تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في ربيعه الـ 21 مهرجان بصرى الدولي يستعيد ألقه.. عروض فنية وأمسيات غنائية وتفاعل لافت

درعا
ثقافة
الاربعاء19-8-2009م
زيد المقداد

بمشاركة العديد من الدول الأجنبية الصديقة والفرق المحلية وعدد من الفنانين السوريين، استضافت محافظة درعا في الفترة الواقعة بين 6 و14 آب مهرجان بصرى الدولي للفلكلور والفنون الشعبية

في دورته الحادية والعشرين على مسرح قلعة بصرى الشهير الذي يعتبر من أجمل وأكمل مسارح العالم، ويعد منبراً حقيقياً لتلاقي الشعوب، ونافذة نطل من خلالها على فنون وثقافات الحضارات الأخرى، كما ويعبر مهرجان بصرى السنوي عن الهوية الثقافية للأمة لأنها الرمز والحاجة العليا لروح الشعوب وتطلعاتها نحو غد رحب بعيد عن صدام الحضارات.‏

بدايات المهرجان‏

أكثر من 30 عاماً وقلعة بصرى تحتضن مهرجانها الدولي وأول بداية له كانت عام 1972 أقتصر آنذاك على مشاركات للفرق المحلية من كافة المحافظات السورية وفي عام 1978 كان أول مهرجان دولي شاركت فيه فرق فنية من مختلف دول العالم وكانت مدته 15 يوماً حتى عام 1987 أصبح كل عامين بدلاً من واحد، وفي عام 2001 أصبحت مدة المهرجان 10 أيام.‏

حفل الافتتاح‏

كان مميزاً في هذه الدورة فقد اكتظت مدرجات المسرح بالجمهور المتعطش لانطلاقة جديدة للمهرجان بعد أن مني بعدة دورات سابقة لم تلب ذوق المشاهد والمتابع لفعالياته الفنية والتي لم ترق إلى مستوى النجاح الحقيقي له، ولكن كون المهرجان في دورته الحالية تتزامن مع القدس الأسيرة عاصمة أبدية للثقافة العربية فقد كان مميزاً، هذا ما أكده الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة في حفل الافتتاح حيث قال: باسمكم جميعاً نهدي هذا المهرجان وفعالياته للقدس وشعبها المناضل والمقاوم للاحتلال الصهيوني البغيض، فالقدس لنا ولن تكون لغيرنا.‏

عروض فنية‏

لقد شاهد جمهور المهرجان منذ اليوم الأول عروضاً فنية رائعة قدمتها فرقة كنعان الفلسطينية للتراث والفنون الشعبية حيث قدمت لوحات غنائية راقصة عبرت من خلالها عن الفلكلور الفلسطيني الذي يؤكد إرث هذا الشعب الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي البغيض بالرغم من المحاولات الصهيونية الجادة لطمس التراث الفلسطيني واستبداله بإرث مصطنع يتماشى ونزعة الصهاينة الزائفة في خلق موطىء قدم لهم في فلسطين العربية، ومن الفرق التي تألقت على مسرح بصرى كانت فرقة باتومي الجورجية للرقص والغناء التي قدمت أجمل أنواع الفلكلور القوقازي الذي عبر عن تراث تلك المنطقة.‏

أما فرقة أريادي الايطالية فقد قدمت عروضاً فلكلورية مثلت من خلالها التراث الشعبي للرقص والغناء في ايطاليا وحازت على الجائزة الأوروبية عام 1976 وأثارت فرقة مونولفوس اليونانية إعجاب الجمهور من خلال ماقدمته من رقصات ولوحات فنية عبرت عن الحياة اليومية للمواطن اليوناني حيث تسعى الفرقة إلى نقل التراث الهلنستي إلى كافة أنحاء العالم، أما فرقة الفلمند البلجيكية وأرينت الهولندية قدمتا عروضاً تراثية راقصة بهدف إظهار عاداتهم وتقاليدهم التي مازالوا يحافظون عليها.‏

أما الفرقة العربية الوحيدة التي شاركت في المهرجان كانت فرقة الرمثا للفنون الشعبية برفقة فناننا الشاب صالح الكراسنة الذي تألق بأغنياته الفلكلورية التي عبرت عن روح تراث هذه المنطقة، واللافت للنظر أن أعضاء فرقة الرمثا أدوا التانغو والفلامنغو على طريقتهم الرمثاوية التي نالت إعجاب جمهور المهرجان.‏

وأهم الفرق المحلية التي شاركت في المهرجان كانت فرقة سهل حوران من درعا، وكناثا من السويداء حيث قدمتا عروضاً فنية مستوحاة من تراث السهل والجبل وذلك على أنغام آلة المجوز والشبابة، أما فرقة أنترانيك الحلبية وتوتول من الرقة وبرمايا من الحسكة وأشبال الأسد من إدلب وفرقة ميغري لجمعية الجيل الجديد للثقافة والفنون وفرقة مرمر ومحردة من حماة أدت رقصات فلكلورية رائعة ولوحات تراثية جميلة تناغمت والموروث الحضاري والإنساني لكل منها.‏

أما الفنانون المحليون الذين تلت أغنياتهم الوصلات الفلكلورية الراقصة فقد تألقوا وأطربوا الجمهور الذي غصت به المدرجات مثل الفنان علي الديك الذي ألهب مشاعرهم بصوته العذب من خلال أغنياته التي دوت في فناء بصرى ومدرجها الذي امتلأ منذ ساعات الظهيرة، هذا ولم تخف الفرقة الهولندية التي سبقته في تقديم عروضها إعجابها بما قدمه الديك الذي صدح بأجمل الأغنيات والمواويل، فقد رقصت تلك الفرقة على منصة المسرح مبدية إعجابها وتفاعلها الكبير بما قدمه الفنان علي في تلك الأمسية التي ستبقى حاضرة في قلوب جمهور المهرجان، وحصل الأمر نفسه مع الفنان ثائر العلي والفنانة هالة القصير حيث قدما أمسيتين رائعتين كان فيمها الجمهور يغني على مدرجات المسرح ولم يخف رواد المهرجان انسجامهم الكبير مع الفنان محسن غازي ومصطفى هلال والفنانة شهد برمدا وعتاب والياس كرم.‏

مد جسور الثقة‏

لقد اقتنعت الجهات المنظمة مؤخراً بأن جمهور المهرجان ذواق ويستطيع التمييز بين الفرق ومستواها ويستطيع التقييم دون الرجوع إلى الجهات الراعية التي تطلق الوعود على الورق من خلال تشكيل اللجان والاجتماعات المتواصلة، فقد برهن جمهور المهرجان بالدليل القاطع على حبه للفن الراقي وتعطشه الكبير لمعرفة تاريخ وثقافات الشعوب الأخرى فقد أعادت فعاليات هذه الدورة ألق المهرجان المنسي منذ عدة سنوات، فقد أصغى رواد المهرجان هذا العام إلى الأغاني السورية الأصيلة التي انطلقت من أصوات عذبة تخترق الأفئدة وتطرب الروح، وهنا نؤكد أن الجمهور الذي اكتسب عبر السنوات السابقة خبرة فنية عالية في التقييم والتعرف على إرث وحضارة وفلكلور الشعوب الأخرى ويتوق أيضاً إلى سماع مطربين عرب وفرق فنية من الدول العربية التي غابت نهائياً عن مسرح العرض هذا العام.‏

ضعف الترويج‏

مايثير الاستغراب ونحن نتحدث عن مجريات مهرجان بصرى الدولي الذي يعتبر من أهم جسور التواصل مع حضارات وثقافات الشعوب الأخرى، كونه يبعث برسائل محبة وسلام لكافة شعوب الأرض ومنبراً حقيقياً لتلاقح وتلاقي الحضارات هذا مايؤكده دائماً المسؤلون عن هذه التظاهرة، السؤال الذي يطرح نفسه لماذا نلاحظ الضعف في الترويج له محلياً وعربياً ودولياً ولانشاهد سوى بعض الأخبار المتناثرة في الصحف المحلية؟ إذاً لماذا لايبدأ الترويج لهذا المهرجان عن طريق فعالياتنا السياحية الغائبة نهائياً عن بصرى ومهرجانها.‏

حفل الاختتام‏

كان مميزاً تخللته عروض فنية لفرقة تشافاشي الروسية التي عبرت من خلال رقصاتها عن تطلعات الإنسان إلى الحياة وتلتها مباشرة فرقة إدلب للفنون الشعبية، وفرقة أمية التابعة لمديرية المسارح في وزارة الثقافة التي أهدت لوحاتها الغنائية الراقصة إلى أهل حوران وجمهور المهرجان.‏

كلمة أخيرة:‏

لابد من القول إن مهرجان بصرى في دورته الحالية كان بمثابة انطلاقة موفقة لبداية جديدة أعادت الثقة بين جمهور المهرجان والجهات المنظمة من جهة والفرق المشاركة من جهة أخرى، حيث بذلت تلك الجهات مزيداً من الاهتمام في اختيار الفرق الأجنبية والفنانين الموهوبين وكانت الخطوة الصحيحة لاستعادة مهرجان بصرى مكانته التي انطفأت منذ زمن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية