وبلغت قيمة الإنتاج الحيواني عام 2010 حوالي /29.733.306/ مليون ليرة سورية بالأسعار الجارية شكلت /38 %/ من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي .
والثروة الحيوانية ليست مصدراً للحوم والحليب والبيض فقط ، بل تنتج الصوف والشعر والجلود وخيوط العمليات الجراحية والعظام والسماد البلدي ، وكثير من المنتجات التي ترتبط بصناعات عديدة ومهمة جداً ، كالصناعات الغذائية والدوائية والتحويلية ، و تطورت اعداد الثروة الحيوانية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة كما تطورت منتجاتها نتيجة زيادة حجم الطلب على منتجات الثروة الحيوانية بفعل تطور الوعي الغذائي وزيادة مستوى دخل المواطن ، حيث من المعروف أن المواطنين يزداد طلبهم على مصادر البروتين الحيواني مع ارتفاع مستوى دخولهم . ورغم أن سورية احتلت مركزاً متقدماً على المستوى العربي والدولي في إنتاج كثير من المنتجات الحيوانية فإن انتاجية الثروة الحيوانية لاتزال متواضعة قياساً على امكاناتها الوراثية ، وخبرة المربي السوري ، وما تملكه سورية في هذا الإطار / إن تم توفير الظروف المناسبة والمنتجة / قادر على نقلها الى مصاف الدول المصدرة للمنتجات الحيوانية .....
أين تكمن المشكلة ؟
إن قدرة قطاع الإنتاج الحيواني على تغطية حاجة السوق المحلية من المنتجات الحيوانية وتوفير فائض تصديري تعتمد على قدرته على تكثيف الإنتاج و تحسين نوعية الحيوانات بدلاً من زيادة أعداد القطعان كما حدث في الماضي حيث إن أرباح
تربية الأغنام سوف تنجم عن التكثيف وزيادة استخدام المواد العلفية التكميلية و الفطام المبكر والمزيد من التكامل بين إنتاج المحاصيل و الإنتاج الحيواني وتحسين كفاءة استخدام مخلفات المحاصيل الزراعية و المحاصيل الصناعية . و سوف يؤدي ازدياد الاعتماد على الأعلاف المستوردة إلى توفر المكونات العلفية مثل الشعير والذرة الصفراء و كسبة القطن بأسعار منافسة، كما أن تحسين نظم إنتاج الدواجن في القطاع الخاص سوف يكون أهم عوامل تطوير الإنتاج .
الأعلاف ... عامل تمكين
إن توفر المواد العلفية يعتبر أهم عوامل تمكين منتجي الثروة الحيوانية السوريين من مواجهة الطلب المحلي و الدولي على المنتجات الحيوانية بنوعيات جيدة و أسعار مناسبة . وتشير الإحصاءات إلى أن المتوسط السنوي لإجمالي الموارد العلفية المحلية المتاحة يبلغ حوالي 8.796 ملايين طن من المواد الجافة في حين ُقدر احتياج الثروة الحيوانية والداجنة المحلية عام 2010 بحوالي 11.685 مليون طن مادة جافة أي ان حجم العجز بالموارد العلفية يبلغ 2.8 مليون طن مادة جافة تكافئ 24.72 % من حجم الاحتياج ومن المرجح ارتفاع الاحتياج العلفي عام 2020 الى حوالي 15.317 مليون طن مادة جافة حيث يبلغ حجم العجز بالموارد العلفية 6.5 ملايين طن تكافئ 42.573 % من حجم الإحتياج . علماً ان حجم الفجوة العلفية من الناحية العملية يتجاوز الأرقام المحسوبة بما لايقل عن 25% وذلك نظراً لانخفاض انتاجية الثروة الحيوانية السورية مقارنة مع مثيلتها في الدول المتقدمة في مجال تغذية الحيوان . فكيف يمكن مواجهة هذا العجز في ظل محدودية الموارد الأرضية والمائية والتي يتنافس الإنسان على استثمار منتجاتها مع الثروة الحيوانية ؟
رغم تنفيذ عدد من برامج الحماية للموارد الأرضية وإعادة الأحياء ومعالجة القضايا البيئية ومشاريع تحسين المراعي وإعادة الغطاء النباتي في البادية , إلا أن سرعة نمو القطيع تفوق وتيرتها جميع الفوائد التي نجنيها من هذه المشاريع
/11/ مليون طن مخلفات زراعية
من الثابت أن متوسط حجم المخلفات الزراعية السنوي في سورية يتجاوز/ 11 / مليون طن من المادة الجافة ، وهي إما ان تستخدم على هيئتها الخام استخداماً غير نافع اقتصادياً أو إنها تهدر وتحرق ، وتشمل تلك المخلفات أتبان القمح والشعير والبقوليات الحبية مثل العدس والحمص والفـول وكذلك مخلفات الشــوندر السكري( نواتج التصريم وتفل الشوندر ) والقـطن ( سيقان وأوراق النباتات والجوزات غير المتفتحة ) والفول السوداني (عروش افول السوداني وأكسابه وقشوره ) والذرة الصفراء والبيضاء ( السيقان والأوراق والقوالح ) ومخلفات الخضار(بقايا نباتات الفول الأخضر والبازلاء وقشورهما ) ومخلفات الصناعات الغذائية ( تفل العنب وتفل البندورة .....) وكذلك مخلفات تربية الدواجن ( فرشة الفروج والزرق المجفف للدجاج البياض ) ، وقد استنبطت الكثير من البحوث والدراسات التطبيقية الدولية والعربية والمحلية طرائق فنية لتحسين استخدام المخلفات الزراعية في تغذية الحيوان تراوحت بين التطبيق الحقلي البسيط من قبل المزارع والتطبيق الصناعي الواسع ..... وقد نفذت برامج البحوث العلمية الزراعية الوطنية تجارب تطبيقية كثيرة ناجحة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على مستوى مربي الأغنام والأبقار والماعز في معظم محافظات البلاد تم خلالها تدريب المربين على تحسين القيمة الغذائية للمخلفات الزراعية المتاحة في مناطقهم وثبت الوفر المالي الكبير نتيجة تبني التقانات الجديدة التي تم استنباطها ، كما تم تأكيد حصول وفر في كميات الأعلاف التقليدية المستخدمة في تغذية المجترات عند إدخالها بنسب محددة مع المخلفات المحسنة القيمة الغذائية ، وإلى جانب ذلك قام بعض المستثمرين المحليين بإشادة مصنع كبير قادر على إدخال المخلفات الزراعية (بعد تحسين قيمتها الغذائية ) بنسب متباينة في خلطات متزنة غذائياً تستخدم في تغذية الأبقار والأغنام والماعز والخيول وغيرها وتصنيعها على هيئة كبسولات (بيليت ) ، إلا أن جهداً ارشادياً كان ينقص الترويج لمنتجات هذا المصنع وتشجيع أصحابه علماً أنه نجح بتصدير جزء من انتاجه الى لبنان الشقيق ، حيث تبنى كثير من المربين هناك هذا النوع من الأعلاف المتكاملة التي تضم كامل احتياج الحيوان من العلف المركز والمالئ ....
إن التوجه لاستثمار موارد محلية مهدورة وتحسين قيمتها الغذائية واستخدامها في تغذية الحيوان تعتبر من الأعمال الخالدة كونها تنقذ الثروة الحيوانية من تراجع الموارد التقليدية للأعلاف ، وتساهم في توفير مزيد من المساحات لزراعة المحاصيل التي تصلح لتغذية البشر وكذلك زيادة المنتجات الحيوانية في الأسواق المحلية وتوفير فائض منها للتصدير وتحسين دخول المربين وتوفير المزيد من فرص العمل بدلاً عن السعي لاستيراد لحوم الجواميس والأغنام من خارج البلاد وما يحمله ذلك من خسارة للاقتصاد الوطني ورفع نسب المخاطر في نقل الأمراض الحيوانية الى الثروة الحيوانية المحلية ...
ما المطلوب؟
والمطلوب من الحكومة الآن تبني برنامج وطني ميداني لتحسين استخدام المخلفات الزراعية في تغذية الحيوان وإيجاد الوسائل والمحفزات لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال إلى جانب الأجهزة الحكومية المعنية، علماً أن تحسين استثمار 50% فقط من حجم المخلفات الزراعية السنوي سوف يغطي حجم الفجوة العلفية القائمة ويوفر المزيد من الأعلاف لأعداد إضافية من الثروة الحيوانية ....