تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفصل العنصري بين الزواج والحب؟

آراء
الخميس 9-2-2012
حسين عبد الكريم

الخلاف بين الزواج والحب ليس عدوانياً لقاء تصالحي مع وقف التنفيذ.. الزواج واقع بكامل الواقعية والأعباء والمطالب والحاجات.. والحب تأملات وتحايل على الواقع..

في الحب طرب للتخيلات ومعاني الجسد غير التطبيقية واجتهادات عذبة من أجل إقناع القناعات أكثر مما يجب بميزات الحبيبة أو الحبيب.. برقة الأنثى وشجاعة الرجل.. وفي الزواج طرب للحاجات والرغبات الملموسة جداً.. المرأة الزوجة، قد تنحرف عن رقتها انحرافاً محرجاً وخطيراً كسفينة ضربتها العاصفة ورمتها على الشاطئ.. ونساء عديدات يتآمرن مع المال والجدران والملكيات على الأنوثة.. يبادلن الأنثى بالسيطرة والثروة، كيف تكون وكيف تأتي هذه الثروة وهذه السيطرة.. تنظرن إلى الرجل الزوج كمعادل للبيوت، التي يمكنه أن يشتريها لهن ولأولادهن عبرهن لا عبر سواهن أو عبره... وهن بهذا السلوك يتآمرن على أنوثتهن ويقسرنها على التردي والانحطاط، ويستعيرن عيباً كبيراً من عيوب الرجل...‏

الحبيبة لا تدير ظهرها لرقتها ومفهومها اللطيف المتعلق بأشواقها ولا تخطئ في تدابير محاسنها، وغالباً تنجح في التحطيب في غابة مروءتها وبهائها..‏

تجتهد أنوثة العشيقة كي تبقى أنوثة.. والزوجات يخلطن أوراق الحاجات بأوراق العشق.. حتى يمشين خارج دروب الوجد والشوق، وينسين فيما يأتي من العمر فن الذوق والتوق، ويهاجرن من عرائش جمالهن كما تهاجر الطيور من جغرافيا البرد إلى جغرافيا الدفء.. النسوان اللاتي يتنازلن عن أنوثتهن بحجة الواقعية شديدة البرودة والاهتمامات المالية والبيتية يجدن أنفسهن خارج خط عيش الحب ويتوقفن عن الألق والمحاسن، ورغم أن لهن قواماً رشيقاً وخصراً دقيقاً وصدراً عقيقاً وعنقاً وريقاً وخطواً وطريقاً.. نساء جميلات يصبحن مع مرور الأنوثة لا نساء ويتحولن بقدرة الواقع المتشابك مع عيوب المال واللهاث وراء الثروة والأملاك إلى حاجات باهظة اللمعان والبريق... وحين يتوقف اللمعان عن اللمعان يحيلهن الواقع إلى الغبار والتقاعد.. تقاعد الأنوثة المبكر أبشع الأمراض التي تعانيها عواطف الاستهلاك وحياة الاستملاك..‏

فتيات حسناوات تتقاعد أنوثتهن عند أول كذبة مال تصادف رقتهن، وبدل أن يتحايلن على الواقع من أجل الجمال، يتحايلن على الجمال من أجل الواقع ويهبطن من التأملات إلى وحول الحاجات ووحوش النزوات...‏

الكتابة على سطر الجسد شاقة وشائكة وجبلية ووعرة مثل عثرات الممرات المباغتة.. ولا يمكن الطلب من الحبيبة أن تكتب في أعلى صفحة جسدها عنواناً للفقرات والأفكار العشقية الآتية.. ومن الخطأ الفصل بين هامش الصفحة ووسطها .. للحب ترابطات وأخطاء غير مسلكية..‏

الشاعر يعيش الوقت كله من أجل الشعر وإحساسات الكلمات والفاصلات والنقطات والهمزات والهمسات، والعاشق شاعر يسلك درب عشقه من غير تدوين الخطوات والغمزات واللمسات.. يتنفس العشق ولا يدونه.. الشاعر عاشق مدون، والعاشق شاعر غير مدون..‏

والمرأة قصيدة برنين وعذوبة وغناء وموسيقا وهواء وسماء...‏

وحين تسقط من حساباتها أنها امرأة تغدو موظفة فاشلة في مأمورية جسدها.. وفي الأحيان التي تتآمر فيها على قناعات عيشها وعمرها وعشقها تصبح خارج جسدها.. وتهزمها شيخوخة القناعات قبل شيخوخة المفاتن..‏

صديق سأل عاشقة : ماذا تحبين بالحبيب؟‏

أحب الرجل بكل شروحاته وتوضيحاته بسخائه ونمائه ورجائه ورخائه وعطشه ومائه وكرومه وأنهار أيامه وجريانه وضفافه..‏

والعاشق ماذا يحب بالحبيبة؟‏

المرأة بسطور جسدها من أعلى الصفحة إلى آخر الاستفهام وآخر حرف عطف وسكون.. في الحب لايوجد حروف جر كثيرة ولا توجد الشدات وحركات الجزم وحروف العلة التي تحذف للضرورات..‏

المرأة غابة كلمات وتعبيرات وإبداعات، لكنها من أصعب الغابات.. وكم من عاشق يسير بمحاذاة حبيبته وقتاً طويلاً دون أن يهتدي إلى غابة جسدها وكلمات أشجارها..‏

لا يتعلم من أغصانها فن التحطيب في كروم الأنوثة: كيف يدلل غصناً حزيناً من أجل فرح ينتظر عند مفترق الأوراق الخضراء وكيف يمسح شبح الكآبة عن ورقة في أعلى ابتسامة أو يجر ضحكة عينين من كابوس أسف وأسى..‏

المرأة الأنثى تقبع على كنوز الرقة والدهشة لكنها في أحيان عديدة لا تعرف الطريقة الراقية للتعامل مع الكنوز والوصول إليها لحمايتها وتطويرها.. وحين تضل المرأة الطريق إلى الحلاوة والعذوبة التي في أول الأنوثة أو أعلاها أو أوسطها يضل معها الاهتداء والحب والآخرون..‏

بيد المرأة مفتاح الألغاز وبيدها الإقفال.. وأجمل الرجال هم الذين يقنعون حس المرأة وذوقها بهديهم إلى أسرار الغابة والشجرات العاليات والنسمات العنيدات..‏

لا يوجد فصل عنصري بين الزواج والحب إلا بقدر ما تسمح النساء لرغبات الواقع الاستهلاكي ببسط نفوذ الحاجات على حساب العواطف والملكيات على حساب الوجدان والأشواق..‏

وهل ننسى نفوذ النكد وتعاظم السيطرة خارج خط سير الأناقة واللياقة والرشاقة.. وهذا السبب في حوادث مرور العشق والعلاقات الزوجية.. لا تمر لحظة أو ليلة ولا يمر نهار ولا ليل دون أنباء عن سقوط عاطفة جراء توقف مفاجئ في قوة دفعها، ودون خبر عاجل يخص زوجاً مفصولاً من خدمته الغرامية بسبب سوء أحواله المالية وسوء تدابيره الاحتيالية والنصبية والكذبية..‏

علاقات آخر زمان كلها/ تشفيط بتشفيط/ الزوج يكذب و/ يشفط/ قبل مفترق قلب زوجته.. والزوجة تقود عواطفها خارج بر الأمان، وتتجه إلى زمان الاختناقات العاطفية بسبب زحمة الطلبات والرغبات والملكيات..‏

لا وقت للحب ولا اعتبارات لائقة للرقة.. والأنوثة على الرف بانتظار الفرصة الملائمة للعناية بها، وتمر الفرصة والمناسبات والأنوثة في مكانها تتحاور مع غبار الإهمال، والزوجة في لبكة من أمر عمرها وحاجات العيش والبيت والثروة..‏

والزوج ليس أكثر من حاشية غير مهمة كتبها واقع الزواج واللهاث وراء نزوات الثروة..‏

الزوجة كالمدير والزوج حاشية مكتوبة ع/ط تسلسل الحاجات والرغبات..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية