بالكامل ويكفي أن نثبت قوائم القوى و العداء لكي نكتشف صلابة وحيوية و نبوغ الرد السوري وفي القائمة المعادية قوى عالمية مصدرها ومرجعيتها الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية و في القائمة أوروبا الاستعمارية التي ما زالت تمتد من الحروب الصليبية حتى حلف الناتو فيما فعله عبر جريمة العصر باحتلال العراق و تدمير ليبيا، وفي القائمة أصحاب النزعات الاستعمارية والامبراطورية التي لفظها العصر وتحررت شعوب الدنيا منها و من شرورها و التي أنتجت بحقدها حربين عالميتين وحاولت أن تجعل من الكرة الأرضية مصدراً لتغذية هذه الحروب بالمال و الرجال و ميدانياً لانجاز معارك الحقد و الهيمنة على جغرافية هذه الشعوب المسالمة.‏

وفي القائمة المشؤومة تركيا الجاره المسلمة وقد أعطيناها المدى والتقطنا مصادر التفاعل مع الشعب التركي دون غيره و نحن نعلم و لم ننس قط مقومات النزعة الطورانية و أذرعة يهود الدولما في تركيا الجارة بعد انهيار المملكة العابرة لليهود في بحر الخزر (قزوين) قبل أكثر من خمسمئة عام و كنا نعرف بأن لتركيا حضارة و أن المغامرين مثل تورغت أوزال وأردوغان وداودد أوغلو و عبد الله غل و كثيرون من أشباههم قديماً و حديثاً لا يمثلون الأمة التركية و لا يعبرون عن أصالة هذه الأمة التي ما زال يعتقد أبناؤها بأن الشام (شام شريف) وبأنه على كل إنسان يأتي إلى سورية أو يعبر منها أن يخلع نعليه عند الوادي المقدس طوى.‏

وفي القائمة غصة و جرح ولوثة هي التي شكلت المفاجئة عبر أنظمة الأسر المتخلفة في الحجاز والخليج آل سعود وآل ثاني و آل خليفة وآل الصباح وآلات أخرى ما زالت ترتزق على الرعاية الأجنبية و ما زالت تسدد فاتورة الحماية للقوى الغربية من ثروة استودعها الله في هذه الأرض الطيبة و من مقدسات أرادها الله في واد غير ذي زرع والقائمة المشؤومة ألقمت ثم أنتجت هذه الأذرعة في الداخل السوري ممثلة بعصابات القتل والنهب و الذبح و التفجير وقد تلاصقت أجزاء هذه الأذرعة فإذا القاعدة جزء منها و إذا الوهابية حاويها وممولها و إذا الخطاب الديني المعادي للإسلام غطاؤها وعلمها الأسود، وبعد الجمع و الطرح و التفصيل مازالوا يستغربون حينما يقول الرئيس بشار الأسد إن الحدث سوري و إن الإصلاح ضروري ولا قيمة لأي حل إذا لم ينطبق أو يتطابق مع الوطنية السورية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية