فتصدح الحناجر من عمق الألم الموروث ويرتفع الأنين ليلون الاوجاع راوياً حكايات قهر وظلم متمسكاً بالأصالة ومشحوناً بالعواطف.
ضمن أنشطة مركز ثقافي كفرسوسة أقيمت فعالية «إحياء تراث» بعنوان الأغنية الشعبية في التراث السوري والفلسطيني قدمها الدكتور ضرار أبو شعيرة واستهلها بالتعريف عن التراثين السوري والفلسطيني والعلاقة التي تربط بينهما كوحدة الجغرافيا و التاريخ المشترك اللذين جعلا من التراث الحالة العامة والشاملة لكل الفنون.
أكد أبو شعيرة أن التراث سجل حضارة الأمة ومبعث أمجادها والفلكلور المشترك بمثابة الهوية الإنسانية للشعبين المعبرة عن حضارتهما والدالة عليهما والمؤكد على وجودهما بما حملته من فكر نبيل سام آزرت به الوجود النضالي الشعبي وأخذت طابع الشمولية في التعبير والطرح.
ظهر الكثير من الشعراء الشعبيين الذين حملوا في أشعارهم هموماً واحلاماً ليكونوا فلسفة لها موقعها في الحياة الشعبية.
فكثير من الادباء والفنيون ارتبطوا بالنقد والتذوق بروح الواقع آخذين على مسؤوليتهم صياغة وصقل المضمون المرجو عبر المراحل يستشفون من مناهل مشتركة سورية فلسطينية ويعبرون عن تاريخ و يرمزون لحدث أهمه ارتباط الشعب بأرضه,فكانت الأغنية الشعبية التي توزعت حول موضوعات مختلفة فيما يتعلق بأعمال الفلاحين والحرفيين و الباعة والبنائين و..
حتى إنها انعكست على الاطفال لتؤصل فيهم العواطف والتجذر والارتباط.
للأغاني الشعبية اشكال فنية وضعت في قوالب لحنية والتي تقسم إلى الموال بشقيه العتابا والميجانا والقصائد الشعرية والشروقيات والحداء وأغاني الدبكة والرقصات الشعبية.
ومنها الدلعونة والجفرا ويا ظريف الطول والزجل والمغنى والمطوع الذي اشتهر في جنوب سورية وامتد إلى فلسطين.
وحين عصفت المتغيرات بالتراث الفلسطيني ظهرت الأغنية بمضامين جديدة وازدادت ألوانها ليطغى عليها المضمون النضالي تيارا جارفا ولتغلفها هالة من الكآبة ويستبد بها الحزن.
فاستقطبت الأغنية الجماهير السورية والفلسطينية كنسيج واحد.
في حين لم يبق الهم الفلسطيني حكرا على شعراء فلسطين فانبرى شعراء الحداثة لوصف مأساة فلسطين ومعاناة اللاجئين كما في قصائد الماغوط وبدر شاكر السياب ونزار قباني وغيرهم..
تخلل الفعالية رقصات شعبية قدمتها فرقة (عشاق التراث) للرقص الشعبي مصحوبة بأغنيات تراثية شعبية سورية وفلسطينية منها: ظريف الطول, الدلعونة، جفرا يا هالربع, هي يا شام....
أخذت الرقصات منحى رعويا من خلال الزي الفلكلوري والحركات المتناغمة والمتجانسة على المسرح وجسدت حالة نمطية تقليدية أسرت الحس الجماهيري.
شكلت الدبكات لوحات ايمائية واكبت الحداثة برؤية فنية متكاملة مستوحاة من أصالة التراث.فكانت منبرا عبّروا من خلاله عن الاعتزاز والتمسك بالثقافة والتراث, لتتلاقى الأصالة والحداثة وتدخلنا في سراديب الحنين للأرض والتمسك بالتراث الموروث المتجذر الذي لم تقهره الظروف.