فهل ستقوم إسرائيل بمقاطعة أولئك الأعضاء? أم أنها ستصدر توجيهاتها إلى اللوبي الإسرائيلي في واشنطن بعدم تأييد انتخابهم مرة أخرى?.
إن إسرائيل لم تواجه مثل هذه المعضلة الصعبة بعد,لكن مصر وقعت في هذا الموقف مؤخرا عندما قابل أربعة من أعضاء الكونغرس الأميركي أعضاء في البرلمان المصري منهم الدكتور سعد القطاني( من جماعة الأخوان المسلمين البرلمانيين) تلك الجماعة المحظورة في مصر منذ عام ,1954 وطبقا للمعايير الدبلوماسية القائمة بين الطرفين توقعت مصر أن البرلمانيين الأميركيين لن يبادروا إلى إجراء أي لقاء مع أعضاء الحركة باعتبارها حركة غير مشروعة في مصر لكن أعضاء الكونغرس برروا لقاءهم هذا بالقول إنهم قابلوا ممثلا عن الحركة بصفته عضوا في البرلمان وليس باعتباره من أعضاء حركة الأخوان المسلمين ( الأمر الذي دعا المتحدث الرسمي باسم الرئيس حسني مبارك للقول:( إذا كان الأمر كذلك لماذا لم يعمد البرلمانيون الأميركيون إلى مقابلة برلمانيين فلسطينيين من أعضاء حماس) علما بأن وضع حماس في إسرائيل مشابه لوضع الإخوان المسلمين في مصر.
لكن الأمور تبدو وكأن ما هو مباح للبرلمانيين الأميركيين غير مباح للإسرائيليين وما تجيزه أمريكا لنفسها تحظر على إسرائيل القيام به ,ففي حين عمدت رئيسة الكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي إلى مقابلة الرئيس السوري بشار الأسد في الشهر الفائت لا تستطيع إسرائيل إجراء أي لقاء مع سورية منفذة في ذلك رغبات الولايات المتحدة, لكنه يبدو أن واشنطن قد أجرت تغييرا مفاجئا في سياستها تجاه هذا البلد ولم يعد لديها أي اعتراض حول إجراء مفاوضات معه لأنها في واقع الأمر تحتاج إلى مساعدته من أجل العمل على استقرار الوضع في العراق ,أما على الجانب الإيراني فإنه في الوقت الذي تبذل إسرائيل قصارى جهدها لفرض عقوبات إضافية على إيران تعمد الولايات المتحدة إلى بدء حوار معها بعد انقطاع دام أكثر من 27 عاما وفي عهد ولاية نظام محمد أحمدي نجاد, وعلى ما يبدو فإن هذا الحوار سيستمر وإن السياسة الأميركية التي تنفذها إسرائيل بتوجيه من واشنطن قد أخذت بالانحسار وبذلك فقد أصبح هذا الدرع الواقي الذي تختفي إسرائيل خلفه في مرحلة متقدمة من الانهيار.
تقر كل من إسرائيل والولايات المتحدة بأنهما دخلتا في حربين لا طائل منهما ولن تفلح الأعمال العسكرية في إيجاد حلول مناسبة لهما وإن كليهما يبحثان عن وسيط يهدئ أو يوقف إطلاق الصواريخ من غزة وشريك آخر يساعد في وقف الهجمات المخيفة في بغداد.
حيث لقي حوالي 3600 جندي أمريكي حتفه في العراق وقتل العديد من الأشخاص في إسرائيل نتيجة إطلاق الصواريخ وفي كلتا الجبهتين تقف حكومتا الاحتلال في حيرة عما يجب اتخاذه حيال هذا الوضع الصعب.
قد تكون الأمور ميسرة بالنسبة للولايات المتحدة حيث يوجد بصيص أمل يوحي بأن المفاوضات مع العدو قد تفضي إلى نتائج سياسية وبذلك تجد لزاما عليها إجراء محادثات مباشرة أو غير مباشرة مع المنظمات المسلحة في العراق بعد أن سبق لها أن قاطعتها بشكل كلي,وستجد نفسها في موقع يتطلب منها إجراء مفاوضات مع عدوها اللدود إيران ولا شك بأن من يتولى الوساطة مع إيران لابد وأن يتابعها مع سورية التي سبق للولايات المتحدة أن نصحت إسرائيل بعدم إجراء أي مفاوضات معها.
إزاء هذا الواقع على إسرائيل التحرر من القيود السياسية التي تفرضها عليها الولايات المتحدة حتى اليوم إذ إنها تفرض أمورا لا تلزم نفسها بها .
في حقيقية الأمر لا يمكننا الحكم على مدى الجدية التي يبديها أولمرت فيما يتعلق بالعملية الدبلوماسية مع سورية كما ذكرأولف بن في صحيفة ها آرتس,لكن تبقى تلك المقولة إشارة إيجابية تشعر بأن إسرائيل لها القدرة على اتخاذ بعض الخطوات الدبلوماسية منفردة.
يتعين على إسرائيل الآن تشجيع مصر على بذل جهدها لوقف إطلاق النار من قبل الجانب الفلسطيني دون الاكتفاء بأن يقتصر ذلك على حصول فترة قصيرة أخرى من الهدوء وعلينا إعادة تقييم سياسة المقاطعة والحصار والعمل على اتباع طريقة الولايات المتحدة التي تسعى إلى تطبيقها في العراق.
إن رغبة إسرائيل واستعدادها لإجراء مفاوضات مع حماس حول عودة الجندي جلعاد شاليت يدعوها بالضرورة إلى التفاوض حول تهدئة الأوضاع في سديروت,وإن أي شخص يوافق على التفاوض حول سديروت سيعرف تماما ثمن هذا التفاوض بالتأكيد, أما الحل الآخر فهو أن تبقى إسرائىل تنتظر مسؤولين من الكونغرس الأميركي يقررون مقابلة أعضاء من حماس( على غرار ما حدث في مصر) وعندها سيكون ثمن ذلك أعلى بكثير.