ويبدو أنها لا تنتمي إلى خيالات عالم الفن الذي قصده أبو التكعيبية وحسب،
بل يفيد منها ويجعلها مبدأً تقوم عليه تعليماتهم، أساتذةُ مايُعرف بالتنمية الذاتية وتقوية المهارات الفردية وسبل اكتشاف الطاقة الإيجابية لدى كل منّا.
يدفعنا هؤلاء إلى التمسك عميقاً بخيالات ما نبتغي أن نكونه ونصبح عليه مستقبلاً.. كنوع من شريط سينمائي نعيد استذكاره في الجانب الخلفي لوعينا.
في فيلم (صرخة رعب) تُروى لنا قصة الكاتب (آر، إل، ستاين) مع وحوش وعفاريت ومخلوقات يقوم بابتكارها في قصصه.. تصبح حقيقةً حين يقوم بفتح أي كتابٍ من كتبه.
للحظات، يتسرّب إليك فهمٌ يتماهى مع كون تلك المخلوقات ليست أكثر من وسوسات وشيطنات أفكار موجدها لا غير..
فكيف يمكن لأفكارنا أن تتحوّل إلى غيلان ووحوش تسرق منّا راحتنا..؟
وكيف لنا أن نحتفظ بالجيد والجميل منها ونطرد القبيح والسلبي..؟
على عرشٍ من خيالاتِ أحلامٍ نبني آمالنا..
هل يمكن لتلك الخيالات وما تستولده من أحلام أن تنقذ منسوب جماليات بدأت بالنفاد من حولنا..؟
من الممكن جداً أن يستطيع الخيال منحنا القدرة على حفظ جماليات بدأت بالتقلّص والانكماش في واقع بخيل وشحيح لجهة إنتاج الجمالي/الإبداعي الحقيقي.. لكن بذات الوقت هل ينقلب ليصبح جحيماً كما جحيم الكاتب «ستاين»..؟
يتساءل العالم ريدر دو، المعلّم في جامعة أكسفورد: هل يحررنا الخيال أم يبعدنا عن واقعنا وعن الآخرين.. وحتى عن أنفسنا..؟
ما الوسيلة التي تضمن لنا عدم كون الخيال «سجناً للذات في فكرها الخاص».. وعدم تصييره حاجزاً يحول دون الفهم الصحيح والمناسب للواقع والحياة المحيطة..؟
الفن، بمختلف تشكّلاته، يمثل لنا أكبر محرّض لنمو خيالاتنا وتوفير دعم لكل ما هو لامرئي ولامتناهي..
لعلنا نستعيد نتفاً من ذواتنا عبر خيالات تسحب اللامرئي لمساحات وجودنا المرئي..
فالفن «الخيال» وفق إحدى تعريفات جيل دولوز «مرور عبر اللامتناهي لاستعادته».
lamisali25@yahoo.com