وتحوّل سعي الطلاب في محافظة الحسكة للحصول على التعليم الحكومي إلى مهمة شاقة ونضال يومي جراء المسافات والصعوبات التي يقطعونها للوصول إلى مدارسهم، كما شكل ضغطاً هائلاً على المدارس القليلة المتبقية في مناطق سيطرة الجيش العربي السوري في المحافظة.
وعلى نهج تنظيم «داعش» الإرهابي أغلقت «قسد» الموالية لجيش الاحتلال الأميركي عددا كبيرا من المدارس الثانوية بداية العام الدراسي الحالي، وذلك بعد إغلاق التنظيم الإرهابي جميع مدارس المرحلتين الابتدائية والإعدادية بسبب رفض الأهالي لمناهجه، ما شكل ضغطا كبيرا على المجمعات التعليمية في مدينتي الحسكة والقامشلي.
وذكرت وكالة سبوتنيك نقلا عن مراسلها في محافظة الحسكة أن ميليشا «قسد» أغلقت بقوة السلاح قبل أيام مباني الثانويات السورية العامة بشكل كامل في مدينة رأس العين وعددها ثلاث ثانويات، بالإضافة لإغلاق المعهد النسوي المهني في حي الكلاسة والمعهد الصناعي في مدينة الحسكة، وقد قامت الميليشيا بتحويل جميع هذه المدارس إلى مقرات عسكرية للتنظيم ولجيش الاحتلال الأميركي لافتاً إلى أن الميليشيا التي باتت بمثابة ذراع محلية لجيش الاحتلال الأميركي ، منعت تدريس المناهج الحكومية للصف الحادي عشر ثانوي بعد منع طلاب الصف العاشر السنة الماضية في الثانويات العامة في المناطق الأخرى من المحافظة.
وأضاف المراسل نقلاً عن مصادر حكومية أن عدد المدارس المغلقة من قبل ميليشيا «قسد» وصل إلى 2154 مدرسة من جميع المراحل في مختلف أنحاء الحسكة من أصل 2423 مدرسة، في حين لا تزال هناك عشرات المدارس المدمرة بفعل قصف طيران التحالف الأميركي خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف المصدر إنه «وكحل إسعافي» قامت مديرية تربية الحسكة بتركيب 122 غرفة مسبقة الصنع في عدد من مدارس مدينتي الحسكة والقامشلي، بهدف تخفيف الضغط على الشعب الصفيّة في التجمعات المدرسية التي تشهد إقبالاً كبيراً من التلاميذ القادمين من مختلف المناطق وذلك بهدف استيعاب 20 ألف طالب وطالبة فيها، ولاستقبال جميع الطلاب والتلاميذ المدارس الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية في مدينتي الحسكة والقامشلي ومن كافة المراحل التعليمية.
وتشير الوكالة إلى أنه نتيجة التغير الكبير في خريطة المدارس، يلجأ الكثير من أولياء أمور الطلاب إلى نقل أبنائهم من الأحياء المنتشرة في مدينة الحسكة إلى المدارس السورية وسط مدينة الحسكة باستخدام الدراجات النارية والسيارات الشاحنة الصغيرة والكبيرة، وذلك لقلة وسائط النقل العامة والازدحام الشديد الذي تعاني منه أصلاً شوارع مركز مدينة الحسكة خصوصا عند الانصراف والقدوم إلى المدارس.
وتقول أم علي وهي من سكان حي الناصرة بمدينة الحسكة لوكالة «سبوتنيك» بأنها اضطرت هذه العام لدفع مبلغ 5000 ل.س لكل واحد من أبنائها الثلاثة، لصاحب سيارة «الفوكس» الذي يقوم بنقلهم إلى مدارسهم الحكومية، مضيفة بأن هناك مئات الطلاب والتلاميذ يأتون من مناطق ريفية بعيدة حيث يدفع أهلوهم أكثر من 20 ألف ليرة سورية شهرياً لكل تلميذ لإيصالهم لمدارسهم عبر وسائل النقل الخاصة، وكل هذا، بحسب «أم علي»، يعود لتعنت ميليشيا «قسد» في إغلاق مدارس أطفالنا وحرمانهم من التعليم، مؤكدة بأن هذا لن يتحقق أبداً لأننا مصرون على تعليم اطفالنا منهاج وكتب الدولة السورية.
بدوره قام أبو خالد، وهو من أحد سكان حي غويران بمدينة الحسكة، قام بتحويل شاحنته الكبيرة إلى وسيلة نقل تلاميذ وطلاب الحي، حيث عمد إلى إغلاقها بشوادر قماشية من الأعلى لحماية الأطفال من الشمس والمطر ليقوم بنقل إعداد كبيرة منهم يومياً إلى المدارس الحكومية وسط المدينة وبأجرة مالية أقل من الوسائل الأخرى.
أما أهالي أحياء النشوة الشرقية والغربية والليلية، فقد استعانوا بالدراجات النارية والشاحنات الصغيرة «سوزكي» لنقل أبنائهم الصغار بطريقة لا تخلو من المخاطرة بتعرضهم للحوادث إضافة وللإصابات المرضية نتيجة الشمس والبرد.
في حين يضطر أهالي المناطق الريفية إلى القدوم مع أبنائهم منذ الصباح الباكر لجلبهم إلى مدارسهم والبقاء لساعات أمام المدارس لانتظارهم حتى وقت الانصراف وإعادتهم للمنازل في القرى كما هو حال سيدة من سكان قرية الفلاحة التي تنتظر أبنائها لساعات طويلة أمام المدرسة.
وأوضح المصدر أن ميليشيا « قسد» التي تنفذ أجندات الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الجزيرة بدأت منذ أعوام بفرض مناهجها المطبوعة باللغات الكردية والسريانية والعربية والتي تحمل إيديولوجيا وأفكار «حزب العمال الكردستاني» وفرض هذه المناهج على مدارس الجزيرة التي تضم جميع مكونات شعب منطقة الجزيرة السورية المعروفة بتنوعها، وذلك بعد منعها تدريس المناهج الحكومية، إلا أن رفض الأهالي لهذه المناهج وخروجهم بتظاهرات منددة بهذه السياسات دفع الميليشيا الاتنفصالية إلى اعتماد سياسة إغلاق المدارس، حيث أغلقت حتى اليوم أكثر من 90% من إجمالي مدارس المحافظة.