من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية لولا الغطاء الأميركي ومن قوى عظمى ترى في النموذج الاجرامي الصهيوني (سياسة ) تريد فرضها على دول المنطقة وترهيبها وتركيعها لتمرير المشاريع التي تخطط لها في الشرق الأوسط.
منذ أكثر من خمسين عاماً و(إسرائيل) تمارس جرائم الحرب ضد أبناء الأمة العربية, وخصوصاً الشعب الفلسطيني , وارتكبت مجازر بشعة بدءاً من دير ياسين مروراً ببحر البقر في مصر وقانا في لبنان, وصولاً إلى المذابح التي ترتكبها اليوم وبدم بارد ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة, وقصف طائراتها الحربية لمراكز السلطة الفلسطينية, واصطياد الكوادر والمناضلين من حركتي فتح وحماس ما هي حلقة في مسلسل الجرائم الصهيونية التي تنفذ على مرأى ومشهد من المجتمع الدولي الذي يصاب بالخرس والصمت المريب أمام هذه الدموية والبربرية الاسرائيلية.
لقد أضحى واضحاً للعيان أن العمليات الاسرائيلية الغاشمة تستهدف إحداث عقاب جماعي للشعب الفلسطيني بكامل أطيافه شاملاً المدنيين الأبرياء. وقد أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن ما يقوم به الجيش الاسرائيلي ليس نابعاً من ضرورة واضحة, ولا حتى ناجماً عن حاجة بديهية عسكرية, إذ إن سلسلة الأعمال العسكرية تشمل قتل الكثير من المدنيين, وتدمير الممتلكات المادية للشعب الفلسطيني والاحتجاز غير المشروع والتعذيب وكافة المعاملات غير الإنسانية التي تم ويتم فيها خرق واضح لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي.
ف(اسرائيل) بإجراءاتها العدوانية هذه تكون قد ضربت عرض الحائط بكل القواعد القانونية الدولية, فارضة هيمنتها وسيطرتها على كافة الأراضي العربية المحتلة مدعية ومتسترة ودون وجه حق ب(متطلبات الأمن الإسرائيلي) أو (حق الدفاع عن النفس ) الذي شوهت مفهومه السياسي بل ووسعت نطاق التعامل به بصورة غير مقبولة على الإطلاق .
من هنا, وكنتيجة لخروقاتها الواضحة لاتفاقات جنيف وغيرها العديد من الاتفاقيات الدولية ما زالت (اسرائيل) ومن واقع الممارسة على الأرض تعتبر نفسها (فوق القانون) ولا تعير أدنى اهتمام لكافة النداءات العالمية سواء صدرت عن دول العالم أم عن المنظمات الرسمية أو عن المنظمات غير الحكومية المدنية.
إن هذا الفعل الدموي الإسرائيلي لن يتوقف طالما تجد (اسرائيل) الخارجة عن القانون الغطاء الدولي, ومن دولة عظمى تبرر ما تفعله من مذابح تحت غطاء المبررات الأمنية.. وما هي تلك المبررات التي تدعو (اسرائيل) إلى تشديد آلاف الفلسطينيين من منازلهم و هدمها واقتلاع المزارع وقطع أوصال الحياة في مجتمع يئن تحت نير احتلال استيطاني يريد استئصال أصحاب الأرض و اقتلاعهم من جذورهم لزرع مجرمين محترفين جاء بهم من مختلف أركان المعمورة لمواصلة مسلسل الموت والدمار!
ندرك جيداً أن هناك من يقف درعاً حصيناً يصد الهجمات نيابة عن (اسرائيل) و نعرف أن الولايات المتحدة لم تعد تكتفي بالانحياز الأعمى إلى جانب (اسرائىل) بل أضحت تبرر جرائمها ومجازرها وتمنع الأسرة الدولية من مجرد توجيه الانتقادات لها.
وإذا كان كل قتل ارهاباً مع الفارق في الأسلوب فقط, فإن سلاح (الفيتو) الذي تشهره إدارة بوش وتقطع بسيفه رؤوس مشاريع القرارات والشكاوى المرفوعة إلى مجلس الأمن الدولي ضد (اسرائيل) يندرج بكفاءة في هذه الخانة. وإذا ما بقي المسرح خالياً لها, كما هي الحال الآن, كي تمعن في تصنيف الإرهاب حسب المواصفات الملائمة لها ولاسرائيل, وتتمادى هي وشريكتها في ممارسة ارهابهما- هي في مجلس الأمن و(اسرائىل) في الأراضي المحتلة- وفرضه بالإكراه والعسف على العالم, بادعاء أنه امتياز أوحقق دفاع مزعوم, فعندئذ على النظام الدولي ومؤسساته ألف سلام.
لكن ما يجب أن نستغربه فعلاً هو هذه اللامبالاة التي نشهدها على الساحتين العربية والدولية, وكأننا اعتدنا على مشهد المجزرة المستمرة. ولأن ا لمقدمات الخاطئة تؤدي إلى النتائج الخاطئة, فإن كل ما تقدم سيؤدي إلى تمادي الحكومة الاسرائيلية في سياستها وممارستها الارهابية وهكذا فإن الدعم الأمريكي لاسرائىل والتراخي الدولي والعجز العربي جعل حكومات (اسرائىل) المتعاقبة وخاصة حكومة ايهود اولمرت- تتأكد من أنها بمنأى عن أي عقاب مهما كانت جريمتها بشعة.
و.. إذا كانت (اسرائيل) تشعر أنها فوق العقاب وفي منأى عن المحاسبة الدولية, أفلا يعني ذلك أنها ستستمر في ممارستها, بل ستزيد (العيار) المرة تلو الأخرى?!
أصبح اقتحام المسجد الأقصى حدثاً عادياً لا يلقى أدنى التفاتة من الأسرة الدولية, وربما ستكون الخطوة اللاحقة تدمير هذا المسجد المقدس لإقامة ما يزعمون أنه الهيكل!.
وأصبحت سياسة الاغتيالات واستخدام الطائرات المقاتلة لنسف البيوت ودكها فوق رؤوس ساكنيها أمراً يومياً لا يستحق الوقوف عنده, كذلك هي الحال بالنسبة لحالة الحصار المفروضة على شعب كامل. وماذا بعد? ماذا بعد كل ذلك? اليوم يبدو أن الدور جاء على عرب فلسطين عام 1948 ويعاملون معاملة المواطنين من الدرجة العاشرة, وهناك من يطالب, داخل الحكومة الاسرائيلية بوضع اشارات على صدورهم لتمييزهم عن اليهود وبالتالي لمعاملتهم على هذا الأساس.
ليس هذا فحسب بل إن هناك مؤشرات قوية توكد أن (اسرائيل) ستقوم بطرد هؤلاء العرب من أراضيهم وبيوتهم ودفعهم إلى الرحيل نحو الأردن أو الدول العربية أو أي مكان آخر.
من يضمن ألا تقوم (اسرائيل) بذلك, إن لم يكن اليوم فغداً?!.
وها هو أولمرت يعد في مرحلة أولى بطرد عشرات آلاف الفلسطينيين القاطنين داخل ما يسمى (الخط الأخضر) إلى الضفة الغربية بعد انجاز جدار الفصل العنصري.
من قال: إن مجزرة دير ياسين انتهت? ومن قال: إن مجازر قبية واللد والرملة و كفر قاسم وكفر برعم أضحت حدثاً من الماضي?.
إن المجزرة مستمرة.. والعالم أجمع يتابعها متلفزة لكنه لا يحرك ساكناً بانتظار ما هو قادم. وإذا لم يقف العرب وقفة رجل واحد اليوم فلا يتوقع أحدكم أن يقف العالم معنا وتصورا ما قد يخرجه الارهابي الصهيوني من جرابه غداً, عندما يتأكد أن العالم سيظل في غيبوبة طويلة, وأن العرب يتسابقون لإرضاء من يحمي الإرهابي الصهيوني!!.