ومستقبل بقائهم، وجعل من شدة طردهم المركزي خارج مجال الجاذبية أمراً واقعاً، كما أعطى القيمة الدقيقة لأوزانهم التي لن تساوي إلا أصفاراً.
العلاقة «الحميمية» التي تربط بين منظومة العدوان وعملائها، لم تكن سوى خيطاً وهمياً، وذلك نتيجة الاختلاف الواضح بين القيمة المفترضة التي تحدد مستوى الطرفين، والاتجاه الذي يتحرك عبره أولئك على سطح التطورات، وذلك نتيجة عدم التماثل وانعدام التجانس بينهما، لكون النيات التي يتحرك وفقها مهندسو الحروب الإرهابية، تختلف تماماً عن طموحات الأدوات التي يتم تحريكها، لتنفيذ ما تم رسمه على أرض الواقع.
ولأن رياح أولئك الأعداء لم تجر كما تشتهي سفن حقدهم، يبدو أن ما يتم طرحه وتداوله اليوم على خريطة الأحداث، قد لا يتعارض مع الحدود والفواصل التي وضعتها سورية، ويساهم في ترسيخ وتوضيح الخطوط الحمراء التي لا يمكن لأحد الاقتراب منها، ولاسيما أن مجموعة من المبادئ حددت منذ بداية الأزمة سكة سير الحل المنشود، وحافظت على وحدة الأراضي السورية، وتثبيت سيادة الدولة عليها، بعد أن حاربت الإرهاب العالمي المنظم نيابة عن كثير من دول العالم.
التطورات السياسية الحاصلة اليوم تشكل إحدى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في سوتشي الروسية بداية العام الماضي، وتسهم بإزالة الأشواك السياسية التي راكمها أعداء سورية طوال السنوات الماضية لعرقلة الحل الذي ينتظره السوريون، بما يضمن لهم مستقبلاً كريماً يليق بحياتهم، وبدلاً من أن تحترق تلك الأشواك ويخرج منها دخان أسود يعيد تلويث المنطقة بمخلفاته السامة، هاهي سورية تزيل كل العوائق بصبرها وثباتها وإصرارها على مبادئها، وتتمسك بالمبادرات الأممية والحلول العادلة والضامنة، لينتشر السحاب الأبيض المحمّل بقطرات الانفراج التي ستشكل بداية غيث الخلاص من الحرب.
الأيام والأسابيع القادمة سوف تكون حاسمة، وذلك بعد أن تم الاتفاق على الآليات الناظمة للثوابت التي ترفض سورية التراجع والانزياح عنها، وهو ما يكشف أيضاً نيات داعمي الإرهاب الذين يتظاهرون دائماً بالتعاون ويفعلون العكس، في وقت تبدو فيه المياه صافية ولا مجال لديهم لمواصلة الصيد في الماء العكر.