في سياق العدوان التركي المتواصل على الأراضي السورية برزت زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الى تركيا كمحور للحديث عن الرسائل التي تحملها الزيارة وفي هذا التوقيت تحديداً، حيث التصعيد الكلامي بين واشنطن وأنقرة قد بلغ ذروته على إثر العدوان التركي المتواصل على الأراضي السورية.
وفيما هدد دونالد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي إذا استمر أردوغان بعدوانه على (حلفاء أميركا) بحسب ترامب الذي يقصد (ميليشيا قسد الانفصالية) ، وصل نائبه الى أنقرة حاملاً رسالة الى أردوغان من نظيره الأميركي، لدفعه بحسب ما تسرب الى القبول بوقف عدوانه، غير أن ما خلف الكواليس يبدو أكثر وضوحا مما هو أمامها.
في حقيقة الامر، تبدو زيارة بنس أشبه بزيارة دعم الى النظام التركي لمواصلة عدوانه على الأراضي السورية، وهذا لا يعود الى الترابط العضوي والوظيفي بين الأميركي والتركي لتدمير المنطقة ونهبها خيراتها وثرواتها، بل يعود الى وجود قرار أميركي معلن بعدم الدفاع عن المرتزقة والأدوات عندما تقتضي المصلحة الاستراتيجية ذلك، وهذا ما أشار إليه بشكل واضح رئيس هيئة الأركان الأميركية قبل يومين عندما قال صراحة إن الولايات المتحدة لا يمكنها التخلي عن تركيا العضو في حلف الناتو مقابل بعض الأدوات.
يضاف الى ذلك أن المصلحة الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة تبقى في إثارة الفوضى في الشمال والحفاظ على استمرار حالة الحرب الراهنة في سورية، كما للولايات المتحدة مصلحة كبرى بتوريط النظام التركي الذي يعد حليفها وشريكها الأبرز في دعم وتصدير الإرهاب، وإغراقه أكثر واكثر في سورية عقابا له على حماقته وتهوره ومواقفه لاسيما استجابته لروسيا للضغط على الأميركي ، فالأميركي اليوم يلعب نفس اللعبة القذرة مع التركي ، وهي لعبة الابتزاز والاستثمار في الفراغات ومساحات الفوضى والحرائق والاشتعال.
كما أن السياق الميداني على الأرض يوضح حقيقة الترابط والتشابك الكبير بين الأميركي والتركي بحيث لايمكن معه تخلي أي طرف عن الاخر وبالتالي فإن كل المواقف والتهديدات الأميركية هي في حقيقة الامر مجرد تغطية على الدور الأميركي المباشر في العدوان على سورية.
في الميدان يخذل الواقع كل من ترامب واردوغان حيث يمتلك الجيش العربي السوري زمام المبادرة بشكل واضح وباعتراف الجميع ولعل مواصلة الجيش العربي السوري دخوله للمدن الحدودية في الشمال لاسيما عين العرب يؤكد هذه الحقيقة كما أن الانسحابات المتتالية للقوات الأميركية المحتلة التي تركت قواعدها العسكرية التي أقامتها بشكل غير الشرعي على الأرض السورية تشير وبشكل قاطع إلى تسليم الأميركي قبل التركي لواقع الهزيمة ، وفي هذا السياق أكدت وسائل إعلام أن القوات الأميركية والأجنبية سحبت عدداً من جنودها من تواجدها الغير شرعي في «مطار رحيبة» وهم 40 مع 4 آليات عسكرية تراجعوا من ريف المالكية إلى العراق، كما قام ما يسمى «التحالف الدولي» بتدمير ماسماها سابقاً «قاعدته العسكرية» في بلدة خراب العاشق في عين العرب بعد الانسحاب منها، وأخلت القوات الأميركية المحتلة اماكن تواجد لها لها جنوب غربي منبج.
في السياق الميداني فقد دخل الجيش العربي السوري إلى مدينة عين العرب الحدودية بريف حلب الشمالي الشرقي، كما وسع نطاق انتشاره في قرى وبلدات ناحية تل تمر بالريف الشمالي الغربي لمحافظة الحسكة، كما دخلت وحدات من الجيش عدة قرى جديدة بريف البلدة الشمالي الغربي موسعة محور وجودها على امتداد 15 كم في قرى الأربعين وليلان والعامرية والطويلة وصولا إلى قرية الاهراس وبلدة المناجير.
وتواصل وحدات أخرى من الجيش انتشارها في باقي القرى والبلدات بريف بلدة تل تمر نحو 40 كم شمال غرب مدينة الحسكة وتقوم بعمليات التثبيت في هذه القرى والانطلاق لاستكمال انتشارها في كامل ريف المحافظة ومواجهة العدوان التركي المتواصل على الاراضي السورية.
وكانت دخلت وحدات من الجيش العربي السوري قبل يومين بلدة تل تمر وصوامع الاغيبش فيها بريف الحسكة ومدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي وبلدة عين عيسى ومدينة الطبقة ومطارها العسكري بريف الرقة في اطار ممارسة واجبها بحماية الوطن والدفاع عنه في مواجهة العدوان التركي ومرتزقته من التنظيمات الإرهابية، حيث شهدت جميع المناطق التي انتشر فيها الجيش تجمعات شعبية ومسيرات حاشدة ترحيبا به لحمايتها من أطماع أردوغان وجرائم مرتزقته.