تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث...سقوط القيم

آراء
الخميس 9-2-2012
د. اسكندر لوقا

في الزمن الرديء غالباً ما تختلط القيم والمفاهيم بعضها بالبعض الآخر، بسبب من دوافع مختلفة بينها الغيرة، وأيضاً ما نسميه بالمنافسة ولكن غير الشريفة، وذلك وصولاً إلى غرض كان مبيتاً في نفس المصاب بهذا الوباء أو ذاك فوجد أخيراً الفرصة المناسبة للخروج إلى الضوء.

في سياق العلاقات بين الناس، غالبا ما تتبدى هذه الظاهرة في أوقات معينة عفواً أو عمداً، وغالباً ما يسعى البعض في حال ظهورها، إلى تبريرها بحجة عدم وجود النية السيئة لديه لإيذاء الآخر أو منافسته أو الغيرة منه حتى إذا أدى مثل هذا التصرف إلى أذيته.‏

وفي سياق هذه المعادلة وبالتالي بسبب من فقدان واقعيتها لكون تصرفات الإنسان لابد أن يكون مسندها العقل بشكل أو بآخر، فإن البعض من ضعاف النفوس بلجوئهم إلى المداورة بالقول إنهم لم يكونوا يعتقدون أنهم بسماحهم لداء الغيرة أو المنافسة أن تتسللا إلى نفوسهم سوف يفتقدون صديقاً أو قريباً يخدعون أنفسهم أولا وأخيراً.‏

إن داء الغيرة وحده قاتل شأنه شأن الحشرة التي تأكل من جذع شجرة حتى تتداعى، ومن ورقة خضراء حتى تتمزق وتغادر غصنها، ومن هنا القول بأن الغيرة تأكل صاحبها لأنه في الأصل يكون هو ذاته موطنها. كذلك هو الحقد الذي يأكل صاحبه.‏

في سياق هذه الرؤية لشأن من شؤون الحياة في زماننا هذا، يتساءل أحدنا أحياناً ترى لماذا يختار البعض من الناس الانزلاق في خندق الخطايا على اختلاف أنواعها ودرجاتها؟ إن واقعاً كهذا يختاره هؤلاء البعض من الناس لابد أن يتبدى طعن صديق من خلف، أو عرقلة مساره باتجاه هدف اختاره. ولهذا السبب كثيراً مايفقد مفهوم الصداقة معناه. ولهذا السبب أيضاً يفقد من كان يدعي الصداقة مصداقيته في عين الآخر، آخذاً بعين الاعتبار تبعات طعن مفهوم الصداقة لدوافع ربما كانت دفينة في نفس صاحبها، أقلها إرضاء غريزة «أناه» الباحثة عمن يشبع عطشها بكلمة إشادة تخص شخصه أو نتاجه العلمي أو الثقافي أوالفني وقد تكون الكلمة هنا صادقة أو من باب المسايرة.‏

المهم أن أحدنا، وخصوصاً في زمن سقوط القيم وتشويه المفاهيم المتصلة بالجوانب الأخلاقية في الحياة، لم يعد يدري إلى أين يسير إنسان هذا الزمن الرديء الذي بات أشبه ما يكون ببوابة عبور مجدداً إلى عصر الظلام الذي عد لقرون طويلة عصر انعدام الرؤية حتى انبثق عصر المعرفة وأضاء أمام السائرين دروبهم إلى حيث يسعون.‏

ومن هنا، يتألم الإنسان أحياناً وهو يرى سقوط صديق أو قريب له في خندق تجاهل هذا الواقع، واقع أن الإنسان لم يعد مغمض العينين، وبالتالي بات قادراً على قراءة نوايا الآخرين من حوله، وهو وإن أغمض عينيه فهذا لايعني أنه لايملك بصيرته التي لاتخدعه.‏

Dr-louka@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية