لامسافة بين أي صاحب فكر ودين،ورأي حر، وبين سكاكين القتلة..
فنحن في زمن الاغتيالات للفكر، ولأصحاب الفكر..
يبدو أن الفكر الحر النيّر في الدين،والسياسة، وفي الحياة، أشد خطراً على الظلاميين، والتكفيريين القتلة من خطر السلاح،وفي كل منهما خطر، لأن أصحاب الفكر المستنير، تاريخياً، شكلوا على امتداد التاريخ مصابيح الضوء الذي يمزق عتمة الجهل، والضلال، الديني ، والسياسي، والأخلاقي...
الإرهابيون لايؤمنون بالأديان، ولا بالإنسان، ولا بالأوطان..
لاينظرون إلى الحياة بوهجها الإنساني، والحضاري، والأخلاقي، والوطني، فالدم يلّون طريقهم إلى عالم مملوء بالشهوات الأبدية..
الإسلام عندهم فراش، ونساء، الإسلام عندهم لايقدّم حلولاً لقضايا الحياة : الفساد، الفقر، التعليم، الأمية، البطالة، الفوضى، التفاعل الاجتماعي، الإنساني، ولا لقضايا الأوطان، و القدس، والأقصى، والكرامة العربية..
الإسلام عندهم يقدم حلولاً للشهوات الجسدية : ثمة نساء، وخمر، وأنهار من لبن، وعسل، وفواكه من كل الثمرات.
الإرهابيون لاينظرون إلى قضايا العالم العربي، هناك استهتار بهذه القضايا، وهذا نتاج لمخطط مدروس وممنهج تقوده الاستخبارات الصهيونية والأمريكية..
ماذا يستطيع أي إسرائيلي أن يقدم للكيان الصهيوني أكثر مما يقدمه هؤلاء الإرهابيون وهم يدمرون سورية التي كانت آخر خنادق العروبة،والمقاومة، والإسلام الحنيف ؟!
القادة الإسرائيليون قالوا : إن خطر سورية على إسرائيل تضاءل، وانتهى.
لوكان الإرهابيون يمتلكون عقولاً نيرة في الدين، والقيم، والوطنية لأدركوا أن سقوط سورية لايخدم سوى أعداء الأمة، وأعداء الإسلام..
منذ البداية كان المطلوب أمريكياً،وإسرائيلياً قتل سورية، وتدمير جيشها، ورجالها، وتماسك شعبها، اغتالوا العلامة البوطي، صاحب الفكر النير، المستنير، لأنه واجه أصحاب الصيحات الطائفية، والمذهبية، والفتاوى التكفيرية، والدعوات التي تأخذ المسلمين في اتجاهات لاتخدم سوى الصهاينة والغرب الاستعماري، وأشباه الرجال في دول النفط الذين ينامون على وسائد المال والشهوات والكفر والخنوع والخضوع للغرب الاستعماري، بالفكر النير، بفكر الإسلام السمح، بتوضيح العلاقة بين الدين والوطن، بين الدين والبشر، بين البشر والبشر، بين الإسلام والديانات الأخرى.
أصحاب الفكر التكفيري، القتلة، ليس أصوليين، وليسوا متدينين، وليسوا مجاهدين، وليسوا مع الحرية، ولا مع الديمقراطية، الكبار منهم ماسونيون، والأتباع جهلة، غارقون في أحلام الشهوة، والرغبات الجسدية..
لماذا يقتلون شيخاً جليلاً كالعلامة سعيد رمضان البوطي ؟!
هل أرادوا إطفاء هذا الوهج الديني المتسامح بعقله،
نسيوا أن عقله بات فينا؟!
ويل لأمة تقتل علماءها..
وويل لأمة لاتحترم رموزها..
مايجري اليوم من قتل على يد الجهلاء هو محاولة لإغراق الأمة في الجهل، وليعود إليها هذا العثماني الجديد الناهض من مستنقعات الأحقاد، السوريون سيقدمون الشهيد تلو الشهيد..
والقافلة تلو القافلة من أجل الوطن، والدين، لتبقى سورية بلد الكرامة والدين المتسامح، والعروبة الحاضنة لجميع أبنائها، والوطنية المتوهجة بالإباء..
إن شعباً كالشعب السوري يؤمن بالشهادة، ويتفاخر بشهدائه، ويتفاخر بوطنيته،وبانتمائه إلى أمة عربية حية، ويمتلك نبضاً مقاوماً،ويرفض التطبيع مع العدو الصهيوني، والانحناء للسيد الأمريكي، هذا الشعب لن ينهزم..
هؤلاء الذين يدعون أنهم مع الشعب السوري،وهم يهدمون مقدرات هذا الشعب، يسرقونها، ويحلون اغتصاب نسائه هم كفرة فجرة، لاعلاقة بهم بالدين،.
أردوغان اليوم يعلن المصالحة مع الإسرائيليين، المصالحة كانت من قبل، والعلاقات التركية- الإسرائيلية كانت قوية، ومستمرة، ماحدث اليوم كان إشهاراً معلناً لما هو قائم، وربما لشن حرب على سورية، أو تصعيد للحرب القائمة عليها .
لو ساومت سورية على أرضها، وقضاياها، وكرامة شعبها، وتاريخها، وعلى القدس التي تجاهلتم، أو على الأقصى الذي نسيتم، وعلى الشعب الذي شردتم بتخاذلكم، لكانت سورية اليوم بلد الديمقراطية، والحرية، والإيمان، والإسلام، والتقوى، والديمقراطية.
يقول « أسخيلوس « الإغريقي، على لسان بروميثيوس بوصف العالم القديم، وأعتقد أنه يقول ذلك بوصف القتلة :
«كانوا يبصرون دون بصيرة، ويسمعون دون أن يعوا، ويعملون دون تفكير».