تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حسيب كيالي

كتب
الأربعاء 27-6-2012
أنور محمد

مسرحيات وروايات وقصص ومقالات حسيب كيالي التي أعادت إصدارها وزارة الثقافة مؤخراً؛ في طبعة الأعمال الكاملة, في وفاءٍ منها لمبدعينا السوريين وهي تسترجع,

بل تذكِّر بما صنع السوريون للعقل السوري من فعل خلاَّق في السرد الأدبي والتاريخي, إنَّما تعيد إلينا صوت صياح الديك الذي يبشِّر بالصباح أو يعلن بزوغ الفجر, يوقظ, يلكز, يوخز, يهتك فيها حسيب كيالي عرض وطول المنافق والمتآمر كان مثقَّفاً أو سياسياً أو من عامة البشر.‏

حسيب كيالي في أدبه يسخر لنضحك ونبكي, ويكتب بفصحى يخلطها بعامية فتتحوَّل كتاباته إلى حجر ماس تحزُّ , تلز, تشقُّ, تقصم, تُدمي لنخرج من المنفى فنعود ونشرب من نبع الحياة. حسيب كيالي يُنقِّب, يحفر ليقول كل ماينقال وما لاينقال, وقد شحن كلماته فصحى وعامية بالمعنى والدلالة وبالكشف, فلا أحد يستغبينا أو يضحك علينا. ففي قصصه وأنت تقرأها يتجسَّد, بل يتجسدن فيها الروحي, مثلما يتروحن الجسدي فتضحك, ولكن لتكتشف أنِّك المضحوك عليه فلا تمررها واثأر لنفسك, فأنت عضو في مجتمع إنساني لايحق لأحدٍ أن يبطل عمل عقلك, ويستغلَّ حواسك, أو يطفِّي الضوء الذي فيهما, الضوء الذي يشِّع ويخترق ويكشف فتضحك؛ تضحك، لقد ولدت الصدمة.‏

إنَّ قصص حسيب كيالي تصدمك, تصعقك فتضحك كالبكاء وتبكي كالضحك, حتى لاتميِّز إن كانت الصدمة قد أدركْتها بالمنطق أو بالعقل. فحسيب صُوَرُهُ الساخرة لاتجيءمن المقايسة أو المقارنة بين أسودين أو أحمرين, بل من تقريبٍ وجمعٍ بين عالمين متباعدين أحدهما عصيٌ على التدجين, لايقبل أن يعدَّ الأربعة خمسة, لأنَّ المستقبل هو الحياة وإن كان مصيرنا الموت. والآخر مفتَّح العين والعقل, يراعي أنَّ شخصياته المبثوثة في أعماله إنَّما تفعل ماتفعل سواءً بسذاجة وغباء وحماقة وخبث وبطيبة قلب إنَّما هي صادقة, لدرجة نظن أنَّها تفعل ذلك عن قصد وتخطيط مسبق, ودون أن ينسى حسيب كيالي أن يشعرنا أنَّها شخصيات في جانب منها غليظة وثقيلة وسمجة ومغفلة, وكأنَّها قد جاءت (سكبة), أحدٌ ما سكبها على الحياة, والحياة لاحاجة لها بهم.‏

مع ذلك فهي شخصيات لايمكن التخلي عنها أو صرفها من الخدمة, فالكوميديا وليس النكتة أو السخرية المباشرة؛ هي أخت التراجيديا, وكلاهما تجري مياههما من نبع واحد. فكثيراً مانقرأ عن شخصيات تراجيدية ترتكب أفعالاً كوميدية بمنتهى القسوة وتختلط ضحكتنا بالبكاء والعكس ممكن. أخيراً نسأل: ماالذي يمكن أن تفعله قصص أو روايات أو مسرحيات حسيب كيالي؟؟. لاأظن أنَّها تقضي على الفساد أو الطغيان أو على البشاعة, لكنًّها وهذه مهمة الفنون والآداب عموماً أنَّها تثير الانفعال بجمال الحق, تثير الفكر, وتزيد الوعي, وتحرِّض وإن بعد حين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية