تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تشكيل... خزامى فاضل: مــع كـــلّ إنجـاز فنـي أقتــــل البشـاعة بأناملي

ثقافة
الخميس24-10-2019
هفاف ميهوب

«لم يكن تعريجُ الفنّ على الفروسية خرقاً للسننِ كما يتوهَّم من يعجزون عن الحكمة، فالفن نزعة تصوّف واغتراب.. رؤى يترجمها الفنانون.. ريشة ولون..

حنينٌ لامتلاكِ مُثل ولغة يتخاطبُ بهما جميع أبناء البشر بكافة ألوانهم وأطيافهم، لتخليص البشرية من مغالاتها في العنصرية والطائفية، وكل أشكال التفرقة، ونحن أحوج ما نكون لهذه المبادئ... «.‏

إنها رسالةُ الفنِّ الذي جسدته الفنانة «خزامى فاضل» بألوان الحياة الواسعة والشاسعة في آفاقها الجمالية.. الحياة التي أرادت من سعيها لتجميلِ صورتها «منح الفرصة لأن تعيش أجيالنا وترتقي، في أجواءٍ إنسانية-حضارية».‏

• هذا ما فرضته الحرب التي دفعتها للاهتمام بالطفولة وتنمية مواهبها، وهو ماجعلنا نسألها عن هذا الاهتمام الذي قالت عنه أثناء حوارنا معها:‏

•• في الرسم، يتمُّ الخروج بعيداً عن ضوضاء العالم، والإبحار في عالمٍ مختلف بكلِّ مافيه من سكينةٍ وجمالٍ وهدوء لا يشوبه أيّ ألم.. إنه العالم الذي اخترتُ أن أنقل أبناء وطني إليه، لإبعادهم عن بشاعة عالمٍ أوجعتهم الحرب فيه.. العالم الذي يمارسون فيه هواياتهم وطموحاتهم، بعيداً عما يعيشونه في زمنٍ سعى صنَّاع ويلاته، لتدمير عقولهم وطمسِ إرثهم وحضارتهم.‏

في الرسمِ يعيش الأطفال الحياة التي يحلمون بها، وبأدواتٍ وألوانٍ يعشقونها، وهو ما يمكنهم من تفريغ مالديهم من طاقات وانفعالات عدوانية وسلبية، ومن تنمية مداركهم والتحليق في فضاءاتِ الجمالِ والأفكار الإنسانية.‏

• نعود إليها، إلى بداياتُ محاكاتها الفنية للحياة.. إلى ما استدعته من حكايا، نختار منها لطالما لا تتوقف لدى المبدعُ الحكايات:‏

•• بيدَ أن الموهبة تسري فينا منذ الطفولة التي تميّزت لدي، بالانجذاب الشديد إلى دروس التربية الفنية،أيضاً، بالتفوق الذي شجعتني عليه أسرتي، وكُثر من «الفنانين التشكيليين» الذين قضيت سنوات من التدريب وصقل الموهبة معهم، وهو ما ترافق مع الدورات المختلفة التي التحقت بها في مركز «أدهم إسماعيل» بدمشق، و»صبحي شعيب» بحمص، إضافة إلى المراسم الخاصة التي رسمت فيها ومنها مرسم الفنان «مازن نعمة» في حي الصالحية، ولا أنكر فضلهُ في تشجيعي على رسمٍ لوحاتٍ لشخصيات سياحية من مختلف الدول، كانت تطلب أن أرسمها.‏

هكذا كانت انطلاقتي التي انتهت بي من «دمشق» إلى «سلحب». المدينة التي علمني شعبها المتمسك بالجذور كما الأشجار الضاربة عميقاً في الأرض، بأن عواصف الحياة وقسوة البشر لايمكن أن تثنيهم عن التمسك بوطنهم وأصالتهم.‏

أيضاً، ألهمتني طبيعتها الجميلة وهدوء مساحاتها، رسم لوحاتٍ تارةً تضجُّ بالحياة والجمال والأمل، وأخرى تصمت كما الألم. ذاك الذي عانت منه ودفعني للمشاركة ببانوراما جدارية تكريماً للشهيد، وقد شارك فيها العديد من الفنانين الذين أرادوا أن يقولوا للعالم أجمع، ورغم صواريخ الموت التي كانت تنهال عليهم، بأننا باقون في سوريتنا، كما صمود وتضحيات رجالاتنا، نحيا وننبض بعشقها وأبداً لا نفارقها.‏

مررتُ بمحطات كثيرة في حياتي. محطة التجربة، التأمل، متابعة أعمال الفنانين وصولاً إلى المحطة التي أسير وفقها حالياً، وأحرص على تطويرها ثقافياً ومهنياً. إنها محطة تدريس التربية الفنية في مدارس ومعاهد خاصة.‏

• إنه الطموح الذي لم يجعلها تهتمُّ بالطفولة وحدها، وإنما أيضاً بـ «المرأة مهرجان الضوء». المهرجان الذي قالت فيه عن لوحاتها:‏

•• المرأة ديمومة الحياة ومحرِّضة الخيال وصانعة الأبطال.. هي أم الإنسانية.. المقاتلة والمناضلة.. هي نبض الوطن، بل هي الوطن، ومهرجان الضوء والورد والحب والعطر والجمال فيه.‏

عبّرت في هذا المعرض عن ذلك، وقد استخدمت اللون الأخضر والأزرق لأن المرأة هي عطاء الأرض، ومدى الطمأنينه الممتد حتى السماء.. لأنها الأم التي ترمز إلى سورية، وتحمل على عاتقها ابنها البطل شامخاً وطافحاً بالسموِ الأبدي.. الأم المعطاءة بلا حدود، والحبيبة الصاخبة والعميقة.. الزوجة أو الشقيقة الصابرة والكاتمة لأسرار الحياة..‏

• أما عن المواضيع التي تناولتها، والمعارض التي شاركت بها، فقد كانت كلمتها:‏

•• تطرقت لمواضيعٍ كثيرة في لوحاتي وأعمالي، ورغم مروري بالانطباعية التي تحتفي بالألوان، إلا أن انحيازي كان للواقعية. ذلك أن بيئتي الساحرة جذبتني إلى مافيها من الأزهار والأشجار والفراشات والطيور، وإلى تفاصيل اليوميات والوجوه..‏

شاركتُ في معرضٍ فردي تشكيلي عنوانه «سورية سيدة الشرق» وفي معرض جماعي في ثقافي مدينة سلحب «المرأة مهرجان الضوء». أيضاً، معرض جماعي في «مركز أدهم إسماعيل» بدمشق، وآخر في مركز «صبحي شعيب» بحمص.. مشاركة في جدارية الشهيد على مدخل مدينة سلحب «حماة الوطن سنبلة وقمحه». وغيرهم من المعارض.‏

• أخيراً، ولأن لانهاية لما يجسده الفنان من جمال، نختم بما دلّت عليه «فاضل» بالأقوال:‏

•• «الفن هو الحياة، وهو عالمي الممتع الذي لا أجد نفسي إلا فيه، والشيء الوحيد الذي يجذبني إليه هو الحب. حبُّ المهنة والتعلق بها، فأنا أعشق الرسم لأنه إحساس يسري من القلبِ إلى الأنامل، وأشعر بعد كلّ إنجازٍ فنِّي بأنني أصرعُ البشاعة بأناملي..‏

أتطلع إلى إنشاء معهدٍ خاص لتدريس الرسم والأعمال اليدوية، وأطمح بأن أضاعف موهبتي ما أمكنني لرفع اسم بلدي سورية أكثر وأكثر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية