|
الاستيطان الإرهابي .. إسرائيل في مرحلة ما بعد ( التهدئة)!! دراسات سياسية تقول الحقائق إن المستوطنين اليهود في قطاع غزة البالغ عددهم 7500 يعيشون وسط ما يزيد عن مليون فلسطيني على أرض تشهد كثافة سكانية تعد من أعلى النسب في العالم (2350 نسمة لكل كيلو متر مربع). وعلى رغم أن شارون لم يذكر سوى 17 مستوطنة فإن قطاع غزة يضم في الواقع 21 مستوطنة. تقع هذه المنطقة الساحلية إلى جنوب غربي إسرائيل وتجاور مصر وتبلغ مساحتها 362 كم مربعا بطول 45 كيلو مترا وعرض يتراوح بين 6و 10 كم ويعيش بها حوالى 1,2 مليون فلسطيني. تمارس السلطة الفلسطينية سيادتها على 67% من هذه الأراضي بينما تتولى فرقة من الجيش الإسرائيلي المسؤولية الأمنية على ال 33% الباقية التي تتوزع عليها المستوطنات اليهودية من الشمال إلى الجنوب. وتعمل هذه الفرقة بقيادة الجنرال غدي شاني في اطار ما يسمى القيادة العسكرية للمنطقة الجنوبية لإسرائيل التي تدخل غزة في نطاقها ويتولى قيادتها الجنرال دان هاريل والجيش يتحرك من جهته تبعا للضرورة وفي عمليات محددة داخل قطاع غزة وعلى طول السياج الأمني المحكم الاغلاق لمنع الهجمات الفلسطينية داخل الأراضي الإسرائيلية كما تقول إسرائيل. وتتوزع ثلاث مستوطنات عند الطرف الشمالي لقطاع غزة وهي من الشرق إلى الغرب (نيسانيت) و ( عاليه سيناي) و ( دوجيت) وفي جنوب مدينة غزة تقع مستوطنة (نتساريم) المعزولة وتضم 63 عائلة تقوم بحراستها سرية من الدبابات وفوج على الأقل من سلاح المشاة وقد قتل تسعة عسكريين فيها في هجمات فلسطينية منذ بدء الانتفاضة في أيلول 2000 وإلى الجنوب توجد مستوطنة يهودية اخرى معزولة هي (كفر داروم) القريبة من بلدة دير البلح الفلسطينية ثم هناك مجمع (غوش قطيف) الاستيطاني الذي يمتد حتى الحدود المصرية عند الطرف الجنوبي لقطاع غزة ويضم هذا المجمع 16 مستوطنة وتقوم غالبية المستوطنات بزراعة الحمضيات والأزهار في بيوت دفينة وتصدر منتجاتها خصوصا إلى أوروبا وتقول المعلومات الواردة ايضا من الأرض المحتلة أنه في 20/2/2005 صادقت الحكومة الإسرائيلية وبأغلبية 17 صوتا ضد (5 أصوات) على خطة فك الارتباط وإخلاء المستوطنات وعبر مراحل إلا أن هذا القرار وبعده بأربعة أيام تم نسخه بسلسلة من القرارات الإسرائيلية التي توسع الاستيطان في الضفة كبديل عن المستوطنات التي ستخلى في غزة, وفي هذا المعنى قالت صحيفة ( يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية في عددها الصادر يوم الجمعة 25 شباط عن مخطط إسرائيلي لإنشاء آلاف الواحدات السكنية الاستعمارية الجديدة في المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية اذآً المحصلة على الارض بالنسبة للفلسطينيين صفر, المسألة لا تعدو سوى إخلاء مستعمرين من غزة ونقلهم وتوطينهم في مستعمرات الضفة وتهدف إسرائيل من وراء ذلك إلى فرض الأمر الواقع بالقوة على الفلسطينيين استباقا لمفاوضات التسوية النهائية والحيلولة دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. يقول خليل التفكجي مدير دائرة التخطيط في بيت الشرق بالقدس المحتلة: ان المستعمرات التي ستبنى فيها الوحدات السكنية الجديدة هي التي قال عنها شارون: إن اسرائيل ستعزز الاستعمار فيها بعد الانسحاب من قطاع غزة والمقصود بها الكتل الاستعمارية التالية: التكتل الأول: ويقع خلف جدار الفصل العنصري ويمتد من منطقة نابلس اريئيل حتى منطقة غوش عتصيون في جنوب الضفة الغربية, منطقة اريئيل تتكون من 12 مستعمرة يهودية أكبرها مستعمرة اريئيل ومن ثم فإن بناء وحدات سكنية جديدة في مستعمرة عيتس أفرايم التي تقع في هذا التكتل يعني أن التوسع يتم في الكتل الاستعمارية التي ترغب إسرائيل في ضمها في المرحلة النهائية. التكتل الثاني: معاليه أدوميم ويقع خارج حدود بلدية القدس وهو ضمن الرؤية الإسرائيلية لمخطط القدس الكبرى ويتكون هذا التكتل من 10 مستعمرات على مساحة تبلغ نحو 100 كم مربع أكبرها مستعمرة معاليه أدوميم ويبلغ عدد المستعمرين في هذا التكتل أكثر من 60 ألف مستعمر, ضم تكتل معاليه أدويم إلى إسرائيل يحقق 3 أهداف أساسية أولها تنفيذ مخطط القدس الكبرى بالمفهوم الاسرائيلي وهو يعادل 8% من مساحة الضفة الغربية, وثانيا تغيير الوضع الديمغرافي في هذه المنطقة لمصلحة إسرائيل. الدراسات الإسرائيلية تقدر عدد السكان العرب في هذه المنطقة بنحو 35% ومن أجل تغيير الوضع الديموغرافي فإن إسرائيل تخطط لضم الكتل الاستعمارية, ويشمل هذا المخطط ايضا إقامة منطقة صناعية للتكنولوجيا المتقدمة المعروفة بالهاي تيك ,الهدف الثالث أن تصبح مدينة القدس في قلب إسرائيل. التكتل الثالث:غوش عتصيون ويتكون من 14 مستعمرة يقطنها 35 ألف مستعمر أكبرها بيتار عيليت, وهي مستعمرة يقطنها المتدينون اليهود, ومستعمرة إفرات وهي مستعمرة علمانية سكانها ينحدرون من الانجلوساكسون. ويقول خليل التفكجي في تقرير نشرته ( الأهرام المصرية أواخر شهر آذار 2005) :ان التوسع الاستعماري الاسرائيلي يتم بالتوازي مع بناء جدار الفصل العنصري فقد انتهت اسرائيل من بناء 116 كم من الجدار في جنوب قلقيلية, أما الجزء الثاني من الجدار ويمتد من جنوب قلقيلية في اتجاه منطقة اللطرون لم ينفذ حتى الآن بسبب الطعون التي قدمها الفلسطينيون إلى المحكمة الاسرائيلية ضد بناء الجدار في هذه المنطقة,أما الجزء الثالث من الجدار فهو حاضن القدس ويمتد على مسافة 31 كم وتم إنجازه, أما الجزء الرابع فيقع في جنوب غرب الخليل ويمتد على مسافة تتراوح بين 10 و5 كم. ويضيف التفكجي :إن مسار الجدار يؤكد أن الغرض منه سياسي وليس أمنيا إذ إنه لا يسمح بإقامة دولة فلسطينية ذات ولاية جغرافية وتواصل جغرافي بين شمال وجنوب الضفة الغربية هناك 3 كتل استعمارية ستقطع أوصال الدولة الفلسطينية هي : اريئيل في جنوب غرب القدس في اتجاه غور الأردن, ومعاليه أدوميم في اتجاه القدس غور الأردن, وغوش عتصيون في اتجاه البحر الميت. وها هو صوت من إسبانيا يأتي لينتقد هذا المخطط الصهيوني الإجرامي وهو صوت صحيفة ( الموندو) الإسبانية ( 17/3/2005) والتي قالت نصا: من الضروري أن نذكر أنه وحسب القانون الدولي فإن جميع المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة غير شرعية ويجب إزالتها بشكل كامل هذه المستوطنات تخالف قرارات مؤتمر جنيف الرابع والذي يحظر على أي دولة أن تنقل مواطنيها المدنيين للاستيطان في الأراضي المحتلة بقوة السلاح. إن القرارات ( 471-465-452-446) الصادرة عن مجلس الأمن الدولي تدعو وبشكل صريح سلطات الاحتلال إلى إزالة مستوطناتها المشيدة على الأراضي المحتلة في حرب 1967 اي الموجودة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس,كما يفرض القراران ( 242-338) على إسرائيل أن تنسحب من هذه الأراضي المحتلة. من هذا المنطلق فإن تصريح شارون عن رغبته بالمحافظة على بعض المستوطنات الإسرائيلية الموجودة في قطاع غزة ومن بينها مستوطنة ( آرييل) يشكل تحديا سافرا للمجتمع الدولي وللقوانين الدولية. لكن على الرغم من كل الانتقادات الدولية للسياسة الإسرائيلية فإن حكومة آرييل شارون تتابع تنفيذ مخططاتها فيما يتعلق بتوسيع المستوطنات الإسرائيلية. خلاصة الأمر إذآً إن هذا العدو الصهيوني استغل التبريد السياسي للانتفاضة ومحاولات ايقافها ووأدها وكذلك استغل الأوضاع الملتهبة في العراق وسورية ولبنان لكي يسرق الأرض والوقت وبهدوء وبعيدا عن الأنظار, وهذا سلوكه التاريخي الذي لا ينكره ولا يحيد عنه ومن الخطأ والخبلالسياسي/ الاستراتيجي أن يظل القادة العرب ( والفلسطينيون منهم بخاصة) يبنون مواقفهم على حسن نية شارون أو حسن الفاظ كونداليزا رايس أو سفيرها في تل أبيب لابد من الاعتماد اولا واخيرا على النفس وعلى هذا الشعب الفلسطيني العظيم الذي أثبت جدارة في الصمود والمقاومة قل نظيرها أمام استعمار استيطاني واحتلال لا يتورع عن خلع شعب بأكمله من أرضه ليحل محله قطعانا من المستوطنين القتلة, لنتأمل نموذجا واحدا لصمود هذا الشعب الذي يحاول أن يصوره وكأنه تعب وبالتالي يجوز معه أن يجري فوق دمائه الزكية توقيع اتفاقات التسوية الظالمة, هذا النموذج لخصته هذه الكلمات التي قالها شيخ فلسطيني اسمه جميل أبو هيكل ( 75 عاما) قبل أيام حين عرض عليه المليونير اليهودي المعروف ( ايرفنج ميسكوفيتش) شراء منزله ( منزل جميل أبو هيكل) ب 20 مليون دولار .. فقال: ( إنها خيانة لله ورسوله عندما أبيع منزلي لليهود) الصهاينة عرضوا على العجوز اختيار منزل فخم في الولايات المتحدة مع جنسية أميركية او اوروبية ليعيش هناك لكنه رفض بكل شرف. المحاولة لم تكن الأولى ولكن سبقتها محاولات من 1986والسبب أن منزله يقف كالشوكة بين مستوطنة رامات يشاي والمستوطنات القديمة بالخليل ويمنع اتصالها وامتدادها الجغرافي المترابط. موقف العجوز الفلسطيني يستحق كل التقدير والاحترام لأن ما بين عروض البيع والترغيب بالملايين كانت هناك عروض ترهيب لايعرفها إلا من يعيش وسط عصابات المستوطنين يقول ( جميل ) إنه تعرض وافراد اسرته لاعتداءات وضرب وقذف بالحجارة والاعتقال المتكرر ويضيف أنه لم يمر علينا يوم واحد دون اعتداءات لدرجة أننا أدمنا المعاناة والألم. هذا النموذج الذي آثرنا تقديمه في هذه الدراسة يقول لمن تصور أن الشعب الفلسطيني قد ( تعب) وأنه راغب في السلام بأي ثمن حتى لو كان هذا الثمن هو أرضه وكرامته ومستقبله, إنك واهم وإن هذا الشعب لايزال بخير وإنه قادر على الصمود والعطاء أكثر, فقط ليفهم القادة لغته وليبنوا استراتيجياتهم على أساسها لا على نقيضها!! * كاتب ومفكر سياسي E-mail:yafafr@hotmail.com0 ">مصري E-mail:yafafr@hotmail.com0
|