الجوانب الجنائية والجنائية وحدها والتي هي أساس أي تقرير يتولاه محقق عادي فكيف بمحقق دولي مثل ديتليف ميليس . لا بل انه تقرير مسيس عمل فيه المحقق الدولي على تلبية كل الرغبات والارادات والمخططات السياسية الدولية وخصوصا من جانب الملف الاميركي - الفرنسي - الإسرائيلي فتوجه خطة مسبقة واضحة تجاه:
1- الرئيس اميل لحود المشكو من سياسته الوطنية والقومية الداعمة للحق العربي وللمقاومة اللبنانية في وجه اسرائيل.
2- سورية الاسد التي تقلق إسرائيل بمواقفها العربية في زمن استسلم فيه الاخرون لارادات اميركا واسرائيل.
3- المقاومة الفلسطينية كونها الجانب الحيوي الرافض, وبالمقاومة للادارة الاميركية الاسرائيلية..
4- الدبلوماسية السورية التي أراد التقرير ان يستهدف جهودها القومية ومواقفها الثابتة اضافة لما تمثل من قدرات في المواجهة اضافة الى باقي الكفاءات السورية في حقل الامن والاستطلاع بما بذلته من جهود في حرب المخططات الاسرائيلية سواء في لبنان ام في سورية.
5- وحتى للقوى الاعلامية التي يشكو منها الغرب لمقاومتها مخططاته الاستعمارية ارادت اميركا ايضا توجيه الاتهام لها عبر التقرير.
6- كل القوى الوطنية في لبنان التي تساعد سورية في مواقفها حتى ليمكن وصف التقرير بأنه مضبطة اتهام ضد توجه سياسي محدد رافض للسياسة الاميركية الاسرائيلية في المنطقة. وهذا على الصعيد الاستراتيجي واما في التفاصيل فان التقرير الذي استند في الجانب الاكبر منه على افادات شاهد صديق ثبت كذبه عاد ولمع صورة الشاهد بانه نص في احدى صفحات التقرير بانه اكتسب مصداقية لمجرد انه حول نفسه من شاهد كاذب الى ضالع في الجريمة . وهكذا بدلا من ان يتهمه التقرير بتضليل التحقيق اعتبره عاملا مساعدا في الوصول الى الحقيقة . والبارز في التقرير ايضا ان ميليس لم يشأ ان يذهب في الابتعاد عن الضمير حتى النهاية فسارع الى ادخال نص في تقريره يوصي وبقوة بوجود مجموعات كبرى مالية متورطة في قضايا فساد مثل سلفه فيتز جيرالد الذي حصر الامر في الحساب السياسي المتعلق بخلافات شكلية كانت قائمة بين الرئيس الحريري وسورية ودون ان يسأل تقرير ميليس نفسه عندما سجل شهادات قيل فيها زورا ان الرئيس الأسد هدد الحريري بان يخرب لبنان اذا لم يوافق الحريري على التمديد فيما السؤال الاساسي الذي تهرب منه المحقق هو : مادام الرئيس الحريري وافق على التمديد في النهاية فلماذا تقوم سورية باغتياله او بتخريب لبنان وتزوير وغسيل اموال . وهذا النص وحده كان يفترض ان يلغي مجمل الشبهات التي تبقى رغم نواياها السياسة مجرد شبهات بنى عليها المحقق عمارات مما اعتبرته وسائل الاعلام ادلة وهو ما اتضح عندما استدرك ميليس وعن يقظة ضمير ربما بوصفها انها تبقى اقل مما اعترف بانها قرينة براءة تبقى قائمة مادام المشتبه بهم لم يدانوا ودون ادلة واضحة بقيت في التقرير اسيرة التوجهات السياسية الاساسية التي انطلق بها بدل مكافأته على قبول التمديد وادراكه الواضح للاعتبارات السياسية والقومية التي دفعت الرئيس الأسد باتجاه التمديد للرئيس لحود ضمانا لاستمرار حصن حصين متمثل بالرئيس اللبناني تجاه الهجمة الشرسة على سيادة لبنان واستقلاله ومقاومته.
واخيرا فإن البارز جدا في التقرير هو تحويل القاضي ميليس نفسه الى محلل سياسي بالنظر لحجم الاستنتاجات التي لم يتورع عن ادراجها في كثير من مقاطع التقرير بدل ان يركز على الوصف الدقيق والقانوني للمعطيات والشهادات ما جعل اي قارئ للتقرير يشعر انه امام مقال سياسي حافل بالنوايا المعادية للبنان وسورية كتمهيد لاستهداف القضايا العربية الكبرى بما في ذلك الاطراف العربية المقاومة للسياسة الغربية سواء في العراق ام في فلسطين ام في اي جزء اخر من الوطن العربي.
* اعلامية لبنانية