- بذاته- والإناء ينضح بمافيه ، فهو الشر المستطير الذي يريد الهيمنة على المجتمع والشعوب، في أي مكان وجد، وبأي مكان حطّ رحاله وحلّ فيه..
بيد أن من يصنع ويرعى ربائب الإرهاب ، يأبى له تعريفاً، أو توصيفاً، ليبقى مفهوماً عائماً معوقاً، لأنه يريده(أنشوطة) بيده يشكلها ويطوعها كيفما يشاء وبحسب مصلحته، فهو يشنق بها القادة والشعوب تارة، ويجلدها بها في أخرى، ويلوح بها (كأبطال الكاوبوي) لمن لاينقاد الى قطيعة في ثالثة .
وحدها سورية من تحرفت، ووصفت، وقوننة الارهاب عندما وضعته في اطاره القانوني الرشيد، ليس الآن بصدور المرسوم الوطني لمكافحة الارهاب وانما منذ زمن بعيد، وتحديداً منذ الوقت الذي أكد فيه القائد الخالد حافظ الأسد بمناسبة انعقاد اول مؤتمر لمكافحة الارهاب، بأن علينا كدول التمييز مابين الارهاب كمفهوم هدام يقوض بنية الدولة وكيان المجتمع، وحق الشعوب المشروع والمصان في الدفاع عن النفس وسيادة الدولة ومقاومة مشاريع التوسع والعدوان... وحل ننسى أبداً قوله عن إعلانه ساعة الصفر في حرب تشرين التحريرية «نحن لانريد الموت لأحد.. وإنما ندفع الموت عن شعبنا... نعشق الحرية ونريدها لنا ولغيرنا.. نحن دعاة السلام ونعمل من أجل السلام...»
غير ان من راحت تتباكى بدموع التماسيح -بعدئذ- بأنها قد وقعت ضحية الارهاب في احداث الحادي عشر من ايلول، وغزت العراق وغيره من البلدان تحت هذا العنوان العريض لم يرق لها حينئذ الدعوات المنادية الى فصل الارهاب في التعريف عن حق الشعوب المشروع في الدفاع عن النفس، وسيادة الدولة، وحملت - نفاقاً وبهتاناً- لواء مكافحة الارهاب دون تعريفه في موضعه الحقيقي ، وكعادتها دائما دأبت على سياسة الكيل بمكيالين عندما نتحدث عن الارهاب، فهو مشروع ومشرعن عندما تتكلم ربيبتها (اسرائيل) وممنوع ومخطر على دول الطوق خاصة، عنما تريد الرد او صد مشاريع اسرائيل العدوانية والتوسعية في المنطقة . وهو (أي الإرهاب) جيد عندما يحقق مصالحها في مشروعها المستقبلي لشرق أوسط جديد ، وهي سيء عندما يجهض هذا المشروع العدواني القافز فوق ارادة وسيادة الدولة والشعوب ، عندما يطرح أخيراً السؤال :
كيف لدولة كبرى ان تدعي انها تكافح الارهاب وهي أول من ولد سفاحاً وكفل ورعى كل - ربيب فيه؟!
ولماذا نراها تتملص في كل المؤتمرات التي تنعقد بهذا الشأن ، من وضع النقاط على الحروف، والاتفاق دولياً على تعريف جامع مانع للارهاب وتوصيفه ووضعه في اطاره القانوني الصحيح.. ألم نقل بداية «إن الاناء ينضح بمافيه».