بعد تعيين الوزير الفنلندي السابق ( بيكاهافيستو) في منتصف شهر تموز الفائت ( ممثلاً خاصاً) للاتحاد الأوروبي في دارفور,
عينت الولايات المتحدة في نهاية الشهر عينه (روجيه وينتر) مبعوثاً خاصاً إلى السودان, ووراء هذه التحركات تقبع مواجهة قادمة بين الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي لمعرفة من سيقود عمليات الدعم العسكري واللوجستي لقوات الاتحاد الأفريقي (UA) في دارفور.
الاتحاد الأفريقي, بالرغم من استعداده والدعم الممنوح له حالياً- والموعود به- لا يمكن له أن يضع حداً لأزمة دارفور, لأنه لا يمتلك الوسائل المطلوبة لتفادي مجاعة آلاف السودانيين في هذا النزاع المستمر منذ عامين. لقد وصل الوضع إلى درجة أن جميع البدائل الفعالة والسريعة قد استنفدت,وأن الحلف الأطلسي وحده هو القادر على مساندة الاتحاد الأفريقي لوضع حد للإقتتال اليومي.
حتى بعد عقد مؤتمر أديس بابا, أظهرت مهمة الاتحاد الأفريقي في دارفور المسماة (MUAS) نقطتي ضعف هما: صلاحيتها وحجمها. الصلاحية الحالية, كما يسمح بها مجلس السلام والأمن للاتحاد الأفريقي تقتصر على مهمات المراقبة والتدقيق.
ونتيجة إضعافها من خلال ضغوط سياسية, فهي لا تتيح سوى ( حماية المدنيين في المحيط المباشر لمواقع ال( MUAS) وفي حدود موارده وإمكانياته). ولكي تكون فعالة يجب دعم صلاحية ال(MUAS) لتتمكن من أخذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين. وإذا اقتضت الحاجة, يجب أن تكون لها القدرة على القيام بإجراءات فعالة دون أن تكون تابعة للتعاون مع نظام الخرطوم, لكن ال(MUAS) لا تمتلك القدرات الإنسانية والعسكرية المطلوبة.
كما أن حجمها لا يسمح لها بالتدخل بفعالية بين الميليشيات وضحاياهم ولا حماية المدنيين والتدخلات الإنسانية الأساسية لمليوني لاجئ في دارفور.
في البدء, كان ينبغي أن تتألف القوة من 3300 عنصر في دارفور لكن هناك نقص دائم ل 600 شرطي مدني. وقد يصل العدد إلى 7700 في نهاية الشهر الحالي, إنه عدد قليل جداً, والمطلوب على الأقل 12000 إلى 15000 عنصر منذ اليوم للتوصل إلى حماية القرى والنساء من الاغتصاب المباشر خارج المعسكرات, والدفاع عن المهجرين داخل السودان.
لقد صوتت الأمم المتحدة في عام واحد على ثلاثة قرارات توافقية حول دارفور دون أن يتحسن الوضع.ولسبب بديهي, فإن الصين التي تستورد 10% من النفط من السودان, قد هددت عدة مرات باستخدام حق الفيتو ضد قرارات معاقبة الحكومة السودانية لعدم قناعتها بهذه العقوبات ومن جهتها تتخذ روسيا نفس الموقف تقريباً, فيما تدعم ( الدول العربية).أي عمل يعطي مصداقية سياسية للحكومة السودانية ويدعمها أكثر لحل الأزمة فعلياً في غرب البلاد يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يملك بعد القدرة على التنسيق العسكري فيما يتعلق بالتخطيط وسلسلة المراقبة والقيادة والوسائل اللوجستية اللازمة لتغطية أراض أفريقية بمساحة فرنسا.
إضافة إلى ذلك, لايوجد أي بلد أوروبي على استعداد ليقوم بمفرده بهذه المهمة, والقوات متعددة الجنسيات التي تشكل حالياً ليست كافية. مع ذلك يبقى دور أوروبا في دارفور أساسياً, فالتدريب الذي تقوم به البلدان الأوروبية لقوات الاتحاد الأفريقي, المساعدات اللوجستية وتمويل العمليات تعتبر حيوية. وبالرغم من كون تلك الأعمال قد بدأت في عام 2004 فإنها لم تنجح في إنهاء أزمة دارفور. فالإعلان عن إحداث ثلاثة مراكز قيادة ودعم جوي سيكون مفيداً لكنه للأسف غير كاف.
من الواضح أن الاتحاد الأوروبي وفي مقدمته فرنسا كان كثير التحفظ على تدخل حلف الأطلسي في أفريقيا, وأخيراً اتفقت المنظمات لمصلحة الجميع على تنسيق العملية بواسطة خلية عسكرية يكون مقرها أديس أبابا وبقيادة الاتحاد الأفريقي.
مع ذلك, من المهم أن نقول إن عملية حلف الأطلسي لا تخدم في دارفور إلا القيام بمهام عاجلة جداً لحماية المدنيين ريثما تكون قوة الاتحاد الأفريقي كاملة وفعالة. لذا تلتزم المؤسسة الأطلسية بمنح: إما مساعدة لوجستية ضرورية إلى الاتحاد الأفريقي ليتمكن من زيادة عدد قواته لتصل إلى 12000 رجل, وليس حتى عام ,2006 إنما في الشهرين القادمين !! وإما بوضع قوة مؤقتة على الأرض لدعم قوات الاتحاد الأفريقي ريثما يستكمل إعدادها.
في غياب البدائل الفعالة, يلقى ما يقرب من 10,000 شخص مصرعهم كل شهر في دارفور سواء جراء المذابح أو من الوضع السيىء للاجئين.