مهن كانت في حالة احتضار بسبب قلة الزبائن أنعشها غلاء فاحش و فقر حال .. فالخياطة بعد أن أحالتها الألبسة الجاهزة إلى التقاعد .. عادت من جديد لتأخذ مكانها بين المهن الضرورية .. فأسعار الملابس لم تترك للكثيرين من محدودي الدخل خياراً إلا الحرص و الحفاظ على ملابسهم من تغيرات جسد و عوامل زمن .. و تعديل المقاسات عمليات جراحية ضرورية الإجراء عند زيادة الوزن أو نقصانه .. أو للتحايل على صيحات الموضة بإجراء بعض الإضافات ..
و من جديد رجعت مهارة حياكة الصوف لتزين الجلسات النسائية إما كمصدر رزق أو لكسوة أفراد العائلة .. و للضرورة أحكام فالأطفال كل عدة أشهر على طول و مقاس و مجاراة نموهم لا ترحمه محال بيع ألبسة الأطفال .. فما كان من سيدات البيوت المتقنات إلا العودة إلى مهارة الأمهات و الجدات لحياكة كنزات الصوف و المعاطف نكاية بأطماع تجار .. ناهيك عن إمكانية إجراء التعديلات مع كل هبّة طول أو عرض لتعيش سنوات و تنتقل للأخوة الصغار ..
و لإنقاذ حذاء من تلف أصابه لا بد من زيارة الاسكافي الذي عاد ليتربع على عرشه كضرورة فرضتها موجة الغلاء حتى الوطني من الصناعات .. و لا بأس من دقة مسمار أو ترميم لنعل ذاب من كثرة استعمال .. و مع هجرة بابور الكاز رفوف التحف الأثرية إلى معترك مطابخنا لغلاء الغاز .. عاد البوابيري لإجراء الصيانة و إصلاح الأعطال و ليقهر بطالة هددته لسنوات ..
مهن تراثية قديمة كالتنجيد و الرتي و غيرها الكثير كانت بمثابة المسعف للكثير من احتياجاتنا اليومية التي فرضتها أزمة اقتصادية طالت أغلب فئات مجتمعنا .. و بالمقابل عادت لتكون مورد رزق و لتستقطب يداً عاملة ذات باع و أخرى عاطلة عن العمل ما أنعش مهناً كانت في طريقها للزوال .