تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رواد الفن التشكيلي في صالة كامل.. معرض استعادي شبه متحفي

ُ ثقافة
الخميس 5-2-2009م
أديب مخزوم

تستعيد غاليري كامل في خطوة اطلالة معرضها الثاني بعض ملامح الايقاعات الإبداعية التي شكلت بدايات وتحولات وانعطافات الفن التشكيلي السوري خلال المئة سنة الماضية.

ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المعرض الذي يقام تحت عنوان (تحف نادرة 1) أحد أهم المعارض التشكيلية التي تشاهدها دمشق في موسمها الثقافي الجاري وذلك لاحتوائه على مجموعة لوحات هامة لبعض كبار الفنانين السوريين الرواد بدءاً بتوفيق طارق ووصولاً إلى نعيم اسماعيل أحد أهم وأبرز رواد الحداثة التشكيلية، ولهذا فالمعرض يأخذ منحى تاريخياً شبه متحفي مع غياب متحف الفن الحديث وسط متاهات الفوضى الفنية الحالية والمتفاقمة.‏

لا يمكن الكلام عن أي اتجاه محدد في أعمال المعرض، فثمة اتجاهات فنية متنوعة ومتباعدة إذ يتحاور الكلاسيكي والواقعي مع التعبيري والتجريدي ولهذا فمن المفيد اعتماد المراحل العمرية والزمنية في خطوات تحليل وتشريح وفرز الأعمال المعروضة.‏

فتوفيق طارق (1875-1940) يجسد في لوحته الراعية بدقة ادائية واقعية عناصر الأشكال الحيوانية والإنسانية والطبيعية كذلك يبقى في لوحته الدرويش في إطار الرسم الواقعي رغم أنه في مراحل لاحقة أحس بجمالية اللمسة اللونية العفوية واقترب من الأداء اللوني الانطباعي.‏

ويعتمد صبحي شعيب (1909-1974) على الدقة والتشكيل الهندسي في صياغة الأشكال الصامتة والزهور ورغم أن رشاد مصطفى (1911-1995) كان مغرماً في بداياته الفنية بالأداء الواقعي التسجيلي إلا أنه في أعماله الأخيرة أخذ يمنح لوحاته التي جسد فيها عناصر الطبيعة المحلية حيوية لونية تتوافق مع منطلقات الاتجاه الرومانسي والانطباعي.‏

وتبدو لوحات شريف اورفلي (1914-2003) وكذلك لوحات خير الدين الأيوبي (1917-2001) أقرب إلى الصياغة الواقعية مع بروز نفحة عفوية في لوحات الأول.‏

ولقد ساهم ناظم الجعفري (1918) بدور كبير في ظهور ما يسمى بالانطباعية السورية من خلال تنويعات مواضيع الطبيعة والعمارة القديمة والوجوه عبر التأكيد على اللونية المحلية والتحريض لإيجاد منعطفات جديدة لتحولات ما بعد الاتجاهات الواقعية في نتاج الرعيل الأول.‏

كذلك اضفى نصير شورى (1920-1992) نقطة تحول جذرية على الحركة التشكيلية السورية منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي وبذلك أسس مع ميشيل كرشة وناظم الجعفري وسواهما ملامح المرحلة الانطباعية في تجارب الفنانين السوريين المحدثين الرواد ثم ظهر اتجاه نصير شورى نحو الشفافية والشاعرية وتسطيح المساحة اللونية في معالجة عناصر المشهد الخلوي والريفي والإنساني.‏

وتدل لوحات فاتح المدرس (1922-1999) على عفوية مطلقة في تشكيل المناظر الخلوية التي جسدها بكثافة لونية وما لبث أن كشف في ممارسته الفنية المتواصلة عن علاقته بالطبيعة وذكرياته في القرى الشمالية السورية حيث كل شيء حار وبراق ومتوهج ولقد تحولت المشاهد والعناصر والرموز في لوحاته وبشكل تدريجي إلى تآليف لونية وشكلية لامست في تعبيريتها عفوية رسوم الأطفال والإشارات البدائية والفطرية.‏

ووفقت لوحات أدهم اسماعيل (1922-1963) بين المظاهر المبسطة لإشارات الأشكال الإنسانية ورموز الطبيعة وبين المقدرة على تجسيد الأحاسيس الإنسانية بالتعبير اللوني الآتي من طريقة تسطيح المساحة وتحديدها بحركة خطية متواصلة دون نهاية أو انقطاع تؤكد الأسلوب الشخصي.‏

وتكشف لوحات محمود حماد (1923-1988) عن مرونة الحرف العربي وطواعية أو عفوية حركته، تلك العفوية التي تنتمي أكثر فأكثر إلى الإيقاعات الفنية التجريدية الحديثة وتستمد حيويتها وغنائيتها وتلقائيتها من إشراقة الداخل.‏

وتبدو لوحات نعيم اسماعيل (1930-1979) بمثابة بانوراما مستعادة من ذكريات العيش في القرية والريف وفي أعماله تظهر الفوارق النغمية الإيقاعية للون داخل السياق العقلاني الذي ينظم المساحة ويحدد الشكل الإنساني أو الحيواني أو المعماري وتلعب البنى الزخرفية في لوحاته دورها الأساسي في تحريف الأشكال أو في صياغة المشهد الريفي الحالم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية