هل هو محاولة تجنيب المرتزقة الذين تُشغلّهم إدارته بالتعاون مع السعودية وقطر وتركيا مصير كل إرهابي في العالم؟ ولماذا لا يخشى على سياسته من الفضيحة في هذه الحالات؟ هل بات من اليأس على حال تجعله يُقدِّم بتصريحاته هذه أدلة إثبات على تورط بلاده بدعم الإرهاب؟.
إذا كانت الحرب على التنظيمات الإرهابية، داعش والقاعدة والنصرة وكل المشتقات، أولوية حسب ادعاءات واشنطن تلتزم بها بلا حياد، فما دوافع القلق الأميركي والأممي من هزيمة هذه التنظيمات في حلب اليوم، وفي إدلب ودرعا وغيرها غداً أو بعد غد؟ وإذا كانت واشنطن تزعم أنّ دوافع هذه الحرب من النُبل بما يجعلها قضية فوق كل الاعتبارات، فلماذا تُوجه الدعوة لسورية وروسيا لوقف العمليات التي تستهدف الإرهابيين وتجتثهم، هل تريد أميركا الإبقاء عليهم؟ أم إنّ اجتثاثهم سيُفقدها رزمة من الأوراق التي تلعب بها؟.
ولماذا تتحدث واشنطن بحماقة عن احتمالات الخديعة في حلب التي من شأنها - حسب تصريح كيري - أن تُوقف التعاون الأميركي - الروسي في مسعى الحل السياسي؟ هل يعني ذلك أنّ حلب كانت من الأهمية بمكان تبرر كل هذا الجنون الأميركي؟ أم إنّ واشنطن تريد توجيه رسائل تقريع لتركيا، وإرسال إشارات بالتصعيد للسعودية وقطر؟ وهو ما يؤكد مُجدداً أنها لم تُغيّر أهدافها ولا استراتيجياتها أو تكتيكاتها في نشر الإرهاب، وحماية إسرائيل، ومحاولة النيل من قوة سورية ومحور المقاومة.
آن لأميركا أن تدرك خطورة رهاناتها، وآن لها أن تتلمس انسداد الأفق أمام مسارات استثماراتها بالتطرف والإرهاب، فضلاً عن وجوب إدراكها عقم سياساتها إلا عن إنتاج المزيد من الحروب أو عن توليد مخاطر تهدد العالم، وربما الارتدادات المحدودة التي أصابت أوروبا مؤخراً تتشظى غداً بلا حدود، وعليه فقد بات لزاماً على الغرب المُتضرر أن يفهم الحالة عاجلاً، وأن يسارع لفك الارتباط بالمشاريع الأميركية، والإسهام بحماية مصالحه وأمن مجتمعاته إذا كان الأمن والسلام العالمي لا يعني له الكثير.
مسار الحرب على الإرهاب في سورية لن يتوقف قبل إنجاز الهدف باجتثاث الوهابيين التكفيريين، وكما عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، فإن الرهان على العودة لنقطة الصفر هو رهان السُّذج من الذين يلتحمون بإسرائيل، ومن الذين يتخندقون معها ويعلنون أقل بكثير مما يخفون، ولملك الزهايمر من بعد ألا يكتفي لو شاء بهزيمة واحدة، اليوم باليمن، وغداً بسورية والبحرين ولبنان والعراق، ولأميركا أن تُراجع حساباتها بواقعية، لا بالعقل أو الحكمة التي تفتقدهما!.