وقد حسمت في دمشق, وحلب تنتظر. يمكن إعادة حالة التحفز هذه إلى عدة أسباب منها:
1 تطور أهمية الصناعيين في سورية.. وقد بدأت تتوضح خطوط الفصل بين مصالح الصناعيين ومصالح التجار.. وكان قرار الحكومة بالفصل بين غرف التجارة والصناعة قرار في مكانه, إمتثل بصورة أساسية إلى أهمية الصناعيين, اتضاح فرق المصالح.
2 إن الاتجاه أكثر نحو القطاع الخاص يقتضي بالضرورة احتدام النقاش على قيادة غرف التجارة والصناعة التي تعتبر أبرز وأهم المنظمات الأهلية التي تتمثل فيها مصالح القطاع الخاص الاقتصادي بهذا الشكل أو ذاك.
3 ما من شك أن ثمة نزوع عام عند السوريين باتجاه الديمقراطية وبالتالي فإن كل المواقع التي تجري فيها انتخابات ستشهد نوعا من الصراع المحتدم الذي يستطيع أن يمثل صورة للديمقراطية لولا مقدرة الدولة دائما على حسم الأمور بالاتجاه الذي تراه.. هذه المقدرة التي تتجلى بصورة رئيسية في انتخابات القطاع المرتبط بالحكومة إلى حد كبير مثل النقابات والاتحادات المهنية المختلفة.. وإذا كانت هذه المقدرة تتراجع في انتخابات المنظمات الأهلية وصورتها الأوضح غرف الصناعة والتجارة فهي غير معدومة.. لكن وجودها الطبيعي كما نراه لا يمنع احتدام المعركة الانتخابية.
4 هناك حسابات جديدة يجب أن تحسب في كل المنظمات الأهلية والشعبية والمهنية والنقابية.. وهذه وإن كانت أشارات مستقبلية لكنها فاعلة في بعض الانتخابات الأخيرة.. منها مثلا انتخابات اتحاد الكتاب ومنها أيضا وبشكل واضح انتخابات غرف الصناعة.. الأولى مهنية والثانية أهلية.. هذه الحسابات تقوم على أساس السؤال:
من هو العضو الذي يحق له الانتخاب والترشيح..?!
من هو التاجر .. من هو الصناعي.. من هو الكاتب.. من هو الصحفي.. من هو العامل..الخ ?!
في مرحلة ماضية ومستمرة لكن بشكل أقل قوة ,كانت فرضية أن تنافسوا كما تشاؤون ونحن نقول كلمتنا أخيرا.. )أي الحكومة( .. تخفف من جدوى هذه الحاجة لتعريف صفة العضو بشكل دقيق.. واليوم أصبح الأمر أكثر الحاحا.. فلا بد من أن يتولى هذه المنظمات المهنية والشعبية والأهلية من يمثل أعضاءها ومصالح العمل الذي يمارسونه.. وبالتالي فإن الذي نراه اليوم هو ليس جديدا تماما.. لكنه دربكة على الأبواب تنذر بأن الممارسة الفعلية للديمقراطية في هذه التجمعات قادم بالضرورة.. رغم الاعتلالات التي ما زالت قائمة وواضحة.
في غرفة صناعة دمشق.. كان رفض ترشيح السيد بشار حتاحت الصورة الأوضح لهذا التنافس الذي بدأت تظهر قواه وستظهر أكثر في المرات القادمة. فحتاحت هو ليس مجرد مرشح كان.. بل هو عضو مجلس إدارة في غرفة صناعة دمشق .
5 إن اعتراف الدولة أن القطاع الخاص هو الذي سيقود عملية النمو الاقتصادي في المرحلة القادمة.. يقتضي بالضرورة, أن يقود هذا القطاع أيضا العملية الانتخابية للوصول إلى الديمقراطية في هذه التجمعات والهيئات الشعبية والمهنية والأهلية..
وبالتالي فإن انتخابات غرفة صناعة دمشق.. والنتائج التي أظهرتها والتي شكلت مفاجأة إلى حد ما بالنسبة لكثيرين أعطت دلالات مهمة.. حول التطور الحاصل وأيضا الذي يمكن أن يحصل وإن كان الأمر فعليا لا يزال دربكة على الأبواب..
وما من شك أن نتائج انتخابات غرفة صناعة دمشق أظهرت نأيا أكثر للحكومة بنفسها عن هذه الانتخابات.. طبعا هذا لا يعني انعدام آثار الحكومة.. لأن الحكومة بالمحصلة صاحبة مصلحة ولها كل الحق في الدفاع القانوني عن مصلحتها.. لكنها أي الحكومة هي التي منعت ترشيح السيد بشار حتاحت.. والنتيجة أن القائمة التي كان يفترض أن يكون هو في طليعتها قد نجحت فعليا بكامل أعضائها عداه هو لأنه لم يستطع الترشيح..
فإذا كانت الحكومة في رفض ترشيحه لأسباب قدرتها هي اتبعت دعم إحدى القوائم.. فإن القائمة التي لم تدعمها نجحت بالكامل.. وهذا كله افتراض نفترضه لنستنتج فعليا إعطاء الحرية للجميع من أجل تنافس حر.
وبتقديري.. أن الحكومة يجب أن تستمر في مساعدتها للمنظمات الأهلية وفي طليعتها غرف التجارة والصناعة من أجل ممارسة ديمقراطية فعلية.. تقتضي بالضرورة أن يعطي الرأي فيها والصوت لمن هو حقيقي الوجود والأداء.
على أن المهمة لن تنتهي هنا..
فبرأيي الشخصي.. أن الصناعيين يجب أن يعطوا دورا أعرض في القرار الاقتصادي وهم بشكل من الأشكال لا بد أن تمثلهم غرف الصناعة.. وبالتالي نحن ننتظر مجالس إدارة تمثل الصناعيين تمثيلا حقيقيا وتمثل الكفاءات الصناعية وهذا ما يجب أن يقدمه الصناعيون في ظروف تأخذ فيها الحكومة دور المشرف من البعيد المساعد على الأداء الديمقراطي .. مبروك لمجلس إدارة غرفة صناعة دمشق.. وعيننا على حلب.