تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إدارة السلوك التنظيمي

آراء
الخميس 9-2-2012
د. هزوان الوز

تهدف دراسة سلوك الإنسان إلى الوصول إلى إجابات لبعض الأسئلة المهمة التي تساعدنا على التعرف على العوامل المحركة والدافعة للسلوك وبصفة خاصة العوامل التي تدفعه للعمل ولماذا يبذل جهداً متميزاً في أداء عمل معين ويتراخى في أداء عمل آخر؟ وكيف يمكن لإدارة المؤسسات أن توفر الظروف المناسبة التي يمكن أن تعمل على إشباع حاجات العاملين بما لايتعارض مع مبادئها وأهدافها؟

يقول الباحث الدكتور محمد عبد الغني حسن هلال إن إدارة السلوك الإنساني تمثل أهمية كبيرة في الحصول على أفضل النتائج من استثمار الموارد البشرية واستخدام طاقات الأفراد وتنظيمها وتوجيهها بشكل يتناسب مع الأهداف الكبيرة والمتنامية المطلوب تحقيقها فإذا كان الوصول إلى الأداء الاقتصادي للآلة يتطلب التمرس على التعامل معها أو كيفية تشغيلها والحفاظ عليها وتوفير قطع الغيار وتخطيط نظم الصيانة فإن إدارة السلوك الإنساني تتطلب الفهم الدقيق لهذا السلوك ومحاولة التحكم في العوامل الدافعة والمحركة له.‏

ويضيف قائلاً: إن البيئة المحيطة تلعب دوراً مهماً في التأثير في سلوك الإنسان وإن الحاجة تصبح شديدة إلى محاولة ضبط السلوك الإنساني كي يكون متناسباً مع التغييرات البيئية المحيطة والتي تحولت فجأة نتيجة تلك السرعة الكبيرة في تدفق المعلومات والتنامي السريع لحركة الاختراعات والانفتاح الكبير في مجالات الاتصال بين المجتمعات وتناقل وتداول المعلومات والأفكار والثقافات والسلع والخدمات.‏

فالسلوك الإنساني لم يعد ثابتاً لفترات طويلة كما كان في العقود السابقة حيث كانت حركة الاختراعات بطيئة مما أدى إلى تباعد المسافات بين الأجيال وانتقال النسبة الكبرى من العادات والتقاليد من الجيل الأكبر إلى الأصغر حيث كان التأثير الاجتماعي الداخلي هو الأكبر.‏

ومع سرعة حركة التغيير، والتأثير الكبير للتكنولوجيا والتقدم الصناعي في جيمع المجالات تسارعت حركة التغيير وتقاربت المسافات بين الأجيال بحيث أصبح هناك أكثر من جيل لكل منهم ثقافته وقيمه واتجاهاته المختلفة بخلاف الجيل الآخر في نفس الأسرة والمجتمع الواحد.‏

إن دراسة السلوك الإنساني تساعدنا في الوصول إلى إجابات وإيضاحات نحن في حاجة إليها في مجال العمل على إدارة هذا السلوك، واستثمار إمكانات وطاقات الإنسان بالصورة المناسبة لتحقيق أقصى قدر من الرضا والسعادة له.‏

ولما كان للأفراد طباع مختلفة واتجاهات وقيم ودوافع وقدرات مختلفة، فكان من الضروري وجود علم منظم يساعد على تفهم تلك الاختلافات بين هؤلاء الأفراد أو الجماعات حتى يمكن ضمان تحقيق درجة عالية من التفاهم والتناغم والتناسق بين عملهم وكأنهم فرد واحد والذي يساعد علي ذلك هو عنق النواحي النفسية والاجتماعية لهؤلاء الأفراد.‏

يحاول علم السلوك التنظيمي أن يقدم إطاراً لكيفية تفسير وتحليل السلوك الإنساني وذلك بغرض التنبؤ به مستقبلاً والسيطرة عليه أو التحكم فيه، ويقصد بالسلوك الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لاحتكاكه بغيره من الأفراد أو نتيجة لاتصاله بالبيئة الخارجية من حوله، ويتضمن السلوك بهذا المعنى كل مايصدر عن الفرد من عمل حركي أو تفكير أو سلوك لغوي أومشاعر أو انفعالات أوإدراك.‏

فالسلوك التنظيمي تفاعل علمي النفس والاجتماع مع علوم أخرى أهمها:‏

علم الإدارة ، وعلم الاقتصاد، وعلم السياسة وذلك لكي يخرج مجال علمي هو المجال العلمي الخاص بالسلوك التنظيمي والذي يهتم بسلوك الناس داخل المؤسسات.‏

يقول الأستاذ أحمد ماهر في كتابه السلوك التنظيمي :‏

بأننا نحتاج إلى تفسير لسلوك الناس الذين نعمل معهم وقد يطول البحث وتطول المعاناة التي نلاقيها في محاولة فهم الآخرين بل في فهم أنفسنا فنحن في حاجة إلى معرفة الأسباب المؤدية للسلوك بل وأيضاً السبب في الاستمرار في هذا السلوك أوالتحول عنه وإذا انتقلنا إلى مجال الأعمال والمؤسسات التي نعمل فيها تزداد حاجة الرؤساء والزملاء والمرؤوسين إلى فهم بعضهم البعض لأن هذا الفهم يؤثر بدرجة كبيرة على نواتج العمل الاقتصادية.‏

ويرى الباحث أحمد سيد مصطفى في كتابه: إدارة السلوك التنظيمي رؤية معاصرة لسلوك الناس في العمل ، أن السلوك التنظيمي يعنى أساساً بدراسة سلوك الناس في محيط تنظيمي وهذا يتطلب فهم هذا السلوك والتنبؤ به والسيطرة عليه وعلى العوامل المؤثرة في أداء الناس كأعضاء في المؤسسة.‏

وعرف كلاً من بارون وغريبنرغ السلوك التنظيمي بأنه: مجال يهتم بمعرفة كل جوانب السلوك الإنساني في المؤسسات وذلك من خلال الدراسة النظامية للفرد والجماعة والعمليات التظنمية وأن الهدف الأساسي لهذه المعرفة هوزيادة الفعالية التنظمية وزيادة رفاهية الفرد.‏

يرى الباحثان خالد يوسف الزعبي وحسين محمد العزب في كتابهما : (قياس اتجاهات العاملين لأثر المناخ التنظيمي في تبني السلوك الإبداعي) بأن نجاح المؤسسات في تحقيق أهدافها يتطلب توافر عدد من المتغيرات التنظيمية بشكل سالم من أهمها المناخ التنظيمي إذ يعكس المناخ التنظيمي في المنظمة شخصيتها كما يتصورها العاملون فيها ويعتبر أيضاً من محددات السلوك التنظيمي فهو يؤثر على رضا العاملين وفي مستوى أدائهم .‏

وبذلك يتضح لنا مدى أهمية السلوك التنظيمي فهو يركز على فهم وتوجيه سلوكيات وتفاعلات العنصر البشري والذي يعتبر أهم عناصر الإنتاج في المؤسسة ونجاح المؤسسة مرهون بنجاح تفعيل العنصر البشري وتحسين أدائه .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية