سيدي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، اسمح لي أولاً أن أهنئك بشأن الخطاب التاريخي الذي أدليت به في جامعة القاهرة (في الرابع من حزيران الماضي) لقد قرأته باهتمام كبير، ولهذا السبب أخذت على عاتقي أن أكتب لك قائلاً إلى أي مدى أشاطرك التوجه العام في سياستك من جهة وإلى أي مدى صدمت أمام بعض اقتراحاتك.
لقد ذكرت في خطابك أن «العراقيين الذين تحرروا من استبداد صدام حسين يعيشون بشكل أفضل» أنا لست متعاطفاً مع نظام صدام حسين ومع ذلك، لابد من الاعتراف أن العراقيين كانوا يعيشون في ظل نظامه بشكل أفضل مما يعيشونه في ظل الاحتلال الأمريكي الذي أثار الفتن الطائفية والعرقية، والذي دمر أيضاً العلاقات الاجتماعية للشعب العراقي تاركاً إياه فريسة للفساد و عدم الأمان والفقر بكل معنى الكلمة، دافعاً أكثر من 4 ملايين نسمة من بينها النخبة العلمية لمغادرة بلدها ومقتل مليون أيضاً.
وبشأن المأساة الفلسطينية فقد دعمتم «اجتذاب اليهود» إلى أرض ليست لهم لكن ليس لدى هؤلاء اليهود الذين احتلوا فلسطين أدنى حق في هذه الأرض، حيث طردوا شعبها بالقوة وبدعم من الدول الغربية، والفلسطينيون أنفسهم ليسوا مسؤولين أبداً عن معاداة السامية التي يعانيها اليهود حتى يتحملوا امتناع العدالة عن الحكم وحسب تعبيركم «فهم لم يعانوا ليحصلوا على أرض» لكن لكي يستعيدوا أرضهم، والاختلاف واضح في ذلك.
وأدرك تماماً أنه من المتعذر أن يفرض على يهود إسرائيل العودة إلى دول منشئهم وخلافاً لدعوتكم بالاعتراف «بشرعية إسرائيل» فإن الكيان الصهيوني كان وسيظل غير شرعي مادام مبنياً دائماً على التمييز الديني وليس على الشرعية المواطنية.
فهذا الكيان شبيه بطفل غير شرعي حسب اعتراف المؤرخ الاسرائيلي (شلوموساند).
وليس المقصود بذلك (قتل هذا الطفل) إنما التوصل إلى طريقة تعايش سلمي معه والمسألة هنا لم ولن تكون بمنحه حقوقاً أكثر من الطفل الشرعي.
على كل حال، التحدث حسب الأحداث عن «شعب يهودي» يعني الاعتراف ضمنياً بوجود «شعب مسلم» و «شعب مسيحي» من حقهما أن تكون لهما أرض خاصة لهما وهذا يعني وجود أمم وشعوب بانتماءات دينية مختلفة.
لقد صدمت عندما قرأت في خطابكم حول التنديد بالمقاومة المسلحة ضد المحتل الاسرائيلي «تطلق بصواريخها على أطفال نيام وتفجر باصاً يقل نساء مسنات» دون إدانتكم في الوقت نفسه وبنفس الشدة جرائم القتل الاسرائيلية لعشرات الفلسطينيين، ودون الإشارة إلى آلاف المدنيين الأبرياء ضحايا الأعمال العدوانية للجيش الاسرائيلي الذي تزوده الولايات المتحدة باستمرار بالأسلحة، إنني ضد أعمال العنف بمختلف أشكاله مع ذلك ليس من العدل أن تضعوا المعتدي والمعتدى عليه على كرسي الاتهام نفسه.
نقطة الشقاق الأخيرة وتقديركم لها وهي مسألة غطاء الرأس عند النساء المسلمات، لقد أكدت بحق في خطابك حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب لكن الشيء المدهش في هذا الصدد ، أنك أهملت هذا الفرض واعتبرته مسألة دينية تتعلق بكتابهم دون ربطه بالقضاء والاخلاق.
أخيراً آمل أن يكون لديك حكماً أكثر إنصافاً حول هذه المسائل جميعاً.
7/7/2009