تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


علــى شــرفتي أنتظــر

ثقافة
الخميس 9-2-2012
محمود شيخ عيسى

كنتُ على شرفتي أنتظر المساء كما ينتظر الظمآن نغبة من الماء العذب الزلال، وعندما طال انتظاري ولم يحضر المساء شعرتُ بقلق كبير, وهممتُ بالبحث عنه, ثمّ جاءني الهاتف يشير إلى أنّه مختبئ في خصلات شعركِ الآسر ليصبح أجمل وأبهى,

فالتمست له العذر وأقنعتُ به نفسي لأنّي أعرف أنّ خصلات شعرك قصيدة بدأت ولن تنتهي.‏‏

انطلقتُ إلى الغابة الغافية قرب تلّة قريتنا الجميلة, فرأيت أسراب العصافير تحنو على أوراقها الحالمة بعودتك إلى تلك الغابة, فتيقنتُ أنّ العصافير تفوّقتْ عليّ شوقاً إليك, ولم أسلّمْ بالهزيمة فها أنا أسرق من الجداول أنينها الصادق وروعة انسيابها على صدر المرج لأحيك لكِ رسالة تستطيع تحمّل وهج الحروف الأولى من شوقي الملتهب.‏‏

عجبتُ كيف صبر الورد على رحيل الشذى في زيارة خاطفة لأمه الحانية, وتمنيتُ لو أصبح الجفن قادراً على الإطباق لحيظة واحدة, فما زال خائفاً إذا فعل أن يغيب عن عينيه أجمل متحف شيدته الطبيعة بين الأبد والأزل.‏‏

عندما طفر الموج ملقياً شوقه المشتعل على صدر الشاطئ, تذكّرتُ كرز شفتيكِ وكيف كان يشعل الحرائق الرائعة لأنه سمع أنّ الخمرة نسيت استعارة الخدر من هاتين الشفتين, فأرشدتُ الخمر إليهما, وقعدتُ نادماً على فعلتي لأنّ العالم كله أصبح مدمناً على الخمر.‏‏

عندما قررتُ أن أخطّ لكِ بعض السطور, أحسستُ بانفجار الحروف حدائق وارفة احتكرت بلابل العالم, معلنة ولادة ربيع دائم اسمه الحبّ الكبير.‏‏

كلّ كلمة ستمرّ عليها مقلتاكِ الرائعتان مشروع ديوان شعر, سأعيش غريباً عنه ويعيش غريباً عنّي, لأننا لا نعرف من الكاتب ومن المكتوب, ولأننا نعرف شيئاً واحداً وهو أنّ سواحل الشعر كلّها تستريح في بحر عينيك الشاعرتين.‏‏

همساتي في أذن الأميرة صلوات صادقة في معبد الجمال, وترانيم متوهجة في ليل الأنوثة, ومثولها بين يدي الأميرة الفاتنة دليل حيّ أنّ الشعر مازال موطن الأبجدية الأولى للجمال.‏‏

تلفتي يا ظبية البان فكلّ انسفاحة عطر تضوّعتْ في دنيا الأنوثة هي رفة حرف سال على شفتيكِ فالتقطه القلب صدى للقاء آتٍ على الدرب, وكلّ انعطافة أيكة على زند النسيم هي ارتعاشة ذكرى لقاء مرّ معكِ فاقتحم الذاكرة ولن يبرحها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية