تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الــــورود .. تتحـــدى عتمــة الأيــام!

هذا جولاننا
الأثنين 13-7-2009م
ميساء الجردي

تعلن أزهار الجولان عن نفسها بقوة، رغم شتاء الهموم والمصاعب التي يسببها الاحتلال للطبيعة وللإنسان.

ويأتي ربيعها في كل عام مبكراً أكثر مما اعتاد عليه الناس الآخرون حاملاً معه رائحة الورود البرية لقلوب مفعمة بالأمنيات فيتجدد عهد العطاء والبقاء.‏

أزهار يمتعون نظرهم بها، وأخرى يؤمنون بقدرتها العجيبة في الشفاء، يقول أبو عماد أحد فلاحي جباتا الخشب، إن فترة ظهور الأزهار في الجولان من أجمل ماقد يراه الانسان في الطبيعة، وذلك لكثرة النباتات المتنوعة والأزهار التي تنبت به، ولطول فصل الربيع فيه الذي يمتد من شهر شباط في الجنوب حتى حزيران وتموز في جبل الشيخ، ومن أشهر أزهاره السوسن وشقائق النعمان.‏

وقد اعتدنا أن نذهب إلى الحقول والأحراش القريبة لجمع أنواع من النباتات البرية ثم تجفيفها وحفظها كعلاج لبعض الأمراض مثل الزعتر البري وشقائق النعمان، حيث يغلى ويسقى في حالات السعال الديكي ونزلات البرد، وعصا الراعي التي يطبخها البعض مع الأرز وهي عادة كانت قديمة جداً، وهناك البابونج المعروف والمرغوب لتنوع استخدامه، والميرمية التي تغلى وحدها أو تضاف إلى الشاي، بالإضافة لعشرات الأنواع التي استخدمها أهلنا القدماء للشرب أو للأكل مثل الشومر التي تنبت بعلاً حول مناهل المياه وتستخدم لعلاج المعدة، ومثل العكوب والخبيزة، أكلات يعتمد عليها ونحبها نحن الجيل القديم.‏

أرض الربيع والشفاء‏

ويعتز أبو عماد بنفسه لأنه ابن هذه البقعة الخيرة من الأرض السورية التي حباها الله بغطاء نباتي من الأزهار والأعشاب يدوم طوال أشهر السنة وينعش النفوس، وينسي الهموم، ويغني عن الذهاب إلى المراكز البعيدة والمدن بحثاً عن الأطباء والعلاج.‏

قائلاً: تبدو هذه المنطقة في الربيع كحقل من الزهور، تتوزع ألوانها على مختلف ألوان الطيف، ولعل أجمل الأزهار هي زنبقة الجولان المميزة بشكلها ولون زهرتها، وهي تنمو بكثرة في الأحراش ولكن الأهالي يزرعونها اليوم أمام بيوتهم وبالقرب من مداخل الأزقة والحارات.‏

الورد رفيق دربهم‏

ومن ذلك التنوع العجيب في المناخ والتربة الذي يخلفه فرق الارتفاعات بين الجبال والهضاب، تفرش الأرض الجولانية بساطها الملون والمزركش بشقائق النعمان، التي تبهر الأنظار بلونها الأحمر القرمزي، وهي تتعانق مع قلوب زهرة الزوزو بلونها الزهري الفاتح، فتبدو البراري باقة من الورود الطبيعية التي تتخللها غصون النباتات الخضراء.‏

فكثيراً ما كانت أم أحمد طه تستيقظ باكراً لتمتع صباحها بنسائم العطر التي تعبق من الحقول والهضاب القريبة، وكانت أصابعها تداعب زهرات النرجس المزروعة في (خابية) جرة من الفخار عند مدخل البيت وتحدثنا أم أحمد عن جمال الورد الجولاني وأنواعه ومعانيه قائلة: زهرة النرجس البيضاء للصباح، وزهرة البنفسج للمساء، والزنبق نضعه في أحواض كبيرة أو نستخدم تنك الزيت الفارغة لزراعته، ونحن النساء نتبادل الشتلات والبصيلات من أنواع مختلفة للورود، حتى لايخلو منزل من هذه الأنواع... ولا حاكورة من بعض الورود الجورية الحمراء والصفراء والبيضاء، فالأزهار الجولانية أصيلة من أصالة هذه الأرض، وقديمة من تاريخها ورفيقة درب في كل المناسبات، نرشها في أفراحنا على الضيوف ترحيباً بهم ونقدمها للصبايا والشباب في حفلات الخطوبة والزواج، ونكلل بها شهداءنا لنغمر أجسادهم بعطر وتراب الجولان الذي من أجله قدموا أغلى مايملكون.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية