تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لعاشقات مراهقات... أحلام مستغانمي تكتب نسيانها!!

كتب
الأربعاء 19-8-2009م
لميس علي

وصفة، أو مزحة النسيان التي تبوح بها أحلام مستغانمي في كتابها الأخير (نسيان .COM)، إذا أخذناها على محمل الجد، هي أقرب في حقيقتها، إلى فعل التورط حباً..

ذلك أن اتخاذ قرار النسيان يعني أن تقر لاشعورياً كم كان ذاك الآخر متوغلاً في مسامات روحك وقد أغلقت عليه وحده بوابات القلب.‏

النسيان الذي يخطه قلم مستغانمي، وتلتف عليه فتثقله الكثير من هذيانات من تصدعت قلوبهم عشقاً مراً، يحاول تقديم نصيحة جاءت على هيئة كتاب لصديقاتها النساء اللواتي سقطن بفعل خيانة أومغادرة الحبيب لهن دون سابق إنذار.‏

وما الدواء إلا النسيان.‏

ولكن هل تنبهن إلى أن (هنالك نسياناً أكثر حضوراً من الذاكرة)..‏

تغدق الكاتبة بنصائح، صدقة لوجه الله، وظيفتها إثارة فعل النسيان، وكما لو أنه سيأتي لامحالة، لمجرد قراءة هذا الكتاب، هكذا بكل بساطة يمكن لنا أن نتورط بنسيانكم، يامعشر الرجال، الذين حظّر عليهم اقتناؤه.‏

وكما كان عنوان الكتاب (نسيان، COM= نسيانكم) مشتملاً على لعبة لفظية، ذات شقين..‏

الأول (نسيان .COM) هوعنوان موقع النسيان الذي أنشأته الكاتبة.‏

والثاني.. يتوجه مباشرة إلى مخاطبة الرجال، أي النسيان هو النساء لكم.‏

على نفس الطريقة تأتي عبارة (التورط بنسيانكم) .. حمالة أوجه، وأهمها التورط بقراءة هذا الكتاب، والنتيجة: لانسيان ولامن يحزنون.‏

فعملية الإيهام بتحقيق النسيان لن تعدو كونها لعبة أخرى فخاً مراوغاً للإقبال بشغف ونهم على القراءة.‏

تصوري أيتها العاشقة، أن تنسي تجربة حب مؤثر حفر عميقاً وشكّل ذاكرة عشقية تعادل حياة بأثرها، لسبب بسيط هو قراءة كتاب..‏

وكأن الأمر أقرب إلى لمسة سحرية.. تخيلي أن تصدقي هكذا سذاجة، وتقعي أسيرة صف كلام تجميعي لن يقدم أو يؤخر في خسارتك لعلاقة حب، كنت فيها الضحية، كما تفترضك الكاتبة، التي تحمل لواء الدفاع عن نساء، هن ضحايا الحب (كتبت هذا الكتاب، وحولي نساء يخضن معارك بالسلاح الأبيض مع الماضي، صديقات يستنجدن بي لفضّ الاشتباك بينهن وبين الذكريات.. لأولئك النساء المعذبات، ما كان يمكن أن أقدم كتاباً في الحب وهنّ ينزفن بجروح الماضي،كان لابد أن يتعافين تماماً- كما الرجال- أن يتقبلن فكرة أن ينسين أخيراً مثلهم، مادام النسيان في متناول الجميع).‏

لعبة أخرى يحملها الغلاف،تجارية بحتة هذه المرة، هي عبارة (يحظر بيعهن للرجال)، تدرج كطعم محرض يثير شهية وفضول الرجال للاطلاع على نصائح موجهة ضدهم، تقول الكاتبة: (النساء والرجال من حولي يريدون الكتاب نفسه، أوضح للرجال: ولكنه ليس كتاباً لكم، يردون: لايهم في جميع الحالات نريده).‏

لكن لماذا الإصرار على هذا الفرز القسري مابين رجال ونساء، ذكورة وأنوثة.. من روائية اشتهر أول أعمالها بشخصية الرجل الذي كان هو ضحية الحب.‏

في الكتاب خدعة يرسمها ذكاء أنثى تتعمد اصطياد القراء الرجال، إنه رسالة مبطنة لقليلي الحب من الرجال، ليحاولوا تعلم الحب، علهم يفلحون في ذلك.‏

وللصدمة فقط إليكم مايخطه قلم روائية كإحدى النصائح الوقائية، المضادة للذاكرة العشقية الشقية، وعلى طريقة الجدات اللواتي أصبحن خبيرات بفعل طول الحياة.. تقول (السلام الروحي يأتي قبل الهناء العاطفي.. أمام كل المشكلات العاطفية.. تحصني بالإيمان، وجاهدي الحزن بالتقوى، بقدر إيمانك يسهل خروجك من محن القلب، فوزك بنعمة النسيان، لأن الإيمان يضعك في مكانة فوقية يصغر أمامها ظلم البشر).‏

واستمراراً للصدمة فإن الروائية ستكفر نهاية، عندما يعود الحبيب المفقود، إلى صديقتها التي ألف هذا الكتاب على شرفها، ستكفر بحزن النسيان. (أعود وأصحح نفسي،بل أنخرط في حزب العشاق، فهذا الرجل أسرني بكلامه، لأنه يدافع عن الحب، كلنا ضعفاء أمام الحب).‏

كيف أعلن الحرب على رجل يقول إنه يريد أن يحب المرأة كل دقيقة.. ماذا نريد غير رجل كهذا.‏

في الواقع، نحن ناضلنا لنستعيد حقوقنا من هذا الرجل بالذات، ثم عدنا وناضلنا لنستعيده هوبالذات.. ومازلنا لاندري ماذا نريد منه بالتحديد، أنا نفسي لا أدري ماأريد منه..).‏

بالمناسبة.. هذا يؤكد أن كل فبركات النسيان تلك، ليست سوى (مزحة) لكنها ثقيلة الدم.. والكاتبة دون دراية منها تبطل بهذه الطريقة وتلغي مبرر كتابها.. كتاب لايعدو كونه نصائح تطلق لعاشقات مراهقات يواجهن أول تجربة حب يخضنها في سني العشق الأولى.‏

الكتاب: (نسيان، COM) - المؤلفة: أحلام مستغانمي - الناشر: دار الآداب 2009م.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية