على دور كل من الولايات المتحدة واسرائيل في نشر الفوضى والخراب في سياق ادارة الفوضى التي يقودانها في الدول العربية بوساطة شبكات تجسسية ومنظمات مدنية ومجموعات تكفيرية وتخريبية لخدمة مصالح دول الاستعمار القديم الجديد.
وبالرغم من ان قادة الكيان الصهيوني ومن ورائه الادارة الامريكية يعملون عن اخفاء بصماتهم عن الاعمال التي يقومون بها في اكثر من بلد عربي إلا انهم تجاهلوا ذلك في الحالة السورية واعلنوا نواياهم صراحة من خلال التحكم بقرارات الجامعة العربية وصياغتها في غرفهم التآمرية في بعض الدول العربية الامر الذي كشفته وكالة المقصد الاردنية عندما اكدت ان مقررات المجلس الوزاري العربي الاخير ضد سورية تم وضعها خلال اجتماع حصل في مستوطنة نتانيا حضرته قيادات بارزة في الموساد الاسرائيلي وسفير اميركا لدى اسرائيل ورئيس وزراء دولة عربية وضباط مخابرات من دولة عربية اخرى.
مخططات الموساد تجاه سورية ليست حديثة العهد ولا تقتصر على بث الفوضى فيها وانما تصل الى درجة استهدافها في وجودها والنيل من وحدة ترابها وهذا ما يقر به قادة الكيان الصهيوني في تصريحاتهم حيث كشف ضابط الموساد الاسرائيلي السابق افرايم مارون في تفاصيل حول عمل الموساد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وجود خطة اسرائيلية سرية لتفكيك لبنان وسورية الى دويلات طائفية متصارعة وعقد تحالفات مع بعضها وهي ذات السياسة التي تحاول واشنطن حاليا تنفيذها في مصر من خلال تقسيمها الى اربع دول عبر تمويل منظمات غير حكومية مقربة من جهاز الاستخبارات الامريكية السي اي ايه وتربطها علاقات فضفاضة بالحزبين الجمهوري والديمقراطي الامريكيين.
تقسيم بعض الدول العربية الذي يعد الهاجس الاكبر للموساد والسي اي ايه لا يعني بقاء باقي الدول بعيدة عن شبكات الموساد واجهزة المخابرات الامريكية حيث كشفت تقارير متطابقة مؤخرا ان جهاز الموساد عمل بالتعاون مع سي اي ايه على تجديد نشاط شبكة جواسيسه في تونس خلال العام الماضي لرصد نشاط المعارضة التونسية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني واحداث قلاقل في تونس بهدف تعطيل اي خطوة لاقامة تحالفات استراتيجية مع اطراف تعتبرها اسرائيل واميركا خارجة عن بيت الطاعة اضافة الى مراقبة وتعطيل ما تبقى من نشاط فلسطيني في تونس.
ولم تقتصر تحركات الموساد في تونس على ذلك بل وظفت شبكاتها التجسسية لمراقبة ما يجري في ليبيا والجزائر حيث اكدت صحيفة المصور التونسية ان نشاط جواسيس الموساد يشمل ايضا مراقبة التحولات في الجزائر تمهيدا للتدخل وبث الفوضى فيها على غرار ما حصل في ليبيا وذلك بعد شهرين من كشف القيادي في الاتحاد النقابي العمالي بالولايات المتحدة الان بنجامين عن وثيقة امريكية تحوي مخططا لتشكيل مجلس انتقالي في الجزائر بتواطؤ مع اطراف داخلية عميلة لها على غرار المجلس الانتقالي الليبي.
وتظهر خطورة هذه الوثيقة الامريكية واشتراك الموساد الاسرائيلي فيها ومراميها من خلال اعترافات الصهيوني برنارد هنري ليفي الصديق الوثيق الصلة بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والعاشق للكيان الصهيوني في كتاب جديد حمل عنوان الحرب دون ان نحبها والتي كشف فيها بانه هو صانع ما جرى في ليبيا ومدبره وانه كتب بيانات المجلس الانتقالي الليبي وحرك دفعات المال وشحنات السلاح من كل مكان الى ليبيا.
ويرى مراقبون ان خطورة عملاء الموساد والسي اي اي هو شبكاتهما التجسسية في الدول العربية ازدادت في الآونة الاخيرة مستغلة حالة الفراغ السياسي والامني حيث تمكن هؤلاء غبر تحالفات سرية مع بعض الدول العربية من اختطاف الجامعة العربية وتوجيه قراراتها لاشاعة الفوضى في الدول العربية واستجرار التدخل الخارجي في قضاياها الداخلية الامر الذي اكده الصهيوني هنري ليفي عندما اعترف انه كان السبب في توظيف الجامعة العربية لتكون جسرا لوضع ليبيا في سلطة مجلس الامن كي يطبق فرض حظر جوي انتهى بالطريقة التي رآها العالم قبل ان تتسبب بمقتل اكثر من 130 الف ليبي وتترك الاراضي الليبية مسرحا لميليشيات متناحرة ومتنازعة.
وابتدع جهازا الموساد والسي اي ايه مسميات لاختراق المجتمعات عبر مجموعة من الجمعيات الاهلية التي تغطت بدعوات نشر الديمقراطية لينفذوا من خلال مخططاتهم التآمرية نشر الفوضى في الدول العربية وهذا ما كشفه موقع ويكليكس حول تمويل المنظمة المغربية بمركز حرية الاعلام المغمورة من برنامج مبادرة المشاركة الشرق الاوسطية ميبي الخاضع للخارجية الامريكية والتي تقوم بالتنسيق مع 5 منظمات اهلية مصرية اخرى ممولة من السي اي ايه والخارجية الامريكية ناهيك عما كشفته لويزة حنون الامينة العامة لحزب العمال اليساري الجزائري حول تمويل السي اي ايه والموساد لاربع جمعيات جزائرية من اجل تنفيذ اجندات تخدم المصالح الخاصة التي تنشر الفوضى في المجتمع الجزائري.
وبالنتيجة يجمع المراقبون على ان تحويل الجامعة العربية الى اداة لتنفيذ المخططات الغربية الاميركية هو الامر الاكثر خطورة في الوضع الراهن.