تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة... في حضرة المؤتمر القطري القادم

آراء
الخميس 9-2-2012
سليم عبود

يجزم كثيرون  أن المؤتمر القطري القادم سيكون من المؤتمرات  المفصلية والهامة ،  و  يوازي بأهميته  المؤتمر التأسيسي   الذي انعقد في السابع من نيسان لعام 1947 ، ليس لأنه سينعقد في أكثر أوقات سورية خطورة ، أو أنه يمتلك الحلول لإنهاء  الأزمة الراهنة  ، فالمؤتمر لاينعقد  لهذه الغاية،  وإن كانت الأزمة ستكون حاضرة  في كل اللجان وفي محاور النقاش بأسبابها البعيدة،  والقريبة.

ولكن أهمية المؤتمر تنبع من أهمية و نوعية المهام المطروحة أمامه على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية  والتنظيمية والإعلامية والثقافية ، أي إن المؤتمر مطالب برسم منطلقات تحدد  استمرار دوره الوطني والقومي والاجتماعي والثقافي والنضالي والتنظيمي قطرياً وقومياً  الآن  ، وفي المستقبل ،وهو  في  السلطة ،وهو خارجها ، ومطالب بتحديد علاقته مع القوى الوطنية والقومية على مستوى الأفراد والأحزاب  والمؤسسات على صعيد الوطن،  والأمة .‏

إن نجاح  المؤتمر يتطلب    الجرأة والوعي العلمي والثوري  وإدراك دور الحزب  وأهميته كرافعة نضالية ليس في حياة البعثيين وحسب ، وإنما في حياة  الجماهير العربية  ، فالبعث  بأهدافه ومنطلقاته  وخاصة في العقود الأخيرة  ، لم يعد قضية البعثيين وحدهم ، بل قضية كل عربي واع ومدرك مايخطط للعروبة والعرب، فالبعث حامل مشروع العرب القومي في مواجهة المشروع الصهيوني الأميركي ، وفي مواجهة المستسلمين العرب  المهرولين  إلى أميركا وإسرائيل ، وهم كثيرون في هذه الأيام ، و سكاكينهم المجرمة ، وإعلامهم التضليلي يستهدف البعث ، وسورية بخطها المقاوم .‏

المؤتمر القطري القادم أكثر من  مهم ،وأكثر من مفصلي ،وأكثر من كونه محطة في حياة الحزب ،  البعث أمام تحد مصيري إما أن يكون الحزب الذي انطلق من بين الجماهير ، وحمل رايتها وتطلعاتها في الوحدة والحرية والاشتراكية  أو لايكون  أبداً، عندئذ ستكون الأمة في مواجهة مصير مأساوي ،  فالساحة العربية  اليوم أشبه بصحراء قاحلة ليس فيها سوى دوحة البعث يرتاح إليها القوميون العرب ، وبضع شجيرات متناثرة هنا وهناك في سهوب  تلك الصحراء ، أمالت جذوعها  ريح عاصفة، وتراكم عليها  الرمل لدفنها .‏

نجاح هذا المؤتمر متوقف على نوعية الكادر الذي سيحضره  ، وعلى وجود إرادة  خلاقة وشجاعة وواعية وثورية للثورة للسير نحو المستقبل المضيء .‏

وهنا لابد من أسئلة ..‏

هل يكفي في  المؤتمر القطري الحادي عشر ، أن نستعرض الأبيض والأسود في حياة حزبنا وأمتنا  ، أو ننتقد المؤامرة ، والعربان المؤتمرين ، والسياسة الأميركية والغربية ، ونشتم إسرائيل ، ونتحدث عن مشاريع  تقطيع العالم العربي إلى جغرافيات ملونة بألوان الطوائف والمذاهب والأعراق ..كل هذا في رأيي من الضروري مناقشته، لكنه لايمنح الحزب حيويته المطلوبة في علاقته مع نفسه ومع جماهيره ،  البعث في مؤتمره مطالب بتحديد هويته الجماهيرية ، وهويته الاقتصادية ، والسياسية، والثقافية ، وعلاقته بالواقع والتاريخ والجغرافيا ، وتحديد هويته التنظيمية والفكرية  والتأكيد عليها  ،  فالبعثية انتماء طبقي وفكري وممارسة ، و الممارسة هي الدليل الأكيد على صحة الانتماء ..‏

يرى كثيرون في الحزب أن البوصلة التنظيمية أصابها خلل، فنتج عن هذا الخلل خلل في التوجه ، والممارسة .‏

كيف سيكون المنتمي للحزب بعثياً ، وهو في لحظة عروبي وفي لحظة أخرى طائفي أو مذهبي أو عرقي ، كيف سيكون المنتمي بعثياً ، وهو يستغل موقعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وعلاقاته مع جهات حزبية وسلطوية للحصول على مكاسب مادية وبطرق غير مشروعة ، وكيف سيكون المنتمي بعثياً وهو لم يحضر اجتماعاً واحداً من التنسيب إلى الحزب  ، إلى حصوله  العضوية العاملة ، إلى ممارسة حقه في الترشح والانتخاب ،  إلى امتطاء مواقعه في السلطة أو الحزب، وربما إلى الوصول إلى هذا المؤتمر .‏

يجد مؤتمر البعث اليوم نفسه أمام مجموعة كبيرة  من الأسئلة ،‏

هل ستظل  الطبقات الفقيرة والتي اتسعت في هذا الظرف قاعدته الأساسية، وبخاصة بعد أن أكدت اليوم كما أكدت  من قبل وتاريخياً أنها الطبقات المؤهلة والمستعدة لتقدم الدم والجهد والعرق في سبيل الحزب وفي  سبيل الوطن و الأمة ؟ ربما يرى من جاء من طبقات أخرى مستظلاً بمظلة الولاء أن البعث يجب أن يكون  حاضناً لجميع الطبقات والفئات   ، هذا الطرح  من حيث المبدأ صحيح، ولكن في الدولة وليس في الحزب ،  لأن الاندماج سينتج عدم التجانس وبالتالي ستبرز  حالة  من التصارع الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الحزب وفي المجتمع ،و تشققات كبيرة في البنية التنظيمية والفكرية والثقافية للحزب وعلى المستويات كافة ، بما في ذلك على  المستوى الوطني ، وهذا الوضع رأينا ملامحه تبرز  بفعل سياسات الحكومة السابقة  التي كانت تتجه بالبلد نحو اقتصاد السوق ، فبات الفلاحون ، والعمال ، و فئات أخرى في  المجتمع في  وضع جديد ينذر بضرب مكتسباتهم التاريخية ، وهنا لابّد من القول:  إن قيادة الحزب تجاهلت مايحصل  ، وربما أخطأت في قراءة النتائج  ، و في قراءة هذا الصمت الذي أصاب لقاءاتها مع قواعدها .‏

سأروي هنا حكاية من المؤتمر القطري الثامن الذي عقد في قصر الفيحاء بدمشق عام 1985، في نهاية المؤتمر خطب الرئيس الراحل حافظ الأسد موجهاً حديثه للمؤتمرين قائلاً:« لايظنن أحد منكم أن ضمانته الشخصية والوطنية هي أمواله وقصوره وبياراته ، الضمانة له وللوطن هو البعث».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية