وهكذا وبينما يجري تنفيذ الهجوم منذ 9 تشرين الأول على مدن وبلدات سورية على امتداد شريط حدودي بطول أكثر من 600 كيلومتر وقصف القرى الآمنة هناك وتهجير سكانها من قبل القوات التركية، جدّدت هذه الدول دعمها لأنقرة بحجة امتلاك الحق بمكافحة الإرهاب، فيما كان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ يبارك رسمياً هذه العملية ، في اجتماع عقد في 11 تشرين أول في تركيا مع أردوغان ووزير خارجيته.
وقال ستولتنبرغ: تركيا في خط المواجهة في هذه المنطقة المضطربة للغاية ، ولم يتعرض أي حليف آخر لهجمات إرهابية أكثر من تركيا، ولم يتعرض أي بلد آخر للعنف والاضطرابات من الشرق الأوسط أكثر منها، مشيراً أن تركيا لديها «مخاوف مشروعة على أمنها».
بعد تقديمه المشورة الدبلوماسية لأردوغان «للتصرف باعتدال» وإعطائه الضوء الأخضر للمُضي قُدماً في انجاز المهمة كاملة، شدد ستولتنبرغ على أن تركيا «حليفة قوية للناتو، مهمة لدفاعنا الجماعي»، وأن الناتو «ملتزم بشدة بالدفاع عن أمنه»، ولهذه الغاية زاد الناتو وجوده الجوي والبحري في تركيا واستثمر أكثر من 5 مليارات دولار في القواعد العسكرية والبنية التحتية، بالإضافة إلى ذلك نشرت قيادة مهمة للعمليات دون أن يذكر ستولتنبرغ تفاصيل أخرى قيادة مسؤولة عن تنسيق جميع القوات البرية للتحالف.
وسلّط ستولتنبرغ الضوء على أهمية «أنظمة الدفاع الصاروخي» التابعة لحلف الناتو في «حماية الحدود الجنوبية لتركيا»، التي يوفرها الحلفاء بالتناوب، وشكر وزير الخارجية التركي إيطاليا على وجه الخصوص منذ عام 2016 نشرت إيطاليا نظام الدفاع الجوي» Samp-T ، الذي تم إنتاجه بشكل مشترك مع فرنسا، في مقاطعة كهرمان ماراس التركية الجنوبية الشرقية .
وتضم وحدةSamp-T مركبة للقيادة والسيطرة وست مركبات إطلاق لكل منها ثمانية صواريخ، تقع على الحدود السورية ولها مهام دفاعية وهجومية، ناقش مجلس الشورى الإيطالي ومجلس الشيوخ، بناءً على القرارات التي اتخذتها لجان الشؤون الخارجية المشتركة، تمديد وجود وحدات الصواريخ الإيطالية في تركيا حتى 31 كانون أول القادم.
أبلغ ستولتنبرغ أيضًا أن هناك محادثات جارية بين إيطاليا وفرنسا، والمشاركين في إنتاج نظام صواريخ Samp-T ، وتركيا التي ترغب في شرائها لذلك، وفي تصريحات ليس لها من هدف سوى الترويج الاعلامي وبناءً على المرسوم الذي أعلنه وزير الخارجية دي مايو بحظر تصدير الأسلحة إلى تركيا، ينبغي لإيطاليا أن تسحب على الفور نظام الصواريخ المذكور من الأراضي التركية وأن تلتزم بألا تبيعها لتركيا.
هكذا يستمر المسرح السياسي المأساوي الصغير بتقديم مشاهد من النفاق والتواطؤ المفضوح ، بينما تستمر الحرب وسقوط الضحايا في سورية . أولئك الذين يشعرون بالرعب اليوم من المذابح الجديدة ويطالبون بحظر صادرات الأسلحة إلى تركيا ، هم نفس الذين كانوا يبحثون في مكان آخر عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز نفسها تحقيقاً مفصلاً عن شبكة وكالة المخابرات المركزية الأمريكيةو وصول شحنات الأسلحة إلى تركيا ، بما في ذلك من كرواتيا وغيرها...،نعم أنهار أسلحة للحرب السرية في سورية.
بعد هدم الاتحاد اليوغوسلافي وتدمير ليبيا، حاول الناتو تكرار نفس السيناريو في سورية وكانت قوة الصدمة مجموعات مسلحة من الجماعات الإسلامية (حتى وقت قريب عرفتها واشنطن بالإرهابيين) من أفغانستان والبوسنة والشيشان وليبيا ودول أخرى، توافدوا إلى محافظتي أضنة وهاتاي التركية، على الحدود مع سورية، حيث افتتحت وكالة الاستخبارات المركزية مراكز تدريب عسكرية، وكانت قيادة العمليات على متن سفن تابعة لحلف الناتو في ميناء إسكندرون.
كل هذا تم تجاهله، وقدّم الأمين العام لحلف الناتو تركيا باعتبارها «الحليف الأكثر تعرضًا للعنف والاضطرابات في الشرق الأوسط».