سنرجع يوماً إلى حينا
ونفرق في دافئات المنى
سنرجع يوماً خبرني العندليب
غداة التقينا على منحى
حلم لايزال يراود الشاعر كما كل فلسطيني وحنين ظل ينادي به ردحاً طويلاً من الزمن لإيمانه أن العودة حق مهما شردت الرياح قلبه وقلوب كل المبعدين عن الوطن.
من القدس وغزة ويافا وكل المدن الفلسطينية حمل إلينا الليمون والزيتون والتعب والحزن والألم، ومن المدينة المحتلة المحاصرة الموضوعة تحت الإقامة الجبرية وإليها يمم شطر كلماته محتفلاً بها كعاصمة للثقافة العربية بقصيدته (عربية عربية) وفيها يقول:
عربية ياقدس مهما دبروا / لك في الخفاء... وهيئوا...وتنكروا
عربية مانبضة إلا على /أبواب مسجدك الطهور تكبر
عربية مادق بابك غاصب /إلا وزلزله العناد الأكبر
ياقدس أنت حياتنا ومماتنا / من غير وجهك... نستهان وننكر
عربية ياقدس حتى لو بغى / الباغي العتي... وأفحش المستعمر
عربية علمتنا أن الغدا /درب إلى الحق السليب ومعبر
وبأنه بالدم ليس بغيره/ الأوطان من ذل الدخيل تحرر
وبعد القدس أطلق صرخة الأقصى الذي تعمل يد الغدر على هدمه فيما العالم العربي غاف يحلم:
المسجد الأقصى يدور بساحه/ الآثمون الغادرون ويظلم
المسجد الأقصى على أفواهنا/ نغم نردده وشعر ينظم
هو ثالث الحرمين أول قبلة /للملسمين نقولها ونسلّم
مابالكم ماذا أصاب إباءكم؟/ وبأي داهية يداس ويردم؟
كيف الصلاة تجوز والأقصى/ غدا يصلى بآثام الدخيل ويوصم ؟
أما دمشق فهي غالية على قلب الشاعر وكل مافيها غال وهي المدينة التي سكنته منذ الشباب وتحديداً مذ أطلق شوقي قصيدته (وللحرية الحمرا باب) وشاءت الأقدار أن يرتبط بها في لقاء مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في عرس الوحدة التي كانت آنذاك الطريق إلى العودة وفي تحيته إليها يقول:
دمشق اقبضي على الجمر، على الثوابت الخوالد
قد قلت لا... وألف لا للذل والركوع والمفاسد
دمشق عن غزة جئت عن شعب مقاتل مجاهد
دمشق في غزة، في الضفة في قدسنا المهدد المعاند
أهل لنا مازحزحوا أنملة عن أشرف المقاصد
هم يؤمنون أن في دمشق عندها ظهيرهم ظهير كل صامد
ويؤمنون أنها، وأنكم معاً إلى المصير الواحد
في الاحتفال غير العادي وفي الظروف الاستثنائية والعام الاستثنائي والقدس في ذروة مخاطرها ماذا يستطيع الشاعر والأديب والكاتب إلا أن يعبر عن شعبه ووطنه وأمته، وهو مافعله وختم به أمسيته الشاعر الكبير هاشم هارون الرشيد.