حيث تعرض لضغط من قبل الإدارة الأمريكية التي كانت تدير المفاوضات بين اسرائيل وسورية واعتقدت تلك الإدارة أنها كانت على وشك التوصل إلى اتفاق.
وعندما شعر بأنه غير قادر على تبرير مواقفه هدد بإحراق واشنطن في مقابل اصراره على عدم التنازل.
وهو حالياً لا يساير إدارة الرئيس أوباما ولا يعطيها فرصة للدخول في رعاية مفاوضات بينه وبين الفلسطينيين، وبالتالي لم يوافق على خطوة شكلية تقضي بتجميد بناء مستوطنات جديدة أو على الأقل بناء أبنية في مستوطنات قائمة.
فقد رفض نتنياهو تقديم أي التزام ولو كلامياً أو دعائياً أو إعلامياً ومشروعه هو عكس ذلك تماماً لذلك تحرك مع وزير خارجيته افيغدور ليبرمان داخل اسرائيل وخارجها ولا سيما داخل الولايات المتحدة نفسها ليستنفر جميع الامكانات والطاقات للضغط على إدارة أوباما ووضع حد «لانحرافاتها» تجاه الفلسطينيين، كما ادعى الثنائي الارهابي.
ولا يريد نتنياهو وقف الاستيطان وهذا برأيه وقناعته حق تاريخي توراتي مقدس لا يمكنه التنازل عنه ولا حق للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي اقتلعوا منها.
ومرة أخرى نكرر القول إن نتنياهو يريد اسقاط حقين للفلسطينيين: الأول حق البقاء والتملك على الأرض في الداخل والثاني حق عودة الذين هجروا إلى أرضهم.
وهنا يجب الاعتراف أنه رغم مظاهر الأزمة التي تواجه العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية فإن نتنياهو نجح حتى الآن في تحقيق مشروعه وهو يتقدم بخطا سريعة ويراهن حالياً على الوقت بأنه سيكون لمصلحته خلال الأشهر القليلة القادمة ليفرض الأمر الواقع على الأرض من جديد.
ويؤكد نتنياهو قائلاً: «لن نهدم جدار الفصل ولن نتراجع عن البناء في القدس وغيرها». هذا يعني أن العنصرية ستبقى عنوان وسمة السياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وسأل الأمريكيين قائلاً: «هل يمكن حرمان أمريكيين أو أوروبيين التملك في عواصمهم؟».
لكن بعض الأمريكيين والأوروبيين واجهوا نتنياهو كما تقول صحيفة نيويورك تايمز بالسؤال التالي المحرج: وماذا عن الفلسطينيين الموجودين في الداخل وحاملي الهوية الاسرائيلية وهم مواطنون في إسرائيل؟.
ولدى إحراج نتنياهو اخترع كذبة ليضلل بها الناس والرأي العام زاعماً أنه بمقدور سكان القدس الشرقية المحتلة شراء شقق سكنية في أنحاء القدس وأن العديد منهم يقيم في أحياء يهودية ليبرر حق اليهود في الاستيطان فيها لكن أليس هذا اعتداءً على الفلسطينيين وحقوقهم؟.
هذا ما كشف عنه تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية فضح نتنياهو عندما أكد أن أغلب الشقق السكنية في الأحياء اليهودية سواء الجديدة التي أقيمت بعد الاحتلال عام 1967 أم تلك القديمة المقامة على أراض تابعة للصندوق الدائم لإسرائيل الذي يسيطر على 13 بالمئة من مجمل الأراضي.
ووفقاً لنظام الصندوق المشار إليه فإنه يحق له أن يؤجر الشقق المقامة على أراضيه لزمن طويل لليهود فقط فيبيع الشقق في عقد إيجار لمدة 49 عاماً «لضمان أن تبقى الأراضي المقامة عليها بملكية الشعب اليهودي» ولا يتيح النظام ذاته لأجانب ليسوا يهوداً شراء هذه الشقق وضمن هذه المجموعة (الأجانب) الفلسطينيون سكان القدس الشرقية الذين يحملون بطاقات الهوية الإسرائيلية ولا يعتبرون مواطنين وإنما سكان فقط.
هذه هي الفضيحة الشهادة التي كشفتها -هآرتس- وكذبت نتنياهو وهي تعبر عن أصل السياسة الإسرائيلية إنها حالة فريدة من نوعها في العالم وإذا استخدمنا منطق نتنياهو لسألنا: هل ثمة مواطن في العالم من أمريكا إلى الغرب إلى آخر أصقاع المعمورة يحمل جنسية دولة معينة ولا يستطيع التملك فيها؟.
فقط الفلسطيني في أرضه؟ إذاً ما مصيره؟. أليس الطرد والتهجير ومصادرة أرضه وفي أحلى الحالات يمكن تأجيره إياها، لكن ملكيتها هي لصندوق إسرائيل الدائم؟ شهادة -هآرتس- هي من أهل البيت.
إسرائيل تقول للفلسطينيين: من حقنا أن نحتل أرضكم بالقوة أو تدفعوا ثمنها دماً ثم نمتص دماءكم ونؤجركم إياها وتعملون عندنا في مشروع سخرة وكل امكاناتكم لنا فهل يوجد نظام عنصري أكثر من هذا؟.
وشهادة أخرى من أهل البيت تؤكد استمرار نتنياهو وعصابته السياسية على السياسة ذاتها، جاءت على لسان والد رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي سئل من قبل أحد الصحفيين: أريد سماع رأيك في قول ابنك إنه يقبل قيام الدولة الفلسطينية، فقال: «دولة فلسطينية؟ لا، لا، هذا غير ممكن هذه بلاد يهودية وليست للعرب، لم يكن هناك عرب ولا يوجد عرب ولا يوجد مكان للعرب، الفلسطينيون لن يوافقوا على الدولة بالشروط التي فرضها عليهم.
ابني لا يؤيد قيام دولة فلسطينية لقد طرح عليهم شروطاً لن يقبلوا بها في يوم من الأيام».
هذه هي حقيقة الموقف الإسرائيلي إذا ظهرت أي كلمة في الخطاب توحي بالإيجابية فهي لا تخرج عن كونها مناورة ولا تعبر عن حقيقة وجوهر الموقف الذي تشير إليه الممارسات على الأرض وهي واضحة للجميع.