ليقطفوها من تيه غيمة أو جنون عاشقة، ذات يوم كتب الراحل ممدوح عدوان «إن واجب الشعر أن يكون نتاجاً ذاتياً بحتاً وقيمة الشعر تتحدد بصفاء الذات المولدة للشعر... وبمدى مقدرتها على أن تكون «الكل» أي التربة التي تحوي جذور الناس هذه الشرارة احتراق داخلي ولابد لهذا الاحتراق من الخروج إلى المجموع لأنه ناجم عن الاصطدام بهم».
في أمسية من أماسي الثقافي العربي أبو رمانة مرصعة بثلاثة شعراء... قدموا لنا فيها ومضات من تجربتهم الشعرية، القاصة مريم خير بك والشاعر بديع صقور والشاعر غانم بو حمود.. والبداية كانت مع الشاعر غانم بوحمود حيث قدم لنا بعضاً من نفحات شعرية عذبة... نقتطف منها:
نثريات أو ومضات قصيرة يقول:
كن بهياً أيهاً العيد
إذا مررت بشباكه الأنيق
ولاتنس أن تغزل له
نجمة من سهاد
تشرب بنبيذ دهشته
أمام كل برعم... احتفاء
وأيضاً مما قدمه الشاعر بوحمود:
الجرح قامة
لكن النهدة قيامة
إلاك ماغنت حروف الضاد - سارقة الكرى- قيامة الشجر- ذاكرة الحرير- فاكهة الرماد- بكائيات فرس الليل - الكتابة على جرس الماء - قطرات عطشى - مقامات العطر المالح - انطباعات شيخ القصب /قيد الطبع/، وصدرت له مجموعتان قصصيتان «كهرمان» وهي قصص عن الغربة وأهداها إلى بلاد التشيك والسلوفاك حيث أقام الشاعر زمناً طويلاً.
«عراف الوقت الهارب» مجموعة قصصية، والشاعر غانم بوحمود عضو اتحاد الكتاب العرب - جمعية الشعر وهو مهندس وقد أمضى وقتاً طويلاً في الغربة كان لها أبعد الأثر على تجربته الشعرية والقصصية يكتب الشعر باللغة التشيكية أيضاً.
أما الأديبة مريم خير بك فقد قدمت أيضاً مجموعة من العناوين الشعرية نذكر منها /بالأمس كنا بداتشا تلاقينا - كان جدي- بشراك أختاه/ وتأتي قصيدتها /بالأمس كنا بداتشا/ كذكرى لمناسبة حصلت على هذه الجزيرة التركية داتشا وهي مابين بحر ايجة والمتوسط وقد افتتح فيها المسؤولون الثقافيون العام الفائت خمسة عشر شارعاً لخمسة عشر شاعراً عالمياً من بينهم أرغوان ومحمود درويش ونزار قباني وناظم حكمت... وتقول مريم خير بك: حضرنا هذا التدشين وكان حينها محمود درويش حاضراً بيننا.... وهذا العام زرنا تلك الشوارع فكان محمود درويش حاضراً في رحيله مثلما أو أكثر مما كان حاضراً في حياته، وهذا ماعبرت عنه بهذه القصيدة التي كانت بوحاً للخلود تقول:
بالأمس كنا بداتشا نحتسي نخباً
واليوم عدنا بكل الحب نعتمر
هنا فرحنا
هنا أمسينا في ألق
هنا انتشينا على شط به الدرر
هنا سعدنا
هنا غنينا أغنية
هنا شدونا وكان الحب والقمر
هنا مشينا... وداتشا صوتها ثمل
تناغم الطيور إذ يشدو بها الوتر
هنا أراغون غنى
والنزار... رنا
إليه درويش إذ حنت لنا السبل
وناظم نادم الأحباب في شفق
إذا تنادوا لداتشا فانتشى السمر
وكان الختام مع الشاعر بديع صقور الذي قدم للجمهور مجموعة من مختاراته الشعرية وقد عنونها: إلى قبرك من كرم تفيض بالترحال، وهي مهداة إلى روح الشاعر علي الجندي الذي رحل قبل أن يوزع إرثه من الدنان والقصائد يقول فيها الشاعر:
هي الحرائق تسوقنا إلى مطالع الرماد
والمدارات بوح آخر....
هو النزيف المنكسر يقترب منا جميعاً
كأس ويباس على الشفاه
سقف لانعطافك إلى ممالك التيه
خلف قفار الأزل
الراية انكسرت... أو نكست عند التخوم، وأنت
تعد كرنفال نزفك الحميم
من يبقيك هناك ولست بقادر على البقاء؟
من قبرك إلى كرمة تفيض بالترحال
واليباس ....
العمر مهمازك إلى الحضور
وفيك يبتدىء حضور القصيدة